قصة 100 سوري ولبناني ضحايا أكلة لحوم البشر بأقصى الأرض

 

هاجروا بوثائق سفر تركية زمن العثمانيين وفي بلاد الاغتراب تحول معظمهم إلى باعة متجولين، استهدفتهم عصابة من السكان الأصليين بالقتل وتقطيع أوصالهم

اختفى على مراحل أكثر من 100 مهاجر لبناني وسوري، في حلقة من الرعب تميزت سلسلته الخفية بين 1904 إلى 1909 من بدايات القرن العشرين، باستهداف وحشي للأجانب بمنطقة تضم وسط وجنوب التشيلي والأرجنتين، هي Patagônia المطلة فيها جبال “الأنديس” بالتشيلي على المحيط الهادي، حيث تنتهي أميركا اللاتينية في أقصى جنوب الأرض، قريبة إلى حد ما من القطب الجنوبي.

في تلك المنطقة، عاشت عصابة من السكان الأصليين، كان أفرادها من أكلة لحوم البشر، وارتكبت أهوالا دوّنوها بعنوان La matanza de los turcos أو “مقتلة الأتراك” في سجلات رسمية، روت وفق ما تلخص “العربية.نت” ما طالعته عنها في الإعلام الأرجنتيني بشكل خاص، أن معظم ضحاياها مغتربون من سوريا ولبنان، معروفون باسم Turcos ذلك الوقت، لأن الواحد منهم هاجر بوثيقة سفر تركية زمن العثمانيين، وفي بلاد الاغتراب تحول معظمهم إلى باعة متجولين، ثم مع الوقت إلى تجار وأصحاب مصالح وممتلكات.

دخل “باتاغونيا” واختفى أثره

كان المتجول “يعلن عن وصوله إلى بلدة أو قرية في المنطقة التي يقصدها، بإطلاق صافرة وهو راكب إجمالا على حمار، ومعه بغل محمّل بملابس وأقمشة وغيرها من الاحتياجات التي يبيعها للأهالي، أو عربة يجرها حصانان” بحسب تقرير عن الضحايا، أعده في 2009 كاتب ومؤرخ أرجنتيني- لبناني، هو Elías Chucair الراحل في يوليو 2020 بعمر 84 سنة، وفيه ذكر أن أفراد العصابة كانوا يعتقلون مهاجرا، ثم يقومون بتقطيع أوصاله وأكلها “خصوصا قلبه وأعضاءه التناسلية” وهو ما نجده أيضا في أرشيف مقاطعة Rio Negro بالوسط الأرجنتيني، ومنه استمدت وسائل إعلام محلية معلومات نشرتها عن العصابة على مر السنين.

بائع سوري أو لبناني، متجول بعربة يجرها بغلان في باتاغونيا، وصورة لبعض المعتقلين
بائع سوري أو لبناني، متجول بعربة يجرها بغلان في باتاغونيا، وصورة لبعض المعتقلين

ذكر الياس شقير أيضا، أن أول شكوى عن اختفاء بائع متجول، أو Mascate باللاتيني، كانت في أبريل 1909 بقرية في “ريو نيغرو” اسمها El Cuy وسكانها 150 تقريبا، وتقدم بها التاجر Salomón El Dahuk أو ربما “سليمان الداعوق” على الأرجح، وهي عائلة معروفة في لبنان، وذكر فيها أن متجولا من الباعة، سوري أو لبناني، اسمه José Elías دخل إلى “باتاغونيا” منذ أشهر، واختفى أثره.

وكان جوزيف الياس، غادر في أغسطس 1908 سكنه في منطقة أخرى بالأرجنتين، واشترى بضائع من شركة يملكها الداعوق، ليبيعها في قرى وبلدات Patagônia ووعده بتسديد ثمنها قبل نوفمبر، إلا أن 6 أشهر مرت على اختفائه، لذلك شعر الداعوق المالك لسجل بأسماء 55 بائعا متجولا، لم يعد أي منهم لسداد ما عليه من ديون، بأن المختفي الجديد تعرض مثلهم لأمر خطير، خصوصا أن شائعات عن مقتل مهاجرين، كانت منتشرة منذ 1905 في المنطقة، لأن بعض سكان قراها وبلداتها اشتروا منهم بعض البضائع، ولم يعودوا لاستلام ثمنها.

مقتلة ضحاياها 130 في 5 سنوات

وعيّن حاكم المقاطعة، رئيس الشرطة José Torino الموصوف بأنه كان صارما، ليحقق ميدانيا بما يحدث، فشكل فريقا من 10 محققين، وفق ما ألمت به “العربية.نت” من الوارد بموقع Infobae الإخباري الأرجنتيني، وفيه أنهم انتقلوا مع تورينو إلى حيث أحاطوا في “باتاغونيا” بكل صغيرة وكبيرة مما حدث، إلى أن اكتشفوا أن 130 بائعا متجولا، معظمهم هاجروا إلى تشيلي والأرجنتين قبل أعوام قليلة من سوريا ولبنان، وانتهوا خلال 5 سنوات ضحايا مقتلة ارتكبتها عصابة اكتشف التحقيق أن رئيسها شاب اسمه Juan Aburto من سكان المنطقة الأصليين.

صورتان لقائد الشرطة و6 من معاونيه، وثالثة إلى اليسار لشرطي بجانبه 4 معتقلين
صورتان لقائد الشرطة و6 من معاونيه، وثالثة إلى اليسار لشرطي بجانبه 4 معتقلين

اعترف “أبورتو” لمعتقليه، أنه وأفرادا من العصابة قتلوا 3 سوريين منذ 3 أيام سبقت اعتقاله، واحتفظوا بجثثهم في كوخ لأحد الأصليين، وقبلها قتلوا عشرات غيرهم، وعلى الأثر بدأت الشرطة بمطاردة أفراد العصابة، فاعتقلت 80 منهم بأول 4 أشهر، ومن التحقيق تبين أنهم كانوا يظنون أن رئيستهم الحقيقية امرأة تتعامل بالسحر، يجهلون اسمها، ويعرفونها فقط بلقب Macagua التي علمتهم أكل لحوم قتلاهم، وعلموا من الشرطة فقط أنها ليست إلا “خوان أبورتو” الذي كان يرتدي ملابس النساء ويقلد أصواتهن ليعلم أفراد العصابة على انتزاع القلب والأعضاء التناسلية من الجسم، كما وصنع تمائم تساعد على نجاح المساعي الإجرامية، وكيف يمكنهم اكتساب الفحولة من أكل لحم البشر بعد طهيه وتحميصه.

مما توصل إليه رئيس الشرطة من معلومات أيضا، أن أفراد العصابة بدأوا بأكل ضحاياهم خشية أن تنال منهم “ماكاغوا” بسحرها أو تلعنهم. أما اختيارهم للباعة المتجولين، فكان لأنهم أجانب لديهم بضائع ومال يسرقونه منهم، وبينهم جوزيف الياس، فقد تم حرق ما بقي من جثته بعد أكلها، ثم طحن عظامه وعظام غيره، لتتمكن “ماكاغوا” الساحرة من صنع تعويذات تغذي بها ميولهم الإجرامية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى