العنكبوت وزوجته وضعا أموال الأخوان في كرشيهما
كأي تنظيم مغلق، لا يثق الإخوان إلا بالروابط الشخصية، ولا تمتد أذرع التنظيم إلا عبر كوادر موثوق في ولائها، حتى باتت عائلة واحدة.
ومن مصر وتركيا إلى ألمانيا والنمسا، تصيغ روابط عائلية من “الدرجة الأولى” قيادة التنظيم الإرهابي في أهم بلدين أوروبيين، حتى بات الزوج وزوجته نواة “الإرشاد” إلى التطرف في البلدين.
والحديث هنا بالتحديد عن عائلتين تظهران من الاسم كعائلتين منفصلتين، لكنهما ترتبطان بجسر قوي تمتد جذوره إلى مصر وتركيا، وهما عائلتا آل الزيات وآل شاكر، بحسب ما توصلت إليه “العين الإخبارية”.
ففي الثاني من يناير/كانون الثاني 2019، التقى مسؤولو الاتحاد الإسلامي التركي (ديتيب) مع قيادات الإخوان الإرهابية في المسجد الكبير بكولونيا غربي ألمانيا، لتأسيس مجلس تنسيقي للمسلمين، يعمل كغطاء للتحالف المشبوه بين منظمات الطرفين.
ومنذ ذلك الوقت، برز اسم إبراهيم الزيات أو “العنكبوت” الذي يربط خطوط شبكة الإخوان في أوروبا، والعقل المدبر لأنشطة الجماعة، وحامل دفاترها المالية، وهمزة الوصل مع النظام التركي.
وتضع هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) في ألمانيا الزيات تحت رقابتها؛ حيث قاد لسنوات طويلة منظمة المجتمع الإسلامي، كبرى مؤسسات الإخوان بألمانيا، وفق ما طالعته “العين الإخبارية” في تقرير لمجلة دير شبيجل.
وعادة ما تُخضِع هيئة حماية الدستور، التنظيمات والأفراد الذين يمثلون خطرا كبيرا على الديمقراطية ويهدفون إلى تقويض النظام السياسي، لرقابتها.
وقالت مجلة دير شبيجل: “يمكن القول إن الزيات، هو قائد الفرع الألماني للإخوان، وأكد المرشد السابق للجماعة مهدي عاكف قبل سنوات، هذا الأمر في تصريح رسمي”.
وبالإضافة لدوره كقيادي في شبكة الإخوان بأوروبا، يعد الزيات مؤسس ومدير اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا (FIOE)، وشغل في السابق منصب أمين المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية، وجميعها منظمات محسوبة على الجماعة الإرهابية.
ويتولى الزيات موقعا مسؤولا في مجلس إدارة منظمة الإغاثة الإسلامية التي قالت مذكرة حكومية ألمانية في أبريل/نيسان الماضي، إن فرعها في برلين؛ يملك صلات شخصية مهمة بالإخوان، وصلات مؤسسية بمنظمات قريبة من الجماعة.
لذلك، تصف التقارير الرسمية لهيئة حماية الدستور في ألمانيا، الزيات بأنه “مثل العنكبوت في شبكة المنظمات (الإسلامية) المتطرفة” في أوروبا.
الزيات نفسه يعتبر حلقة وصل أساسية بين تركيا والإخوان، ويمثل معبر الدعم التركي للجماعة في الدول الأوروبية ذات الجاليات الإسلامية الكبيرة مثل ألمانيا والنمسا وهولندا.
سر العنكبوت
ويحظى الزيات بهذه المكانة بسبب علاقته القوية مع النظام التركي التي تشمل بعدا شخصيا، إذ أنه متزوج من ابنة أخت نجم الدين أربكان، مؤسس حركة ميللي جورش، صبيحة أربكان، وفق تقرير لمجلة فورين بولسي الأمريكية نشر في مايو/أيار الماضي.
وتعتمد جماعة الإخوان على منظمات نسائية، منها منظمة المرأة المسلمة في ألمانيا، بمدينة بون، التي تقودها صبيحة أربكان أو صبيحة الزيات.
وبذلك، يصبح الزيات المصري الأصل، وزوجته، رأس حربة الإخوان في ألمانيا، والخيط الخفي الذي يربط أركان التنظيم الدولي للإخوان في مصر وألمانيا وتركيا، خاصة الإخوان وحركة ميللي جورش التي قادها أربكان لعقود، وفق مراقبين.
وخلصت دراسة “الإخوان في النمسا” التي أشرفت عليها هيئة حماية الدستور النمساوية (الاستخبارات الداخلية) في 2017 إلى أن الزيات يملك أيضا روابط أيديولوجية قوية للغاية مع ميللي جورش، أحد أهم أذرع أردوغان في أوروبا، ويراها تنظيما عابرا للحدود، وصاحب تأثير قوي في الدول الإسلامية.
وذكرت وثيقة للبرلمان النمساوي تعود لـ25 يناير/كانون الثاني 2013، اطلعت “العين الإخبارية” على نسخة منها، أن “إبراهيم الزيات يقود الإخوان في أوروبا، ويملك علاقة قوية مع المنظمات التركية، خاصة ميللي جورش”.
