الطائرات المسيرة الإيرانية.. “التهديد الأخطر” من البرنامج النووي
فرضت الخزانة الأميركية عقوبات جديدة تتصل ببرنامج الطائرات المسيرة الإيراني الذي وصفته بأنه يمثل تهديدا للاستقرار الإقليمي، ويرتبط بهجمات تشنها جماعات تدعمها إيران وتستهدف القوات الأميركية وحلفائها، والملاحة الدولية في منطقة الخليج.
وتنقل صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين غربيين قولهم إن الطائرات المسيرة تمثل تهديدا خطيرا مباشرا أكثر من برامج التخصيب النووي والصواريخ الباليستية الإيرانية.
وتقول الصحيفة إن هذا الإجراء الذي اتخذته إدارة الرئيس جو بايدن، الجمعة، بحق شركتي كيميا بارت سيفا وأوجي برفاز مادو نفار ومديريها التنفيذيين، يمثل بداية حملة ضد تطوير إيران للطائرات بدون طيار وبرامج الصواريخ الموجهة بدقة.
وتقول الولايات المتحدة إن الشركتين اشترتا محركات طائرات بدون طيار ومكونات أخرى للحرس الثوري الإسلامي، المصنف إرهابيا لدعمه المالي واللوجستي والاستخباراتي للمتشددين في منطقة الشرق الأوسط.
وأورد بيان للخزانة الأميركية أن فيلق القدس المسؤول عن العمليات الخارجية للحرس الثوري الإيراني “استخدم طائرات مسيرة فتاكة وساعد في انتشارها بين جماعات مدعومة من إيران” بما فيها حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية والحوثيين اليمنيين “وكذلك في إثيوبيا حيث تتفاقم الأزمة وتهدد بزعزعة استقرار المنطقة بأسرها”.
وأضاف البيان أن “طائرات مسيرة فتاكة استخدمت في هجمات استهدفت سفنا دولية وجنودا أميركيين”.
وقال والي أدييمو، نائب وزير الخزانة: “انتشار الطائرات بدون طيار الإيرانية في جميع أنحاء المنطقة يهدد السلام والاستقرار الدوليين. ستواصل وزارة الخزانة تحميل إيران المسؤولية عن أعمالها العنيفة وغير المسؤولة”.
وألقت الولايات المتحدة وحلفاؤها باللوم على إيران ووكلائها في شن هجمات بطائرات مسيرة على القوات الأميركية وحلفائها الإقليميين، بما في ذلك ضد قاعدة أميركية في سوريا الأسبوع الماضي، وضد البنية التحتية الاستراتيجية للطاقة والشحن الدولي.
ويقول مسؤولو دفاع غربيون، تنقل عنهم وول ستريت جورنال، إن قدرة طهران المتطورة بسرعة على بناء ونشر طائرات بدون طيار تغير المعادلة الأمنية في منطقة هي بالفعل على حافة الهاوية.
وقد ظهرت قدرات الضربات الدقيقة الإيرانية عام 2019 عندما أدى هجوم بطائرة بدون طيار إلى توقف نصف إنتاج النفط الخام للسعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم. وقد ألقت الولايات المتحدة باللوم على طهران.
وقال مسؤولون أميركيون إن السعودية تعرضت للهجوم أكثر من 100 مرة في الأشهر الأخيرة بصواريخ باليستية وأنظمة جوية بدون طيار وطائرات صغيرة بدون طيار وصواريخ كروز أطلقها وكلاء إيرانيون (الحوثيون) في اليمن.
كما تشعر إسرائيل، حليفة الولايات المتحدة، بالقلق من إمكانية استخدام حزب الله، المدعوم من إيران، قدراته الدقيقة لضرب أهداف محلية مهمة من قاعدته في لبنان المجاور.
وقال مسؤولون إسرائيليون ومحللون أمنيون، بحسب الصحيفة، إن تقنيات الطائرات بدون طيار الإيرانية استخدمتها أيضا حركة حماس ضد إسرائيل، في مايو الماضي.
وفي 2018، طالبت ورقة أكاديمية نشرتها الجامعة الإيرانية العليا للدفاع الوطني، بجعل إنتاج الطائرات بدون طيار أولوية استراتيجية، معتبرة ذلك وسيلة فعالة لتعزيز القدرات القتالية للجيش الإيراني.
وقال بهنام بن طالبلو، الزميل البارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، ومقرها واشنطن، إن عقوبات الجمعة “خطوة ضرورية، ولكنها ليست كافية نحو الرد على هجمات الطائرات بدون طيار في العراق وسوريا، فضلا عن إعاقة التهديدات الجوية الإيرانية”.
ورجوعا لعقوبات الجمعة، فقد أدرجت وزارة الخزانة أيضا جنرال في الحرس الثوري الإيراني متورطا في برنامج الطائرات بدون طيار، ورجلين قاما بأعمال لصالح الشركات، بما في ذلك شراء قطع غيار من الخارج.
وبموجب العقوبات، تم تجميد أصولهم في الولايات المتحدة وسيمنعوا من الوصول إلى النظام المالي الأميركي، بينما تحظر على الأميركيين عموما الدخول في معاملات معهم أو معاملات تخص ممتلكاتهم المحظورة.
وتأتي هذه العقوبات بعدما أعلنت إيران استعدادها لاستئناف المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة -والمتوقفة منذ يونيو- في نوفمبر المقبل لإنقاذ الاتفاق الدولي حول برنامجها النووي.
وتهدف هذه المحادثات خصوصا إلى رفع العقوبات التي تفرضها واشنطن، في مقابل عودة طهران إلى التزام القيود التي نص عليها الاتفاق.
تريد طهران رفع جميع العقوبات، لكن إدارة بايدن قالت إنها لن ترفع سوى تلك المفروضة على القطاعات الاقتصادية التي تقول إنها غير مرتبطة بالإرهاب أو برامج الأسلحة.
وفي المقابل، ندد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، بعقوبات الخزانة الأميركية.
وقال خطيب زاده، في بيان: “الإدارة التي تتحدث عن نيتها العودة إلى الاتفاق النووي، ولكنها تتبع خطى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، تبعث برسالة مفادها أنها ليست جديرة بالثقة”.