نقاط تفتيش وضرب وهلع.. كيف عاش الأفغان اليوم الأول من سيطرة طالبان؟
الأحد الماضي، فاجأت حركة طالبان العالم بسيطرتها بسرعة خاطفة وسهولة فائقة على العاصمة كابل، قبل أيام من الموعد الذي حدده الرئيس الأميركي جو بايدن لإنجاز انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، بعد 20 عاما من أطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة.. فكيف بدت الحياة في كابل بعد سقوطها في أيدي طالبان؟
تقول صحيفة وول ستريت جورنال إنه في اليوم الأول من سقوط كابل، سيطر مقاتلو طالبان على الشوارع وفتشوا منازل ومكاتب المسؤولين الحكوميين ووسائل الإعلام، فيما خيم الخوف والخطر على جميع أنحاء العاصمة الأفغانية.
وأضافت “نصب مسلحون نقاط تفتيش فى أنحاء المدينة التى يبلغ عدد سكانها ستة ملايين نسمة، وفرضوا فى تمام التاسعة مساء حظر تجول، واستولوا على مواقع الجيش والشرطة”.
وصعد المقاتلون، الذين ارتسمت على وجوههم الابتسامة بعد انتصار الحركة، على المركبات العسكرية الأميركية والأفغانية التي تم الاستيلاء عليها، رافعين علم طالبان الأبيض.
وفتش المتمردون، الذين يرتدون العمامة، هواتف المارة بحثا عن أدلة على اتصالات مع الحكومة أو مواد قد يعتبرونها غير إسلامية. كما انتشرت صورا لتغطيتهم إعلانات عن فساتين زفاف تظهر فيها النساء بشعر مكشوف. فيما أغلقت المتاجر أبوابها في جميع أنحاء المدينة، بحسب وول ستريت جورنال.
وفي مقطع فيديو تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تجول مقاتلو طالبان وهم يضحكون حول مبنى البرلمان في ضواحي المدينة.
وتنقل الصحيفة الأميركية عن روزينا، وهي امرأة أفغانية كندية تزور كابل مع زوجها الأفغاني، قولها إن مقاتلي طالبان جاءوا إلى الفندق الذي يقيما به، صباح الاثنين، بينما كانت هي في الحديقة الخلفية. فركضت خائفة إلى غرفتهما في الطابق العلوي، واختبأت في الحمام. وبعد دقائق، تمكن مقاتلو طالبان، بصحبة مدير الفندق، بإقناعها بالخروج.
وقالت إن ثلاثة مسلحين فتشوا حقيبتها وأمتعتها وزوجها، وفحصوا جواز سفرها وطرحوا أسئلة بشأن علاقتها بزوجها. وطالبوا الاطلاع على وثيقة الزواج. وعندما اعترض زوجها قائلا إن المسلمين المتدينين لا ينتهكوا خصوصية زوجته، صفعوه على وجهه وضربوه على ظهره بأسلحتهم، على حد قولها.
وبمجرد مغادرة المقاتلين، هربت روزينا وزوجها من الفندق. وقالت: “كنت أخشى أن يختطفوني أو زوجي”.
وبحسب وول ستريت جورنال، يبدو أن طالبان تمتنع عن تنفيذ الاعتقالات الجماعية الفورية أو ارتكاب أعمال عنف في كابل، “لكن سلوكها في الأسابيع الأخيرة يشير إلى أنها ستسعى للانتقام على الأقل من بعض أولئك الذين عملوا لصالح الحكومة أو الدول الأجنبية”.
فيما نقلت رويترز عن موظف حكومي سابق يختبئ الآن في كابل قوله: “القلق يساور الجميع.. لم يستهدفوا الناس بعد، لكنهم سيفعلون، وهذه هي الحقيقة. ربما خلال أسبوعين أو ثلاثة، ولهذا يكافح الناس من أجل الخروج الآن”.
ومع انتشار المسلحين في أنحاء أفغانستان، أفاد سكان الأماكن الواقعة تحت سيطرتهم بإعدام جنود حكوميين، وزواج قسري بين النساء ومقاتلي طالبان، وهجمات غير مبررة على المدنيين.
وشمال العاصمة، انطلقت أعيرة نارية من مطار كابل وسط فوضى تسبب فيها آلاف الأشخاص الذين حاولوا الصعود على متن رحلات إجلاء خارج البلاد.
وفي المقابل، قال سهيل شاهين، المتحدث باسم طالبان، في رسالة على تويتر، إن مقاتلي الحركة لديهم أوامر صارمة بعدم إيذاء أحد. وأضاف “لن تتعرض أرواح وممتلكات وكرامة أحد للأذى، بل ينبغي على المجاهدين حمايتها”.
وفي نفس السياق، تقول رويترز إن الحركة سعت لإظهار وجه أكثر اعتدالا، وتعهدت باحترام حقوق المرأة، وحماية الأجانب والأفغان على السواء.
لكن كثيرا من الأفغان يخشون أن تعود طالبان لممارساتها القاسية السابقة المتصلة بفرضها أحكام الشريعة. ففي فترة حكم الحركة بين عامي 1996 و2001 لم يكن يُسمح للنساء بالعمل، وكانت الحركة تطبق عقوبات مثل الرجم والجلد والشنق.
وقال أندرياس إيجرت رئيس الرابطة الاتحادية لقدامى المحاربين الألمان والذي خدم في أفغانستان: “بالنسبة لي، أفغانستان ستصبح خلافة وملاذا للقوات الإسلامية”، مضيفا “وخلال وقت قصير، سنرى الوضع ذاته الذي رأيناه قبل 20 عاما”.