ستراتفور: إثيوبيا تتجه إلى حرب أهلية مدمرة
يبدو رئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد” على وشك إنهاء وقف إطلاق النار من جانب واحد مع قوات “تيجراي”، ما يزيد من خطر اندلاع المزيد من العنف العرقي في البلاد.
وفي 10 أغسطس/آب، أصدر مكتب “آبي” بيانا قال فيه إنه “الوقت المناسب” لجميع “الإثيوبيين القادرين” للانضمام إلى الجيش الإثيوبي والقوات الخاصة. ويأتي البيان بعد أن قالت وزارة الخارجية الإثيوبية في 6 أغسطس/آب إنها قد تنشر “قدرتها الدفاعية الكاملة” ضد جبهة تحرير شعب تيجراي في أعقاب توغلات الجبهة في منطقتي “العفر” وأمهرة الإثيوبيتين المجاورتين.
ومن شأن مثل هذا الانتشار ضد قوات جبهة تحرير شعب تيجراي أن ينهي وقف إطلاق النار من جانب واحد الذي أعلنته إثيوبيا في 28 يونيو/حزيران بعد اجتياح جبهة تحرير تيجراي لـ”ميكيلي”، العاصمة الإقليمية لتيجراي.
وتدعم حكومة إقليم أمهرة الحكومة الفيدرالية في استراتيجيتها ضد جبهة تحرير شعب تيجراي، حيث قال مسؤول من الأمهرة في 6 أغسطس/آب إن المنطقة ستشن هجوما ضد قوات تيجراي.
وسيؤدي توسيع أراضي جبهة تحرير شعب تيجراي لإنشاء منطقة عازلة إلى دفع أديس أبابا للرد عسكريا. وبعد أن استولت الجبهة على بلدة لاليبيلا في أمهرة في 5 أغسطس/آب، قال المتحدث باسم الجبهة “جيتاتشو رضا” إن المجموعة لن تغادر المناطق التي توسعت فيها حتى “رفع الحصار على تيجراي”.
وتزعم جبهة تحرير شعب تيجراي أنه بالرغم من وقف إطلاق النار، الذي وصفته إثيوبيا بأنه “إنساني”، فإن الحكومة الإثيوبية تفرض حصارا على المنطقة وتحد من تدفق الإمدادات الأساسية، بما في ذلك المواد الغذائية.
وركز هجوم الجبهة في عفار وأمهرة على السيطرة على الطريق السريع الرئيسي والطرق الأخرى التي تربط ميكيلي بأديس أبابا لمنع الحكومة الإثيوبية وحلفائها من مهاجمة جبهة تحرير شعب تيجراي.
وسيسمح هذا التوسع لجبهة تحرير شعب التيجراي بتعزيز أوراق القوة عندما تبدأ المفاوضات مع الحكومة المركزية.
وقالت “سامانثا باور”، مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، في 5 أغسطس/آب الماضي، إن 10% فقط من الشاحنات التي قدرت الأمم المتحدة أنها ضرورية لمنطقة تيجراي لتلبية الاحتياجات الأساسية، سُمح لها بالدخول منذ منتصف يوليو/تموز.
ولا يبدو أن المفاوضات بين إثيوبيا وجبهة تحرير تيجراي وشيكة لأن كلا الجانبين يواصلان التحرك، ما يعني المزيد من الصراع والعنف على الأرجح. وما تزال العديد من الخلافات التي أدت إلى الصراع قائمة، ويبدو أن كلا طرفي الصراع لا يفضل المفاوضات حاليا.
وستواجه أديس أبابا ضغوطا متزايدة للرد عسكريا من قبل أمهرة التي تمثل قاعدة دعم كبيرة لحكومة “آبي”. وعرض السودان التوسط في النزاع لكنه استدعى سفيره لدى إثيوبيا في 8 أغسطس/آب بعد رفض الحكومة الإثيوبية العرض.
وفي الوقت نفسه، فإن نجاحات جبهة تحرير تيجراي في ساحة المعركة، تشجع المجموعة علي الاستمرار في القتال ورفض التفاوض ما لم تستجب إثيوبيا لبعض مطالبها. ومع ذلك، فإن هذه المطالب، التي تشمل الإشراف الدولي على أي وقف لإطلاق النار والانسحاب الكامل للقوات الإثيوبية والأمهرة من جميع أراضي تيجراي، سيكون من الصعب جدا على “آبي” قبولها سياسيا، ما يترك الجانبين في مأزق.
وبدون مسار واضح لخفض التصعيد، يزداد خطر تطور صراع تيجراي إلى حرب أهلية أوسع، ما يؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية والاقتصادية في إثيوبيا. وحتى قبل استعادة الجبهة السيطرة على ميكيلي، نزح نحو 2 مليون شخص داخليا في منطقة تيجراي.
وأدى اتساع نطاق الصراع منذ ذلك الحين إلى إجبار 250 ألف شخص آخرين على الفرار من عفار وأمهرة. علاوة على ذلك، حذرت الأمم المتحدة من أن أكثر من 100 ألف طفل في تيجراي معرضون لخطر الموت بسبب سوء التغذية. وسيزداد الوضع سوءا، حيث قدر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة أنه جرى زراعة 25% إلى 50% فقط من المحاصيل في تيجراي حدثت هذا العام بسبب الاضطرابات.
كما أصبح التضخم بالفعل قضية شائكة للإثيوبيين في جميع أنحاء البلاد. وفي نهاية يونيو/حزيران، أفادت إثيوبيا رسميا أن مستوى التضخم السنوي في البلاد بلغ 24.5%، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
كما يهدد تصاعد القتال صورة إثيوبيا كوجهة استثمارية محتملة. وفشلت جولة العطاءات (التي طال انتظارها) لمنح ترخيصين للاتصالات في الحصول على حجم الاهتمام الذي كانت أديس أبابا تأمل فيه، ما أدى إلى منح ترخيص واحد فقط في مايو/أيار.
وسيؤدي استمرار القتال إلى مزيد من الصراع العرقي أيضا، ما يجعل إيجاد حل دائم للانقسامات العرقية في إثيوبيا أكثر صعوبة. وقد اتهمت المنظمات الغربية بالفعل إثيوبيا بـ”التمييز العرقي” ولن تؤدي دعوات “آبي” للإثيوبيين بمساعدة الحكومة على “تعقب وكشف الجواسيس والعملاء” الذين يعملون مع جبهة تحرير شعب تيجراي إلا إلى زيادة هذه المخاوف.