نهلة سليم تكتب: ليلة عيد الميلاد
في ليلة ذكري يوم ميلادي الذي سيكون غدا الثلاثاء 12/10 جلست أتأمل وأقارن حياتي بحياة من تركوا أعظم أثر في هذا الكون العجيب الذي لم نأتي إليه بمحض إرادتنا وهذا ما جعلني اتساءل وأحزن من الإجابة التي أعرفها لأنه عندما يحتفل العالم بعيد ميلاد من ترك لهم أثر عظيم في هذا الكون فإنه بذلك يكون حي مدي الحياة وإن أسمه لن تعترف به شهادات الوفاه لإن ما تركه من اثر في الحياة جعله حقاً موجود والوجود ليس معناه الرؤي فالله موجود ولكن تراه في أثره وآياته التي في كل مكان
والذي كتب علي الجدران في المعابد المصرية القديمة حضارته وعلمه الذي اعلم منه العالم فآنه لازال موجود بل جعل بلده تبقي ببقاء الوجود والذي انهكه عمله الشاق في بناءً الأهرام فإنه موجود
والإنسان الذي يحتفلون بمولده بعد قرون من الزمن إيضا موجود فجعل الناس تحتفل بمولده وليس بمماته فبهذا أكبر دليل علي أعترافهم الغير مباشر بإنه موجود
لذلك جلست اراجع كل ما قمت به من عمل طيلة تلك السنوات التي عشتها وجدت إنني وللآن لم أعمل عمل يجعلني احيا مدي الدهر كما فعلوا غيري
كانوا يقولون إن الذي يخلف لا يموت فقد خلفت وربيت ابنائي بمفردي والسيدة التي تنجب وتربي ابنائها بعيدة عن أهلها وبعيدة عن من تستعين بهم فهي أمرأة قوية تستطيع أن تقود جيوش لكن ما الذي سيتبقي بعد ذلك ؟ لا شيء تربيتي لأبنائي وبناء جيل قوي يعتمد علي نفسه ويخدم بلده وشعبه وقبلهم نفسه لأمر غاية في الأهمية وفعله كأنك بنيت عالم بأكمله لأن أساس بناء العالم يبدأ بتأسيس بناء الأسرة وها انا قد فعلت فقد تركت كل شيء كي ابني اسرتي الصغيرة واسلح بنيانها كي تكون صلبه قوية لها أسس سليمة ولكن هذا ليس ما يجعل لي أثر دائم في هذه الحياة لأنه بعد جيل او أثنين لن يتذكرني احد من احفادي التي بكل تأكيد من الجائز إن يسمعوا عني ومن الجائز لا يسمعوا ومن المؤكد لاني لن اخطر ببالهم او حتي في مخيلتهم لأني لم اترك أثر كبير يتذكروني هم وغيرهم به
لذلك كل ما احاول اراجع محصلة حياتي كلها واعمل لها كما نقول بلغة المحاسبة كشف حساب نهاية العام
لم اجد لي أي شيءٍ في خانة الدائن أي ليس لي أي شيء سيعود عليه بالربح والربح الذي اقصده اليوم ليس ربح أموال فالأموال اصبحت بالنسبة لي أمر زائل مثل غيره لكن الربح الحقيقي الذي ابحث عنه اليوم هو الربح الخالد ربح يجعل لي ذكرى دائمة ربح يجعل ذكراي مخلده ذكري تجعل من يوم ميلادي يوماً يحتفلون به دائما ولا ينتهي بعدم وجودي هذا ما ابحث عنه
ولا أريد أن افعل كما يفعل الآخرين في التبرع لبناء مسجد او كنيسة او مدرسة كل هذه الاماكن جيد التبرع لها لكن ليست هي ما ابحث عنه أنا أبحث عن شيء كبير للإنسانية علي الأرض لكن ماهو ماهو القنديل الذي لن يطفئ ويظل يتذكره الناس لي للإبد إذن لابد من البحث عن قنديل ينير للبشرية طريق مظلم لازالوا يمشون في دربه حتي اترك لهم أثر استشعر بعده بأنني آتيت لهذه الحياة ولم أخرج منها مثلما دخلتها كما يفعل ملايين البشر الذين اتيحت لهم فرصة الدخول والقيد علي الحياة لكنهم مضوا ولم يخطر ببالهم أن يتركوا ولو بصمة نافعة لتكون لهم نورا لن ينطفي بعد رحيلهم بل حضروا وعاشوا وجلسوا يعدوا الأيام قبل رحيلهم ولم يخطر ببالهم أن يتركوا شيء نافع حتي وإن كان أقل القليل حتي نتذكرهم ويتذكرهم من سيأتي بعدنا لذلك لا أريد أن اكون مجرد عابره في هذه الحياة طالما كان لي وجود بها وفرصة فلن اضيع تلك الفرصة حتي اترك أثر ينفع الناس حتي يكون لميلادي معني وهدف والأعمال التي تنفع الناس كثيرة فلنغتنم منها ونعمل علي ترك فعل خير فيها حتي نبقى خالدين الذكر والمولد
ليس للحياة معني بدون شيء تنفع به نفسك وغيرك ليبقي لك القنديل الذي لن يطفئ نوره من بعدك
إن الذكري الحقيقية لمولدك هي إحتفال الناس به بحياتك ومن بعدك