ملياردير يشكل الوزراة اللبنانية ويصرف علي لبنان من جيبه

قالت مجلة ”فورين بوليسي“ الأمريكية، إنه ”مع تعثر جهود تشكيل حكومة لنحو عام بعد انفجار مرفأ بيروت، وإقالة حكومة حسان دياب، عيّنت النخبة الحاكمة في لبنان الملياردير نجيب ميقاتي رئيسا للوزراء، والذي يمتلك ثروة تكشف اتساع الخلل السياسي وعدم المساواة في بلد يجد فيه معظم الناس صعوبة في تخيل كيف سيكسبون قوتهم مرة أخرى“.

وأضافت المجلة، في تقرير لها: ”لا أحد يعتقد أن قيادة ميقاتي ستستمر حتى على المدى المتوسط.. ومن سوء حظ لبنان أن طبقته السياسية والعديد من داعميه الدوليين يعتقدون أنه يستحق الدعم رغم ذلك“.

وأكدت أن ”لبنان يعيش تحت وطأة الفقر، وميقاتي ينحدر من طرابلس، أفقر مدينة في لبنان، ولكنه يمتلك يختا، وحصة في شركة ”بيبي جينز“، وهي شركة اتصالات جنوب أفريقية، وعقارات رئيسية في نيويورك ولندن.. ويُعد من أغنى الرجال في لبنان بثروة تقدر بنحو 2.7 مليار دولار“.

نظام قديم فاسد

ورأت المجلة أن ”معظم اللبنانيين ينظرون إلى ميقاتي، في المقابل، على أنه رمز لنظام قديم وفاسد، ففي أكتوبر 2019، الشهر الذي اندلعت فيه الاحتجاجات في لبنان، اتُهم بالفساد بسبب التربح غير القانوني من قروض الإسكان المخصصة للفئات ذات الدخل المنخفض، لكن القضية دُفنت، والأكثر إهانة لمعاناة اللبنانيين هو حقيقة أن ميقاتي شغل سابقا منصب رئيس الوزراء، فقد كان في منصبه عندما رست سفينة محملة بآلاف الأطنان من نترات الأمونيوم في ميناء بيروت، وعاد الآن إلى السلطة بعد عام من انفجارها، إثر تخزينها بشكل غير آمن، ما ألحق أضرارا قاتلة ببعض أشهر معالم المدينة“.

وتساءلت المجلة: ”هل ميقاتي هو الرجل الذي يخرج لبنان من أزماته التي لا تعد ولا تحصى؟“، وفي هذا الصدد نقلت عن نشطاء وصفهم له بأنه بيدق في يد الطبقة السياسية، فهو ”رئيس وزراء مؤقت مكلف بالحفاظ على الوضع الراهن، لكن المتفائلين يعتقدون أنه بصفته رجل أعمال متمرس، قد يتوصل إلى التسويات الصحيحة ويجد طريقة لوقوف البلاد على قدميها حتى انتخابات العام المقبل“.

وأشارت إلى أن ”السياسة اللبنانية كانت في حالة ركود منذ أن اهتزت بيروت بالانفجار، لدرجة أنه تمت مقارنته بكارثة تشيرنوبل، حيث قُتل حوالي 200 من الأبرياء، وأصيب الآلاف، وشرد مئات الآلاف في حادثة كان من الممكن تفاديها. وبعد أسبوع، أُجبر حسان دياب على الاستقالة من رئاسة الوزراء، لكنه استمر كرئيس وزراء تصريف أعمال، إذ فشل رئيس الأركان اللبناني السابق مصطفى أديب، ورئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، في تشكيل حكومة“.

صراع الوزارات

وذكرت المجلة، أن ”الحريري عقد 18 اجتماعا مع الرئيس اللبناني ميشال عون على مدى 10 أشهر تقريبا، وكانت وزارات حكومته المكونة من تكنوقراط، مقسمة بالتساوي بين طوائف مختلفة، في حين قال خبراء إن عون أراد المزيد من الوزارات للمسيحيين لتسهيل عودة صهره جبران باسيل إلى السياسة، وربما يكون باسيل، وزير الخارجية الأسبق، السياسي الأكثر ازدراء في لبنان، وقد عاقبته الولايات المتحدة بموجب قانون ماجنيتسكي، الذي وضع لمكافحة الفساد العالمي“.

وأضافت أن ”الحريري استقال، والآن يواجه ميقاتي قيودا مماثلة، ويدور الخلاف الرئيسي حول وزارة الداخلية والبلديات، التي ستنظم الانتخابات القادمة، وهي حاليا بيد مسلم سني، وميقاتي، السني كذلك، لن يسلم الوزارة المهمة للموارنة؛ لأن السيطرة على هذه الوزارة قد يحدث فرقا كبيرا في الاقتراع“.

ونقلت المجلة عن المحلل السياسي اللبناني، سامي نادر، قوله: ”لقد شغل السنّة وزارة الداخلية منذ 2014، لكن فقط لأن الشيعة يشغلون وزارة المالية، وهي أهم وزارة، ولا ينص الدستور على وجوب أن يكون التوزيع طائفيا، لكن هكذا كان النظام. كل حزب يريد وزارة المالية الأهم أو ثاني أهم وزارة، وهي الداخلية، المسؤولة عن إجراء الانتخابات، وهذا بالطبع يثير الشكوك حول مدى حرية ونزاهة الانتخابات“.

ونقلت عن مصدر لم تفصح عن اسمه، قوله إن ”عون يريد كذلك الإبقاء على وزارة العدل للمسيحيين الموارنة، فيما قال خبراء لبنانيون، إنه في الوقت الذي تدعو فيه البلاد إلى إجراء تحقيق دولي في انفجار بيروت ومحاولة محاسبة النخب، فإن السيطرة على وزارة العدل يمكن أن لا تقدر بثمن لأي شخص يأمل في تجنب الملاحقة القضائية خوفا من الانتقام.

وبحسب المجلة، ”رفض ميقاتي اقتراح عون بالتناوب على الوزارات الرئيسية، الداخلية، والمالية، والدفاع، والعدل، والشؤون الخارجية، وعرض بدلا من ذلك الإبقاء على نفس التوزيع الطائفي والمذهبي الموجود حاليا في حكومة تصريف الأعمال“.

وكان ميقاتي يتوقع أن يتمكن من تشكيل حكومة بحلول 4 أغسطس، لكنه أعرب عن خيبة أمله بعد مفاوضاته الأخيرة مع الرئيس عون، قائلا: ”انطلقت في مهمتي من مبدأ الحفاظ على نفس التوزيع الطائفي والمذهبي الذي اعتمدته الحكومة السابقة من أجل تفادي أي خلاف جديد. بصراحة، فيما يتعلق بالحكومة، كنت أتمنى أن تكون الوتيرة أسرع“، وفقا للصحيفة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى