المرشحون لرئاسة ليبيا.. سباق ساخن بحسابات داخلية وخارجية معقدة

يترقب الداخل والخارج، وسط حسابات سياسية واقتصادية معقدة، موعد إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة في ليبيا، 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل.

وتجري الانتخابات المقبلة، وسط خلافات حول قوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، فضلا عن تدخلات إقليمية ودولية قائمة بلا شك، قد يكون لها تأثيرها على النتائج النهائية للسباق الرئاسي المرتقب.

ومن المتوقع فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية، خلال الأيام المقبلة، والتي من المتوقع أن يشارك في عملية التصويت بها نحو 3 ملايين ناخب ليبي داخل البلاد وخارجها.

وتحظى طرابلس بدعم دولي واسع، عبر عنه مؤتمر دعم استقرار ليبيا، الأسبوع الماضي، بمشاركة 27 دولة، و 4 منظمات إقليمية ودولية؛ لإجراء الانتخابات في موعدها، كخطوة أولى نحو الاستقرار السياسي في البلاد.

“صالح” و”حفتر”

يعد رئيس مجلس النواب الليبي الحالي “عقيلة صالح”، من أكثر الطامحين للوصول إلى كرسي الرئاسة، بعدما نجح في الحفاظ على منصبه خلال الفترة الماضية.

وتعد زياة “صالح” إلى الجزائر، الشهر الجاري، محاولة جس نبض للجارة القوية تجاه ترشحه للانتخابات الرئاسية، وإمكانية الحصول على دعم إقليمي لحملته الانتخابية .

وتبدو فرص “صالح” متواضعة في حسم السباق الرئاسي، كونه خسر سابقا معركة المجلس الرئاسي الليبي لصالح “محمد المنفي”، بينما فاز “عبدالحميد الدبيبة” برئاسة الوزراء في انتخابات منتدى ليبيا التي أشرفت عليها الأمم المتحدة وجرت في جنيف، فبراير/شباط الماضي.

وإلى جانب “صالح” هناك حليفه السابق، الجنرال “خليفة حفتر” المدعوم كذلك من مصر والإمارات وفرنسا، وقد تخلى مؤقتا عن قيادة الجيش قبل أيام؛ الأمر الذي فسر على أنه تمهيد لإعلان مشاركته في السباق الرئاسي.

ويقول مراقبون إن المادة 12 من قانون الانتخابات الرئاسية، التي أجازت ترشح مسؤول عسكري إذا توقف عن العمل وممارسة مهامه قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر، وإذا لم يُنتخب فإنه يعود لسابق عمله، قد صيغت تحديدا لتلائم “حفتر”.

“النايض” و”باشاغا”

وتضم قائمة المرشحين، رئيس تكتل “إحياء ليبيا”، “عارف النايض”، الذي أعلن السبت الماضي، نيته الترشح للانتخابات الرئاسية الليبية.

ويعد “النايض” أول من يعلن رسميا الترشح للانتخابات الرئاسية، وهو من أبرز الأسماء المدعومة إماراتيا في ليبيا، وهو على علاقة بحليف أبوظبي، القيادي الفلسطيني “محمد دحلان”.

وعمل رجل الأعمال سفيرا لليبيا لدى أبو ظبي، وتربطه علاقات قوية بقيادات البلد الخليجي، وهو من المساندين لــ”حفتر” ما يعني أن “النايض” قد يتقاسم الأصوات في الشرق الليبي مع “حفتر”، أو أنه الحصان الذي تراهن عليه أبوظبي بقوة لتعزيز نفوذها في البلد النفطي.

أما وزير الداخلية السابق في حكومة الوفاق الوطني “فتحي باشاغا”، فهو  يسوق نفسه كمرشح قوي قادر على إرساء الأمن في البلاد، وتحقيق المصالحة الوطنية، بما يفتح المجال أمام عودة الشركات الدولية والمستثمرين إلى ليبيا.

