د.محمد صالح يكتب: إعادة هيكلة رخص القيادة فى مصر
الأرقام والبيانات الرسمية تكشف أن شبكة الطرق القومية إستحوذت على النصيب الأكبر من حجم أعمال المشروعات القومية التى قامت الدولة بتنفيدها خلال السنوات القليلة الماضية، حيث بلغ إجمالى عدد المشروعات 1634 مشروعاً ، بإجمالى تكلفة 377 مليار جنيه حتى عام 2024، وتم الانتهاء من تنفيذ عدد 808 مشروعات بإجمالى تكلفة 218,5 مليار جنيه وجار تنفيذ عدد 673 مشروعًا بإجمالى تكلفة 101,5مليار جنيه، ومن المخطط تنفيذ 153مشروعًا بتكلفة 57 مليار جنيه .
كما عززت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية خطة الهيئة العامة للطرق والكبارى للعام المالى 2020/2021 بمبلغ 450 مليون جنيه، وذلك في إطار حرص الوزارة على إزالة المعوقات التى قد تؤثر سلبًا على سير العمل بمشروعات الطرق والكبارى التى تقوم بتنفيذها وزارة النقل .
ورغم ضخامة هذه الأرقام ، إلا أن تلك المليارات معرضة للضياع بسبب كثرة حوادث الطرق خاصة ما يحدث منها بسبب أخطاء السائقين والذين حصلوا على رخص القيادة بدون وجه حق من خلال الوساطة والمحسوبية وأشياء آخرى ؟!!.
لذلك أقترح أن يتم إعادة النظر فى أساليب منح رخص القيادة فى مصر ، بحيث يتم الغاء الرخص السارية حالياً كلها فى خلال ثلاث سنوات ، على أن يتم إعادة تعليم القيادة لغير المحترفين ، من خلال الحاقهم بمدارس متخصصة فى كل المحافظات ، واعطائهم دورات تدريبية ومحاضرات لتعريفهم بكل فنيات القيادة والتعامل مع الطرق والبشر والإحتياطات والإسعافات الأولية وطرق الصيانة والتعامل مع الطوارىء التى قد تحدث أثناء القيادة على الطرق سواء الداخلية أو السريعة .
على أن يتم فى نهاية الدورة إجراء الاختبار الفنى فى القيادة للمتقدمين للحصول على الرخصة وهذا يتطلب أن يكون صاحب الرخصة حاصلاً على شهادة محو الأمية على الأقل ، ويجب أن تتوافر مع إجتياز هذه الدورة اللياقة الصحية للسائق، وذلك من خلال فحص فى مراكز معتمدة، من الإدارة العامة للمرور للكشف عن تعاطيه للمواد المخدرة.
وأتمنى أن يتبنى السادة الأعضاء فى مجلس النواب هذا الإقتراح ويتقدمون بها ضمن مشروع قانون المرور الجديد الذى يناقش حالياً تحت قبة البرلمان ، ومن المنتظر إقراره خلال الدورة البرلمانية الحالية .
وبمناسبة الحديث عن مجلس النواب الموقر – الذى تشرفت بعضويته من قبل خلال دورة 2000 – 2005 ، نشير إلى التناقض الذى حدث بشأن قانون المرور ، ففى الوقت الذى تقدمت فيه الحكومة بمشروع قانون المرور والذى يتضمن مجموعة من الإجراءات الصارمة لاستخراج رخص القيادة، ومنها ألا يقل سن الطالب عن 18 سنة ميلادية بالنسبة للرخص الصادرة، بغرض الاستخدام الخاص أو التدريب عليها، وعن 21 سنة ميلادية بالنسبة للرخص الصادرة بغرض الاستخدام المهنى أو التدريب عليها.
والمفاجأة أننا فوجئنا منذ أسابيع ، بقيام البرلمان نفسه ومن خلال مقترح تقدم به بعض الاعضاء بالموافقة على تعديل شروط ترخيص الموتوسيكل وتخفيض سن منح رخصة القيادة للدراجات البخارية من 18 إلى 16 سنة .
وفى رأيى الخاص أن النزول بسن منح رخص القيادة لمثل هذه المركبات يعد كارثة بكل المقاييس حيث أن الأولاد فى هذه السن الصغيرة لديهم روح المغامرة التى تصل لدرجة التهور والتى تسبب كوارث خطيرة من بينها وفاتهم والحاق الضرر بأرواح البشر والممتلكات الموجودة بأماكن الحوادث وغيرها .
المفاجأة التى نكشف عنها ، أن البرلمان أخطأ عندما أقر السماح بالنزول بالسن من 18 الى 16 سنة ، لأن هذا الإجراء كان يتطلب قبل الموافقة عليه إجراء تعديلات على قانون الطفل للسماح بمنح الترخيص لمن بلغ 16 عامًا وليس 18 عامًا فقط، حيث أن القانون الحالى يجرم منح رخصة قيادة لمن هم أقل من 18 عامًا، وذلك حتى يكون هناك تناغم قانوني بين السن المحدد في قانون المرور في ثوبه الجديد والسن المحدد في قانون الطفل .
على الجانب الآخر ، نشير إلى كارثة قد تؤدى لإلحاق أشد الضرر على شبكة الطرق والكبارى الجديدة التى تكلفت مئات المليارات من الجنيهات ، وهى إستمرار عمل المقطورات ” التريللات ” على الطرق المصرية .
ومن المؤسف القول إنه رغم مرور 13 عاماً على صدور القانون 121 لسنة 2008، الذى ورد فى مادته السادسة إلغاء ترخيص، وتصنيع، وتسيير المقطورات مع إعطاء أصحابها مُهلة 4 سنوات للتنفيذ، تقلّصت تلك المُهلة بعد صدور القانون بعام واحد لتُصبح سنتين فقط، لكن على مدار الـ13 عاماً كان لأصحاب المقطورات الكلمة العُليا، والأخيرة فى تأجيل تنفيذ القانون، ومد مُهلة توفيق الأوضاع عدة مرات، بعد تهديدهم مرارًا وتكرارًا بالإضراب عن العمل ووقف حركة نقل البضائع لخلق ارتباك فى الأسواق.
هذا الأمر يفتح الباب أمام الكثيرين للمطالبة بالكشف عن أسباب سعى الحكومة إلى ترك المقطورات، وهى متهم وسبب رئيسى فى وقوع الحوادث وإراقة دماء آلاف الأرواح من المصريين سنويًا، تسير على الأسفلت ؟!! .
ياسادة .. هذه بعض الأراء والمقترحات أردت التقدم بها لمن يهمه الأمر ، وأتمنى أن يتم وضعها فى الإعتبار قبل إقرار قانون المرور الجديد فى مجلس النواب حفاظاً على أرواح الناس علاوة على حماية الإستثمارات التى تقدر بمئات المليارات وتم إنفاقها على شبكة الطرق والكبارى الجديدة فى مختلف المحافظات .