الكشف عن “سر” تدهور الرئة بعد التعافي من كورونا
توصل فريق من الباحثين الأمريكيين إلى السبب الكامن وراء استمرار تدهور الرئة بعد فترة طويلة من التعافي من كورونا.
أظهرت دراسة جديدة أن الالتهابات قصيرة الأمد التي تصيب الرئة جراء الإصابة بفيروس كورونا المستجد يمكن أن تؤدي إلى تلف طويل الأمد بها، إذ وجد باحثون في كلية الطب بجامعة “واشنطن” في الولايات المتحدة، أدلة جديدة على كيفية تطور تلف الرئة في أعقاب عدوى الجهاز التنفسي، وفقاً للوكالة الآسيوية الدولية “إيه إن آي”.
وقالت الوكالة، في تقرير نشرته، الخميس، إنه بعد الإصابة بفيروس كورونا المستجد، على سبيل المثال، فإن بعض الأشخاص يعانون من سعال مستمر وصعوبة وضيق في التنفس، وهي علامات تدل على استمرار مرض الرئة.
غالبية مرضى كورونا لا يستعيدون عافيتهم بعد شهر من مغادرة المستشفى
وفي الدراسة، التي أجريت على الفئران، وجد الباحثون أن إصابة الرئة بالعدوى تؤدي إلى إطلاق بروتين يسمى IL-33، والذي رأوا أنه يلعب دوراً أساسياً في انتشار الخلايا الجذعية في الرئة وزيادة إنتاج المخاط والالتهابات.
وتوصلت الدراسة، التي نُشرت نتائجها في مجلة “الأبحاث السريرية”، إلى نقاط تدخل محتملة قد تمنع تلف الرئة المزمن الناجم عن الالتهابات الفيروسية.
ونقلت الوكالة عن المؤلف المشارك في الدراسة، الدكتور مايكل جيه هولتزمان، قوله: “صحيح أن اللقاحات والأدوية المضادة للفيروسات وعلاجات الأجسام المضادة كلها مفيدة، لكنها ليست حلاً للأشخاص الذين قد باتوا بالفعل على طريق المرض”.
وأضاف: “لقد أصبحنا أفضل في كيفية العناية بالأعراض الحادة لكورونا، ولكن ما يحدث بعد مرحلة الإصابة الأولية لا يزال يمثل عقبة رئيسية، ففي هذه المرحلة، نواجه عشرات الملايين من الأشخاص الذين أصيبوا بالفعل بالعدوى، وتظل نسبة عالية منهم تعاني من مرض طويل الأمد، خاصة مع أعراض الجهاز التنفسي، ولكننا ليس لدينا علاج لهذه المشكلة”.
وأشارت الوكالة إلى أن من المعروف أن التهابات الجهاز التنفسي الحادة يمكن أن تؤدي إلى أمراض الرئة المزمنة، إذ إن الأطفال المصابين بالفيروس المخلوي التنفسي، على سبيل المثال، أكثر عرضة للإصابة بالربو الذي يستمر لفترات طويلة، وربما حتى مدى الحياة.
ومع ذلك، فإن الكيفية التي تؤدي بها عدوى الجهاز التنفسي الحادة إلى المرض المزمن لم تكن مفهومة بشكل كامل، مما يجعل من الصعب تطوير علاجات للوقاية منه أو علاجه.
وكجزء من هذه الدراسة، قام هولتزمان وزملاؤه، بدراسة الفئران المصابة بفيروس سينداي، الذي لا يسبب أعراض خطيرة لدى البشر، ولكنه يسبب التهابات الجهاز التنفسي في الحيوانات والتي تتطور إلى حد كبير مثل التهابات الجهاز التنفسي لدى البشر.
وفحص الباحثون في الدراسة أنسجة الرئة من الفئران بعد 12 و21 يوماً من الإصابة بفيروس سينداي، وقارنوا العينات بأنسجة رئة الفئران غير المصابة، ووجدوا أنه بعد الإصابة بفيروس سينداي، تبدأ مجموعتان من الخلايا الجذعية في التكاثر والانتشار في الحويصلات الهوائية بشكل منفصل، وهي العملية التي تؤدي إلى انخفاض حجم الهواء في الرئتين، وزيادة المخاط واستمرار الالتهاب، مما يؤدي إلى إعاقة التنفس.
وأشارت الوكالة إلى أن الدراسة قد وجدت أن هذه العملية تتوقف على إطلاق البروتين IL-33، قائلة إنه في ظل الظروف العادية، فإن هذا البروتين يزيد في نوى الخلايا الجذعية للرئة استجابة للإجهاد أو الإصابة، كما أنه يساعد الرئة على إصلاح الأنسجة التالفة، ولكن على الرغم من ذلك، فإنه أثناء وبعد الإصابة، يمكن أن يلعب دوراً أكثر ضرراً.
ولتقييم دور IL-33 في تلف الرئة بعد الإصابة بالفيروس، قام الباحثون بتعديل الفئران وراثياً لتفتقر إلى وجود هذا البروتين في الخلايا الجذعية للرئة، ثم أصاب العلماء تلك الفئران، ومجموعة منفصلة أخرى من الفئران غير المعدلة، بفيروس سينداي، ووجدوا أن مجموعتي الفئران كانت لهما نفس القدرة على محاربة عدوى فيروس سينداي، ولكن بعد ثلاثة أسابيع من الإصابة، أظهرت رئتا الفئران التي تفتقر إلى البروتين نقصاً في النمو الخلوي والمخاط والالتهابات، مما يشير إلى أن لديها علامات أقل على التغيرات الرئوية الضارة.
وتابعت: “بعد سبعة أسابيع من الإصابة، كان لدى الفئران التي لا تحتوي على بروتين IL-33 أيضاً مستويات أكسجين أعلى في دمائها وهي علامة على تحسن مرض الرئة المزمن”.
ويقول هولتزمان: “كان من المفترض أن تموت الفئران التي تم تعديلها وراثياً لأنها لن تعد قادرة على إجراء الإصلاح الطبيعي للضرر الفيروسي في الرئة، لكن هذا ليس هو الحال، فالفئران التي تفتقر إلى هذه المجموعة من الخلايا كانت نتائجها أفضل بكثير، وهذه النتائج تضعنا على أرض صلبة لإيجاد علاجات تستطيع تصحيح السلوك السيئ للخلايا الجذعية، وهو ما يمكن أن يشكل أساساً لتطوير علاجات فعالة لمنع أو علاج أمراض الرئة التي تسببها مجموعة متنوعة من الفيروسات وربما أشكال أخرى من الإصابات في الرئة”.