ويؤكد”باشاغا” بأنه في حال انتخابه كرئيس في ديسمبر/كانون الثاني المقبل، سيعمل على تعزيز مؤسسات الدولة بما يسمح بالدفاع عن ليبيا، وتوحيد المصالح المتعارضة للدول المعنية بالشأن الليبي.

ويعزز فرص الرجل المقرب من تركيا، قيامه مبكرا بجولات خارجية للحصول على دعم دولي، شملت باريس وروما وبروكسل ولندن وأمستردام وبرلين، كما أنه يعد مقبولا لدى مصر، وله دراية كبيرة بملفات ليبية حساسة، كونه شغل منصب وزير الداخلية لمدة عامين.

وهناك “أحمد معيتيق” نائب المجلس الرئاسي السابق، والذي ينتمي لمدينة مصراتة (غربي البلاد)، ويحتفط بعلاقات جيدة بالأطراف الليبية الأخرى في الشرق والجنوب، كما تجمعه صلات مع “حفتر”، وقد ساهم بالوصول إلى اتفاق لإعادة تصدير النفط سبتمبر/أيلول 2011، وشارك كذلك في الحوار مع الأطراف الأخرى لدعم مسارات التسوية التي أفضت إلى تشكيل السلطة التنفيذية الحالية، ويوصف بأنه منافس حقيقي في الانتخابات الرئاسية القادمة، بحسب مجلة “فورميكي” الإيطالية.

 

“الدبيبة” و”القذافي”

وعلى الرغم من عدم إعلانه الترشح، فإن رئيس الوزراء الليبي “عبدالحميد الدبيبة” يظل أحد المرشحين المحتملين بقوة لخوض السباق الرئاسي، بعد أن تزايدت شعبيته بقوة خلال الشهور الماضية.

وقدم “الدبيبة” أداء داخليا لافتا، نجح به في معالجة مسألة تأخر المرتبات، ووفر منح للمتزوجين الجدد، وقروض للسكن وللمشاريع التنموية، ورفع أجور موظفي التعليم، البالغ عددهم نحو 650 ألف، ووعد برفع أجور موظفي قطاعي الداخلية والصحة، كما نجح في التخفيف من أثار أزمتي الكهرباء و”كورونا”.

ويواجه “الدبيبة” عقبة أمام ترشحه للرئاسة، فهو مكلف بالإشراف على تنظيم الانتخابات، وليس الترشح للرئاسة، لكن ضوء أخضر إقليمي ودولي، قد يجعل الأمر ممكنا، خاصة أنه يحمل خطابا تصالحيا يعبر به حدود القبلية والأيديولوجية، التي يمثلها خصومه ومنافسيه.

وهناك أطراف دولية، أبرزها روسيا، تريد الدفع بــ”سيف الإسلام القذافي” مرشحا رئاسيا، بدعوى عدم عزل أحد أو إقصائه عن أداء دور سياسي بناء، بحسب نائب وزير الخارجية الروسي “ميخائيل بوغدانوف”.

لكن “القذافي الابن” لا يزال مطلوبًا لـ”الجنائية الدولية” بتهم جرائم حرب، وتتحفظ واشنطن على ترشيحه، ويخشى من قيامه بعمليات انتقامية ضد الثوار الذين أسقطوا حكم والده في 2011.

تظل الأبواب مفتوحة لاحتمالات عدة، ومرشحون جدد، وسط تنافس شديد بين شخصيات بارزة في المشهد الحالي على منصب رئيس ليبيا القادم.

كذلك تبقى المخاوف من تدخلات مؤثرة، وتجاوزات انتخابية قد تفقد العملية الانتخابية نزاهتها، وسط تحذيرات من أنها قد تذهب لصالح من يدفع أكثر للميليشيات لتعبئة صناديق الاقتراع، بحسب “الجارديان”.

ليبيا إذن أمام اختبار صعب، في انتخابات تجري مصحوبة باستقطاب إقليمي ودولي حاد، وأموال مشبوهة قد يكون لها الكلمة العليا في التأثير على إرادة الناخبين، وتحالفات مصالح ليست من مصلحتها إنهاء المرحلة الانتقالية، والانتقال الآمن إلى الديمقراطية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى