هموم داعية.. بقلم فضيلة الشيخ: سعد الفقي
في بدايات الكتابة كنت غشيما هذه حقيقة فلم أكن أفرق بين المعقول واللا معقول وكان لابد من التعثر والوقوع في المطبات، وربما كان ذلك مما ساهم في صقلي علاوة علي توجيهات الكبار من الكتاب ممن عرفتهم.
صحيح ماخاب من استشار، لا انسي يوم إن كتبت مقالا في جريدة الشعب في شهر ديسمبر ٨٩ بعنوان (هموم داعية) كنت أماما صغيرالسن والخبرة في الحياة.
عددت في هذا المقال آلام تعتريني، وأمال أتطلع، اليها لست وحدي ولكن لكل من هم علي وتيرتي، كتبت متحسرا علي الخمسة جنيهات اليتيمة التي كنت اتقاضاها (بدل اطلاع) وهو مبلغ زهيد كنا نحصل عليه لشراء مايلزمنا من كتب ومراجع.
ولم اكن ادري ماينتظرني من مصير مؤلم وجزاء سنيمار المهندس الذي شيد قصرا انيقا وبدلا من تكريمه جوزي بالإعدام حتي لايشيد قصرا آخر، وفور نشر المقال صباح الأحد انهالت التليفونات من الديوان العام بالوزارة الي المديرية.
الكل كان يتسابق لتقديمي قربانا بدايه من أصغر عامل إلي مدير المديرية الله يرحمه، ولم تقف بجانبي إلا سيدة فاضلة مازالت علي قيد الحياة وكانت مديرة للشئون المالية وكانت ست بمائة رجل كما يقولون.
يومها كنت أراها والدموع تنساب علي وجنتيها وكنت استشعر عطفها وأشفاقها علي شخصي الضعيف وكان سؤالها لمن حولها، ماذا فعل حتي يلقي هذا المصير المؤلم بنقله الي ديوان عام الوزارة بباب اللوق.
المهم انني استسلمت للآمر وحملت خطاب النقل وتوجهت في اليوم التالي لتسليم نفسي بالديوان واتذكر مقابلة الراحل الدكتور/ عبدالله عبد الشكور وكان رئيسا للقطاع الديني، واشهد الله انه كان نبيلا طيب القلب بل كان يخفف من روعي وألمي.
وبعد أن ناقشني في فحوي المقال إذا به يقول لك (مهمة عندي) فقد كان يكتب مقالا اسبوعيا في جريدة النور التي كان يصدرها الحمزة دعبس، وطلب مني ان ارتب له المقالات التي نشرها لسنوات مضت، ثم كان اللقاء مع الوزير الدكتور/ محمد علي محجوب الذي اجلسني امامه وراح يعدد الانجازات التي قام بها وتمت في عهدة.
والغريب انه فور نقلي إلى ديوان عام الوزارة ذهب إلى الدقهلية والتقي أئمة المساجد ومنحهم خمسون جنيها للمجهودات التي قاموا بها.
وأغلب الظن انه توجس ان يكون لهم معي موقفا تضامنيا وهو لم يحدث بالتأكيد، ومكثت بالديوان العام أكثر من شهر تقريبا تعارفت فيه علي اصدقاء منهم من رحل عن دنيانا ومنهم ممن حرصت علي السؤال عنه وحتي اليوم.
ثم صدر قرار الوزير بالأفراج عني وعودتي إلى مسجدي الذي كنت أعمل فيه. ولا انسي أبدا الشيخ /عبد الله فوزي مفتش المساجد الذي رفض تنفيذ خط السير بالمرور علي المسجد ولحين عودتي، رحمه الله فقد كان نبيلا وصاحب ابتسامه عريضه لاتفارق وجهه.