هل يمكن أن تعود عائلة القذافي لحكم ليبيا مرة أخرى؟
قبل عشر سنوات، عندما واجه معمر القذافي نهاية مروعة بعد 42 عامًا في السلطة، لم يعتقد أحد أن فردًا من عائلته قد ينتهي به المطاف في ليبيا مرة أخرى.
بعد نجاح الثورة الليبية في 2011، تعرض أبناء القذافي السابعة للقتل أو سجن وبعضهم فر إلى الخارج. وسيف الإسلام ، ثاني أكبر الأبناء سنا وأكثرهم نفوذا، قبضت عليه إحدى المليشيات، ووضعت في سجن، ووجهت إليه لائحة اتهام من قبل محكمة الجنايات الدولية في لاهاي.
وقضت محكمة في طرابلس بإعدام سيف الإسلام غيابيا في 2015 في اتهامات بارتكاب جرائم حرب تتضمن قتل محتجين خلال الانتفاضة. وقالت المحكمة الجنائية الدولية في حينه إن المحاكمة لم تف بالمعايير الدولية.
ولكن بحسب مجلة “ذا إيكونوميست”، قد يتغير المزاج الوطني، حيث ينظر العديد من الليبيين إلى عهد القذافي على أنه وقت استقرار مهما كانت وحشية النظام ومهما كانت تصريحات الديكتاتور غريبة.
وترى المجلة أنه بعد عقد من الحرب الأهلية يبدو الآن أن سيف الإسلام قد يكون في طريقه للعودة إلى السياسة. ويعتقد بعض المراقبين أنه يستطيع التفاوض حول لوائح الاتهام التي لا يزال يواجهها في الداخل والخارج، وربما يُسمح له بالتنافس في الانتخابات الرئاسية والعامة المقرر إجراؤها في نهاية هذا العام. كما يعتقد البعض الآخر أنه يمكن أن يفوز.
ويشير الإفراج الأخير عن نجل القذافي الأخر، الساعدي، الذي كان مسجونا في العاصمة طرابلس منذ العام 2014، إلى أنها مناورة من الفصائل المسلحة في الفترة التي تسبق الانتخابات، ويؤكد أن عائلة القذافي لم تعد منبوذة، بحسب المجلة البريطانية.
ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز في يوليو الماضي، التي التقت بسيف الإسلام في سجنه في مايو الماضي، فإن سيف الإسلام لم يعد سجينا لكنه يعيش نصف سجين ونصف ضيف في سجن تسيطر عليها ميليشيا في الزنتان.
ويصر المؤيدون لسيف الإسلام أنه يعيش بحرية وليس سجينا. وقال محمد الغدي، الذي يدير المكتب السياسي لسيف من ألمانيا: “إنه ليس قيد الإقامة الجبرية … يمكنه أن يأتي ويذهب”.
أعلن المجلس الرئاسي في ليبيا، الاثنين، رسميا انطلاق مشروع المصالحة الوطنية في البلاد، بعد قرارات الإفراج عن عدد من مسؤولي نظام الرئيس السابق معمر القذافي.
عائلة القذافي لم تقل كلمتها بعد
وذكر سيف الإسلام لنيويورك تايمز أن عائلة القذافي لم تقل كلمتها الأخيرة بعد، مضيفا أنه أصبح الآن “رجلا حرا” ويخطط لعودة سياسية. وأضاف أنه يريد “إحياء الوحدة المفقودة” في ليبيا بعد عقد من الفوضى، ولمح إلى احتمال الترشح للرئاسة.
وقال الغدي إن سيف يفكر في دخول السباق. وأضاف: “لا يوجد سبب يمنع القذافي من قيادة ليبيا مرة أخرى”.
كما ذكرت أليس جاور من شركة “أزور استراتيجي”، وهي شركة استشارية في لندن: “يأتي سيف الإسلام في وقت تحتاج فيه السياسة الليبية إلى منقذ”.
ويسعى أنصار القذافي إلى استمالية الليبيين من خلال نشر خطاب إعلامي مثير يتحدث عن أن عهد القذافي كان “العصر الذهبي للبلاد”. وترى المجلة البريطانية أنها رسالة قد يتردد صداها بين الليبيين المحبطين، فعلى الرغم من ضخ 1.2 مليون برميل من النفط يوميًا، إلا أن الكهرباء تقطع لساعات متتالية. كما أن التضخم آخذ في الارتفاع.
بالنسبة لمعظم سكان ليبيا، البالغ عددهم سبعة ملايين نسمة، فإن الازدهار والأمن، ناهيك عن الديمقراطية، سراب بعيد المنال.
وقالت المجلة إن الحكومة التركية ليست الوحيدة التي قد تفكر في السماح لعائلة القذافي بالعودة إلى المعركة، ربما تفكر روسيا في ما إذا كانت ستستعيد علاقاتها القديمة معها. كما أن الإمارات ومصر تبحثان عن بديل لقائد قوات الجيش الوطني خليفة حفتر، بعد فشله في السيطرة على طرابلس.
وتضيف المجلة أنه في خضم المناورات الجيوسياسية التي تشهدها ليبيا والخلافات حول الانتخابات، وعدم قدرة أي شخص على توحيد الفصائل المتناحرة، قد يتسلل القذافيون مرة أخرى إلى المعركة.
صعب جدا
في المقابل، استبعد المحلل السياسي فرج دردور، في تصريحات سابقة لموقع “الحرة” عودة رموز نظام القذافي للحياة السياسية، لأن الشعب سيرفض ذلك، مشيرا إلى أن الليبيين لا يتذكرون حسنة واحدة لهذا النظام. وأكد ان سيف الإسلام هو الوحيد الذي يتحدث عن العودة للسياسة رغم القضايا المحلية والدولية ضده.
كما يرى المحلل السياسي خالد السكران، في تصريحات لموقع “الحرة” أن عودة سيف الإسلام للحياة السياسية والترشح صعب جدا، لأنه مطلوب على ذمة قضايا جرائم حرب محلية ودولية، وتسويتها في هذه الفترة أمر صعب جدا. ولفت إلى أن سيف الإسلام يتمتع بشعبية ولكن ليست كبيرة لأنها تتركز في الشرق الليبي بينا أغلب الغرب من مؤيدي ثورة فبراير، وبالتالي ستكون حظوظه ضعيفة لأن الغرب يمتلك نسبة الأصوات الأكبر.
وكان مساعد وزير الخارجية الأميركية بالوكالة لشؤون الشرق الأدنى، جوي هود، قال في تصريحات سابقة لقناة الحرة تعليقا على أخبار ترشح القذافي: “أعتقد أن كل العالم لديه مشكلة في ذلك. هو واحد من مجرمي الحرب. يخضع لعقوبات الأمم المتحدة ولعقوبات أميركية. من يترشح للانتخابات الرئاسية أمر يقرره الشعب الليبي ولكن نعم سيكون لدينا إلى جانب المجتمع الدولي الكثير من المشاكل إذا كان رجل مثله رئيساً لليبيا”.