قطر تنتخب أول برلمان في تاريخها.. “تجربة” جديدة تقابلها “حساسية قبلية”
بدأ الناخبون القطريون، السبت، التصويت في أول انتخابات لمجلس الشورى في البلاد، في خطوة وصفها محللون بأنها “رمزية” ولن تغير ميزان القوى السياسي، بحسب تقرير لوكالة “فرانس برس”.
وفتحت مراكز الاقتراع في تمام الساعة الخامسة بتوقيت غرينتش على أن تغلق أبوابها عند الساعة 15.00 بتوقيت غرينتش، ومن المتوقع صدور النتائج مساء السبت.
وسيختار القطريون 30 من أصل 45 عضوا في مجلس الشورى، بينما سيستمر أمير البلاد في تعيين الأعضاء الخمسة عشر المتبقين في المجلس الذي سيتمتع بسلطة تشريعية ويصادق على السياسات العامة للدولة والميزانية.
ويحظى المجلس بسلطات محدودة، حيث ليس لديه سيطرة على الهيئات التنفيذية التي تضع السياسة الدفاعية والأمنية والاقتصادية والاستثمارية في تلك الدولة التي تحظر الأحزاب السياسية.
ويقول محللون، لوكالة “فرانس برس”، إن الانتخابات على الرغم من أنها بادرة غير معممة في منطقة الخليج، لن تكون نقطة تحول في قطر التي تسلّط عليها الأضواء بشكل متزايد بسبب استضافتها لبطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2022.
وأكد الأستاذ المساعد في سياسة الخليج في جامعة قطر، لوسيانو زاكارا، للوكالة، أن “إجراء (الانتخابات) قبل كأس العالم سيجذب انتباها ايجابيا كطريقة لإظهار أنهم يقومون باتخاذ خطوات إيجابية”.
وبحسب زاكارا فإنها “طريقة لإظهار أنهم يسيرون في الاتجاه الصحيح وأنهم يرغبون بتحقيق المزيد من المشاركة السياسية”.
ومن اختصاصات مجلس الشورى اقتراح القوانين وإقرار الموازنة وسحب الثقة من وزراء، لكن كل قراراته يمكن نقضها بمرسوم أميري.
بدوره، اعتبر ألين فرومهيرز، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة ولاية جورجيا، في حديث لوكالة “رويترز”، إن الانتخابات تشير إلى أن عائلة آل ثاني الحاكمة في قطر “لا تأخذ فحسب على محمل الجد فكرة المشاركة الرمزية للسلطة لكنها تتقاسم أيضا بشكل فعلي السلطة مؤسسيا مع الجماعات القبلية القطرية الأخرى”.
ولكن يبدو التغيير الديمقراطي الذي ستحدثه الانتخابات محدودا جدا في الدولة الخليجية حيث لن تتغير الحكومة بعد الانتخابات ولا توجد أحزاب سياسية، وفقا لـ “فرانس برس”.
والكويت هي الدولة الخليجية الوحيدة حاليا التي تمنح سلطات كبيرة لبرلمان منتخب رغم أن صنع القرار يكون بيد أمير البلاد في نهاية المطاف كما هو الحال في الدول المجاورة.
وصادقت وزارة الداخلية القطرية على كل المرشحين، وفق مجموعة من المعايير من بينها العمر والسجل الجنائي.
وترشح 284 شخصا موزعين على 30 دائرة انتخابية، بينهم 28 امرأة، وسيعين الأمير الأعضاء الـ15 الآخرين في المجلس.
ويشكل الأجانب 90 بالمئة من عدد سكان قطر البالغ 2,75 مليون نسمة، ولا يحق لهم التصويت والترشح.
يتعين على المرشحين خوض الانتخابات في الدوائر الانتخابية المرتبطة بمكان إقامة عائلاتهم أو قبيلتهم في الثلاثينات، باستخدام بيانات جمعتها السلطات التي كانت تخضع للنفوذ البريطاني آنذاك.
وقال ناخب، رفض الكشف عن اسمه في حديث لـ”فرانس برس”، إنه نظرا لوجود عدد قليل من المرشحين في منطقتهم، “من الواضح للغاية” لمن سيقومون بالتصويت.
وأضاف: “إنها لا تزال عملية جديدة ونحن نحاول معرفة ماذا يعني الأمر حقا بالنسبة لنا”.
“حساسيات قبلية”
وفي سياق متصل، أثارت الانتخابات حساسيات قبلية بعد أن وجد بعض أفراد قبيلة رئيسية أنفسهم غير مؤهلين للتصويت بموجب قانون يقصر التصويت على القطريين الذين كانت عائلاتهم موجودة في البلاد قبل عام 1930، بحسب “رويترز”.
ويحق فقط لأحفاد القطريين الذين كانوا مواطنين عام 1930 التصويت والترشح، ما يعني استبعاد بعض أفراد العائلات المجنسة منذ ذلك العام.
ومن بين الذين يواجهون الاستبعاد من العملية الانتخابية بعض أفراد قبيلة آل مرة، الأمر الذي أثار جدلا على وسائل التواصل الاجتماعي.
واقترح مراقبون أن يكون ممثلو المجموعات المستبعدة من بين الـ15 الذين يعينهم الأمير بشكل مباشر، وفقا للوكالة الفرنسية.
ويحتاج مجلس الشورى الجديد المنتخب إلى توافق غالبية كبيرة جدا من الأعضاء لتعديل قانون الأهلية للترشح ليشمل العائلات القطرية المجنسة.
بدورها، قالت كريستين سميث ديوان، من معهد دول الخليج العربية بواشنطن، لـ”رويترز” إن “القيادة القطرية تسير بحذر وقيدت المشاركة بأساليب واضحة وأبقت قيودا مهمة على النقاش السياسي والنتائج”.
لكنها أشارت إلى إن السياسات الشعبية لا يمكن التنبؤ بها “فبمرور الوقت قد يبدأ القطريون في النظر لدورهم وحقوقهم بشكل مختلف مع نمو هذا المنتدى العام”.
وكذلك شددت منظمة “هيومن رايتس ووتش” على أنه “تم استبعاد آلاف القطريين”. ونظمت مظاهرات صغيرة ضد القانون في أغسطس الماضي، تزعمها أفراد من قبيلة المرة.
وقالت المنظمة إن “قطر اعتقلت نحو 15 متظاهرا ومنتقدا للقانون”، كما أن اثنين ما زالا محتجزين “للتحريض على العنف وخطاب الكراهية”، بحسب ما نقلته “فرانس برس” عن مصدر قطري مطلع، الجمعة الماضية.
ووصف نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الشهر الماضي التصويت بأنه “تجربة جديدة”، وقال: “لا يمكن توقع أن يكون للمجلس منذ العام الأول الدور الكامل لأي برلمان”.
وقال وزير الخارجية إن هناك “عملية واضحة” لمراجعة مجلس الشورى المقبل قانون الانتخابات.
هذا وتمت الموافقة على هذه الانتخابات في استفتاء جرى على الدستور عام 2003، وتأتي قبل استضافة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم العام المقبل.
ونظم المرشحون حملاتهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ولقاءات مجتمعية ولوحات إعلانات على جوانب الطرق.
وكانت الانتخابات البلدية عام 1999 أول اقتراع تنظمه قطر.