مصر تطلق مشروعا جديدا لترميم وتطوير قلب القاهرة التاريخي
تعمل مصر على تنفيذ مشروع جديد، لترميم وتطوير القاهرة التاريخية التي تغطي مساحة كبيرة، والتي أصبحت موقعًا أثريًا عالميًا يرجع تاريخه إلى ألف عام، وكان مسرحًا دارت فيه أحداث بعض حكايات ألف ليلة وليلة، وذلك بعد أن ظهرت عليه أعراض التداعي السريع.
تهدف الخطة لإحياء القاهرة والترويج لها كمزار سياحي، في الوقت الذي تتأهب فيه الحكومة للانتقال إلى عاصمة جديدة تقيمها في الصحراء، وتعطي الخطة دفعة جديدة لجهود يبذلها معماريون ومرممون متخصصون لإنقاذ المباني القديمة التي يخشون أن تختفي، بسبب البيروقراطية والفساد والقيود القانونية.
قال المهندس محمد الخطيب، استشاري مشروع تطوير القاهرة التاريخية، إن ”مباني سكنية منخفضة الارتفاع ستقام في الأراضي الفضاء بالمنطقة التاريخية، التي سيتم نقل السكان والورش منها، ريثما يعاد بناء وترميم المباني المتداعية“، مضيفًا أن ”الميزانية لم تعد تمثل مشكلة، لكنه لم يذكر تقديرًا للتكلفة. وأن الحكومة أبلغته أنه ستتم الموافقة على أي ميزانية للقاهرة التاريخية“.
وأضاف أن ”الخطة تقضي أيضًا، بتحويل بعض الوكالات، أو ما كان يطلق عليه الخان، حيث كان يقيم المسافرون وقوافل التجار، إلى فنادق صغيرة، وهي فكرة حققت نجاحًا في مواقع أخرى في الشرق الأوسط. بدأنا فعلا في العمل على قطع الأراضي. انتهت المفاوضات مع السكان وبدأنا“.
وأفاد بأن ”الحكومة تعتزم ترميم حوالي 10% من المنطقة في مرحلة أولى، تستمر عامين، وأنها تدرس مقترحات لإنشاء كيان واحد للقاهرة التاريخية التي تبلغ مساحتها تقريبًا 30 كيلومترًا مربعًا“، مؤكدًا أنه ”سيتم الحفاظ على طابع المنطقة“.
وأوضح الخطيب، أن ”المرحلة الثانية ستمثل بداية التعامل مع المباني التاريخية، وليست المقيدة في قوائم المباني التاريخية الرسمية فقط، وأنه سيتم توثيق جميع المباني وترميمها وإعادة استخدامها“.
وسيبدأ العمال قريبًا، العمل في تحسين واجهات المباني القديمة، حتى المباني التي ليست مسجلة باعتبارها تاريخية، وذلك لمطابقتها بما كانت عليه في القرون السابقة.
طبقات من التاريخ
سيتركز جانب كبير من العمل في البداية، على تطوير الأحياء حول ثلاث بوابات عريقة بناها الفاطميون الذين حكموا مصر قرنين من الزمان، بعد دخولها في سنة 969 ميلادية. كان باب زويلة أحد هذه البوابات وشارع سكة الحبانية إلى الجنوب منه مسرحًا دارت فيه أحداث بعض حكايات ألف ليلة وليلة. وتعج القاهرة التاريخية بالورش والأسواق والبيوت القديمة والحرف التي استقرت في بعض شوارعها، منذ مئات السنين.
قال جيف آلن من الصندوق العالمي للآثار، الذي يعمل على ترميم مجمع ديني للمتصوفين، يرجع تاريخه إلى القرن السادس عشر، ويقع جنوبي باب زويلة: ”مدن قليلة في العالم بها كل هذه الطبقات من التاريخ، وتمتد لفترات بعيدة كهذه“.
ويشعر بعض المرممين والمعماريين بالقلق أيضًا، من تعقيد عملية الترميم وكلفتها واحتمال أن تتحول المباني التاريخية، إلى ما يشبه المباني التي تقيمها ديزني، تقليدًا لآثار عريقة.
قال علاء الحبشي، المعماري والمرمم المتخصص في العمارة الإسلامية، الذي طُلب منه المساهمة في وضع خطة التطوير، إن ”الحكومة تأخذ في اعتبارها الآن، السكان والحرف والنسيج التاريخي والبنية التحتية، دون التركيز على الآثار وحدها“، مضيفًا أن ”التغيير كبير، وأنه كان مطلوبًا منذ مدة طويلة“.
وأضاف الحبشي، أنه ”يخشى حدوث تأخير، كما يخشى من تعديل المبادئ التي صيغ المشروع بأسره على أساسها أثناء التنفيذ. وفي نهاية المشروع، سيتحول قطاع كبير من القاهرة التاريخية، إلى مناطق للمشاة فقط“.