“الأجسام المضادة”.. أحدث طريقة لتحديد النسل

أظهرت دراسة حديثة أن الأجسام المضادة يمكن أن تلتصق بالحيوانات المنوية وتجعلها عاجزة، في أحدث طريقة يمكنها تحديد النسل عند النساء.

ومنذ القدم، ابتكر الناس العديد من الطرق لتحديد النسل، فاستخدم قدماء المصريين والإغريق عدة مواد تشبه الواقي الذكري الحديث، الآن توجد الأجهزة داخل الرحم، وحبوب منع الحمل، وغرسات تستخدم لإبقاء الحيوانات المنوية والبويضة منفصلين، ولكن الجديد هو استخدام الأجسام المضادة.

وتواجه الطرق السائدة حاليا بعض الانتقادات، فبعض الأشخاص مثلا لا يرغبون في استخدام موانع الحمل الهرمونية، فهي تتطلب وصفة طبية، ويمكن أن تسبب آثارًا جانبية غير سارة، وتلقي بعبء وسائل منع الحمل على النساء، وتتطلب تذكر حبوب منع الحمل يوميًا أو أخذ حقنة كل ثلاثة أشهر، أو إجراء عملية جراحية أكثر لزرع الغرسة، والأساليب الأخرى لها عيوبها أيضًا، فبعضها يتطلب موافقة الشريك، ومن السهل نسيانه أو استخدامه بشكل غير صحيح، أو يكون معدل نجاحه أقل.

لذلك كان العلماء يعملون على طريقة جديدة من شأنها أن تكون سهلة الاستخدام وسريعة وفعالة دون تغيير هرمونات المرأة، وتستخدم هذه الاستراتيجية بروتينات مُصنَّعة تسمى الأجسام المضادة أحادية النسيلة لتقليد الأجسام المضادة التي يستخدمها الجهاز المناعي، وذلك لمهاجمة الحيوانات المنوية قبل وصولها إلى البويضة.

وأظهرت الأوراق البحثية الحديثة، والتي نُشرت واحدة منها في أغسطس/ آب الجاري في دورية “ساينس ترانسليشن ميدسين”، وأخرى في (إيبيو ميدسين) في يوليو/تموز الماضي، أن هذه الأجسام المضادة يمكن أن تلتصق بالحيوانات المنوية وتجعلها عاجزة.

وإذا كانت الأجسام المضادة وحيدة النسيلة تبدو مألوفة، فذلك لأنها حظيت مؤخرًا بالكثير من الاهتمام كعلاج لمحاربة (كوفيد -19)، وهي بروتينات يصنعها جهاز المناعة البشري لمكافحة العدوى، وتلتزم بمواقع محددة للهجوم على غزاة محددين لتحييدهم.

وقد ولدنا ببعض من أجسامنا المضادة، ويتم تكوين البعض الآخر بعد أن نتعرض لجرثومة جديدة ونمرض، وبعضها يتم إنشاؤه بعد التعرض للقاح الذي يدرب الجسم لصد بعض الغزاة دون الإصابة بالمرض الفعلي.

والآن، يتم إنشاء بعض من الأجسام المضادة في المختبر، لتكون بمثابة مدافعين على المدى القصير، ولا تحدث تغييرًا دائمًا في جهاز المناعة، فهي نوع من الحراس المؤقتين الذين يمكنهم منع الضيوف غير المرغوب فيهم، وهي الحيوانات المنوية – من الانضمام إلى البويضة.

وينتج بعض الأشخاص بشكل طبيعي أجسامًا مضادة للحيوانات المنوية، والتي لا تقتل الحيوانات المنوية، ولكنها تجعلها تتخثر في تشابك عملاق، وعندما لا تتمكن الحيوانات المنوية من السباحة خارج بيئة المهبل الحامضية القاسية، فإنها تموت.

وفي سبعينيات القرن الماضي، بدأ العلماء في محاولة إعادة إنتاج تلك الأجسام المضادة في المختبر، لكن “في ذلك الوقت، لم تكن القدرة على تصنيع الأجسام المضادة وإعطائها بجرعات محددة ممكنة، كما كان تصنيع ما يكفي منها مكلفًا للغاية”، كما يقول صامويل لاي، مدير برنامج الهندسة الصيدلانية بجامعة نورث كارولينا الأمريكية، والمؤلف المشارك في البحث المنشور بشهر أغسطس.

ولكن بعد ثلاثة عقود، انخفضت تكلفة تصنيع الأجسام المضادة، وأصبح العلماء أفضل في زراعة الأجسام المضادة، ويمكن توصيلها إلى المهبل.

وفي البحث الأخير تم اختبار الأجسام المضادة المهندسة في الأغنام، وأظهرت أنها أقوى من 10 إلى 16 مرة من تلك الموجودة في الطبيعة، وأسرع وأكثر فاعلية في الارتباط بالحيوانات المنوية.

في غضون ذلك، أجرت مجموعة ديبورا أندرسون من كلية الطب بجامعة بوسطن الأمريكية، المرحلة الأولى من التجارب السريرية على البشر، والتي تختبر السلامة والجرعة في مجموعة صغيرة من المتطوعين البشريين الأصحاء، وذلك خلال الدراسة المنشورة في شهر يوليو.

وقامت 9 نساء بوضع الأجسام المضادة عن طريق فيلم مهبلي كل يوم لمدة أسبوع، وأجرى الباحثون أيضًا دراسة وهمية على 29 امرأة، وأعطوا بعض المشاركين فيلمًا لا يحتوي على أجسام مضادة.

وجدوا أن النساء في مجموعة الأجسام المضادة كان لديهن نفس الرقم الهيدروجيني المهبلي مثل مجموعة الدواء الوهمي، ولم يصبن بأي عدوى بكتيرية، وأن تركيزات الأجسام المضادة ظلت قوية ونشطة لمدة 24 ساعة، ما يمنح النساء الحماية لمدة يوم كامل تقريبًا بعد ذلك.

لكن لا يزال يتعين على الفريق إثبات أن الفيلم سيعمل في تجارب أكبر بين النساء الناشطات جنسيًا، ويقدر أندرسون أنه قد يستغرق عقدًا قبل أن يكون هناك منتج في السوق.

كما بدأت أيضًا أبحاث حول كيفية إعطاء الأجسام المضادة كجيل مانع للحمل يمكن تطبيقه على العضو الذكري، على عكس مبيد النطاف، الذي يتم استخدامه عادةً في المهبل، وهذا من شأنه أن يمنح الرجال خيارًا لمنع الحمل يتجاوز الواقي الذكري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى