دار الاوبرا المؤقتة الساقطة من التاريخ.. بقلم: عادل سيف

مبنى الأوبرا القديم
عادل سيف

ما بين حريق دار الاوبرا يوم 28 أكتوبر 1971 والانتهاء من مبنى الاوبرا الحالية يوم 31 مارس 1988 وافتتاحه في 10 أكتوبر من نفس العام، مساحة زمنية تصل إلى 17 عاما تكاد تكون اسقطت تماما من تأريخ الاوبر في مصر في كتابات مؤرخيها بل حتى هذا الغياب ملحوظ على الصفحة الرسمية لدار الاوبرا انفسها، وكأن نشاط الاوبرا توقف طوال هذه السنين رغم انه كانت توجد أوبرا مؤقته وبقرار رسمي بل ومبناها مازال قائما حتى الان.

تبدأ قصه هذه الاوبرا المؤقتة يوم حريق الاوبرا الذي لم ينسى من ذاكرتي حيث كنت من أوائل من شاهدوا بدايات الحريق وسط حشد من الناس يشعرون بالآسي على ما يشاهدونه، وعندما أدركت ان حتى محاولة انقاذ ما يمكن إنقاذه من المبنى بلا فائدة قررت مغادرة المكان وتصادف ان نفس القرار اتخذه معي رجل شعبي بسيط يرتدي جلباب كان بجانبي واخذ يردد وهو حزين ويسير بجانبي “خسارة”.

وعندما خرجنا من الحشد سيرنا متجاورين ودار بيننا حوار حول ما حدث وإذا به يسألني سؤال رغم غرابته كان درسا لي أكثر من كونه سؤال يبحث عن إجابة وقال: “يعني إيه أوبرا؟”، فجاوبته مع تبسيط معنى الاوبرا ولكن ما ادهشني واثار تساؤل في داخلي هو حزنه على الأوبرا رغم انه لا يعرف شيئا عنها وأنها تصنف على انها ارقى مجالات الثقافة ولا علاقة له بها ولم يدخلها، وهنا ادركت ان الإحساس والارتباط الوجداني برمز عريق من رموز الوطن وتراثه ممكنة تجده دخل الناس البسطاء ولا يقتصر فقط على المثقفين وأن هذا الارتباط أبسط مما يثيره المثقفون من جلبة حوله.

مازال المسرح يحمل الواجهة الأوبرالية حتى الآن

 

في نهاية هذا اليوم الذي خسرنا فيه الأوبرا سمعنا أن الرئيس السادات وكان في زيارة خارج مصر يومها أصدر قرار بإعادة بناء الأوبرا في نفس المكان وبنفس الشكل الخارجي، ولكن للأسف هذا لم يتحقق وكان افضل بكثير من المبنى الغبي لجراج لأوبرا الخراساني المتعدد الطوابق الذي لا يتماشى مع تمثال إبراهيم باشا والذي كان منسجما مع مبنى الأوبرا القديم.

تطلب فقدان مبنى الاوبرا ان يكون هناك مكانا لاستضافة أنشطة الأوبرا في أداء دورها بشكل مؤقت، لذا اتخذ قرار بأن تقام كل أنشطة الأوبرا على مسرح الجمهورية الغير بعيد عن المبنى المفقود بل وفي نفس الشارع وكان وقتها يعتبر مسرح حديث الى حد ما مما يجعله مؤهلا لعرض الاعمال الأوبرالية وحفلات الموسيقى الكلاسيكية والاغاني المصرية التراثية.

ومع تأخر بناء مبنى بديل للأوبرا وتغير الأماكن المقترحة تكرس قرار الاستضافة بقرار أن يكون المسرح مقرا مؤقتا للأوبرا وتطلب تنفيذ القرار تغيير واجهة المسرح من واجهة عادية لمسرح تتشابه تماما مع واجهات السينمات إلى واجهة تليق بأنشطة الأوبرا كما ضم المسرح ليكون ضمن المباني التابعة لادار دار الأوبرا ولعرض بعض أنشطتها، ودشن الرئيس السادات الشكل الجديد للأوبرا المؤقتة في حفل كبير لدى استضافة المسرح حفل عيد الفن مساء يوم 8 أكتوبر سنة 1979 .

ومازال المسرح يحمل الواجهة الأوبرالية حتى الآن الا انها فقدت رونقها ولونها الأبيض الشاهق بسبب التربة والتلوث من عوادم السيارات والإهمال

 

ومازال المسرح يحمل الواجهة الأوبرالية حتى الآن الا انها فقدت رونقها ولونها الأبيض الشاهق بسبب التربة والتلوث من عوادم السيارات والإهمال الذي طال المبنى بإسقاط دورة في تاريخ الأوبرا المصرية.

مبنى الاوبرا الحالي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى