موقف لاينسي ! .. بقلم: سعد الفقي
سنوات عديدة مضت إلا أنني ابدا لا أنسي هذا الموقف فقد كان مدرس التربية الفنية في المرحلة الابتدائية فنانا بحق وكانت لة ابداعات كثيرة ومتفردة.
ومع أنني في هذة المرحلة كنت انظر إلي مادة التربية الفنية علي إنها من المواد الهامشية التي لايجب الاهتمام بها أو الاعتناء، هكذا علمونا إلا انه كان يريد أن يستنطق فينا المواهب المدفونة، وربما استوعبت ذلك متأخرا عندما كبر سني .
المهم أن أستاذ التربية الفنية أصدر فرمانا هذا نصة:
يكلف كل تلميذ برسم لوحة فنية يعبر فيها عن امالة للمرحلة المستقبلية ولكل منا حرية الاختيار للرسم الذي يناسبة ومايروق له، وتضمن الفرمان مهلة ثلاثة أيام لانجاز المطلوب والا كان الجزاء علقة ساخنة وأدناها الضرب علي أطراف الاصابع، ياله من جزاء رادع ومؤلم، المهم انه في صبيحة اليوم المحدد تلاقينا نحن التلاميذ قبل طابور الصباح كل منا يريد أن يعرف ماذا فعل الآخر.
وأعتقد أنني كنت أري في لوحتي الاضعف علي الأقل أنني لم أكن امتلك وقتها أدوات الرسم، وزاد من خوفي أن أحدا من الزملاء لم يبارك ماقمت به.
المهم جاء وقت الحساب فإذا بالأستاذ يتفحص لوحات الزملاء وكان من نصيب الأول والثاني الوقوف كتفا بكتف أمام السبورة تمهيدا للجزاء الرادع والمنتظر، وكلما اقترب مني ازددت توترا ورعبا، وأصابني الدوار وتمنيت أن تحدث مصيبة يكون الأستاذ أحد اطرافها حتي اخرج من هذا النفق المظلم، وها هو يمسك بكراستي ويلتفت ذات اليمين وذات اليسار قائلا هذا هو الفن ..أي فن ؟؟؟ مستطردا كلامه هذا ما أردت وظننت في بداية الأمر انه يسخر مني ويهزأ توطئه للجزاء الرادع ، فاذا به يطلبني للوقوف بجوارة وادركت في هذة اللحظات أنني فنان كبير وموهوب، المهم أن الأستاذ تمادي في مدحي وهو يعدد محاسن ماقمت به، وكيف أنني أجدت في التخيل وحرصي علي اختيار الموضوع الذي يناسب سني، وفهمت انة لم يكن يقصد الإجادة في رسم الشخصيات بقدر التخيل في ترتيب الأولويات وقد رأي انني نجحت في ذلك، وعلمني مدرس التربية الفنية أن الإنسان لايملك إلا الاجتهاد والمثابرة قدر مايستطيع ولن يكلف الله نفسا إلا وسعها أما النتائج فلا دخل لة بها، فهي مكتوبة ومقدرة وماقدرة الله سيكون وفرق كبير بين التواكل والتوكل علي الله، فالاول ممقوت أما الثاني فهو الذي يؤتي ثمارة شريطة الأخذ بالأسباب المشروعة والتي تتفق مع قناعات الانسان.
درس مهم تعلمته من مدرس التربية الفنية فقد كان رائعا وفنانا ويكفي انه مدحني وسمح لي بالوقوف إلى جوارة ؟؟
الشيخ: سعد الفقي – باحث وكاتب اسلامي