وأكدت أن “الزيات لا يبحث عن الاندماج في المجتمعات الأوروبية، وإنما عن تعزيز التيارات الإسلامية المتطرفة”.
ولفتت إلى أن الرجل “يملك روابط مالية قوية مع التيارات الإسلامية في الشرق الأوسط”، و”أن السلطات في ألمانيا والنمسا تملك العديد من الملفات عن أنشطته، خاصة المعاملات المالية المشبوهة والاتصالات المريبة”.
فيما ذكرت وزارة الداخلية بولاية شمال الراين ويستفاليا غربي ألمانيا في تقرير رسمي، أن “علاقات منظمة المجتمع الإسلامي (ذارع الإخوان في ألمانيا) في ظل رئاسة الزيات، كانت تتراوح بين الروابط الشخصية والمشاريع المشتركة، وتشمل المنظمات الإسلامية المتطرفة في الشرق الأوسط وتركيا، ومؤسسات مانحة يشتبه في دعمها الإرهاب”.
ولا تتوقف رؤوس عائلة الزيات في الإخوان، عند إبراهيم وصبيحة، إذ أن والد الأول، فاروق، كان عضواً في جماعة الإخوان بمصر، قبل مغادرتها في السّتينيّات للاستقرار في ألمانيا، وبات عنصرا مؤثرا للجماعة في الأراضي الألمانية.
أما شقيق إبراهيم، بلال الزيات، فكان من بين مؤسسي منظّمة الشباب المسلم في ألمانيا وعضو في اتّحاد الطّلّاب المسلمين.
الخيط الرفيع
فيما يبرز اسم شقيقة إبراهيم الزيات، أمينة الزيات، التي تعتبر واحدة من أهم رؤوس الحربة للإخوان في أوروبا، وأسست رابطة زوجية تقود الجماعة في بلد أوروبي ثاني هي النمسا.
وأمينة الزيات التي غيرت اسمها بعد الزّواج، إلى أمينة شاكر، تتولى منصب مدير أكاديميّة التّربيّة الدّينيّة الإسلاميّة في النمسا، ومتزوجة من قيادي إخواني بارز في الأراضي النمساوية، عمار شاكر.
وفي هذا الإطار، قالت دراسة “الإخوان في النمسا” إن “أمينة شاكر تنحدر من إحدى عائلات الإخوان المسلمين الأكثر حضورًا في أوروبا”:
فيما ذكر تقرير لصحيفة كورير النمساوية (خاصة) نشر في عام 2015، أن أمينة شاكر هي المسؤولة عن تدريب معلمي الدين الإسلامي في المدارس العامة في النمسا ، وكانت تدير مدرسة في ألمانيا أغلقتها السلطات بسبب قربها من الإخوان”.
وقال أمير زيدان، الشاهد الرئيسي في قضية الإخوان التي تدور تحقيقاتها في النمسا في الوقت الحالي، إن عمار شاكر زوج أمينة، والذي كان محاضرا في أكاديمية التربية الدينية الإسلامية، من الشخصيات الرئيسية للإخوان في الأراضي النمساوية.
ولفت زيدان إلى أن عمار شاكر يتبنى مبدأ “أولئك الذين يؤثرون حقًا يبقون في الخلفية ولا يعرفهم العالم الخارجي أبدًا”.
وأوضح أن “العلاقة بين شاكر ومنظمة الشباب المسلم (ذراع إخوانية بالنمسا)، مثل الزواج الكاثوليكي، رغم أنه لا يظهر في الإدارة الرسمية للمنظمة”.
وتابع في تصريحات طالعتها “العين الإخبارية” في مجلة “أكسبريس” النمساوية، “تعرفت على عمار شاكر لأن منظمة الشباب المسلم عقدت اجتماعاتها التأسيسية في موقع يقع فيه مكتبي”.
مضيفا “في ذلك الوقت، لم يكن لدى المنظمة مقرات خاصة بها، وكان عمار شاكر وزوجته آمنة شاكر حاضرين دائمًا في الاجتماعات”.
واستطرد قائلا “كل من يعرف أنشطة منظمة الشباب المسلم، يعرف أن عمار شاكر هو الشخصية الرئيسية في المنظمة هو وزوجته أمينة”.
وبذلك، فإن 4 أشخاص، بواقع زوجين وزوجتين، يقودان الإخوان في ألمانيا والنمسا، ويربط بينهما علاقة شخصية من “الدرجة الأولى” تربط بين أذرع الجماعة في برلين وفيينا، ما يعكس واقع التنظيم الإرهابي المنغلق، والولائي.
كما أن آل شاكر وآل الزيات المرتبطين بعلاقة المصاهرة، تربطهما أيضا علاقة مصاهرة أيضا، بقادة “ميللي جوروش” التنظيم المرتبط أيديولوجياً بالإخوان، في تركيا.
شبكة ترسم علاقة شخصية قوية بين قيادات الجماعات الإرهابية والمتطرفة في أوروبا، والراعي الرسمي في أنقرة، وفق مراقبين.