مصيدة الإبتزاز الإلكتروني للمرأة وسبل النجاة..بقلم: د. فايزة الحسيني

انتشرت في الأونة الأخيرة ظاهرة الإبتزاز الإلكتروني في بعض المجتمعات علي مستوى العالم، وأشارت نتائج إحصاءات الأمم المتحدة إلى أن 93% من ضحايا الإبتزاز هن نساء و7% رجال، ممايدل أن المرأة أكثر تعرضا للإبتزاز الإلكتروني من الرجل.
وسأحاول في السطور التالية إلقاء الضوء علي الأساليب والطرق الأكثر استخداماً في جريمة الإبتزاز الالكتروني كرسالة توعوية للفتيات والسيدات في مجتمعاتنا العربية.
يُعرف الإبتزاز الإلكتروني بأنه التهديد بنشر فيديو، أو صور، أو معلومات شخصية، في حالة عدم موافقة الضحية وتنفيذها لطلبات الشخص المبتز، وتتلخص معظم طلباته في القيام بأعمال غير أخلاقية، دفع مبالغ مالية، أوالقيام بأعمال غير مشروعة.
ويبدأ التعارف بين المبتز والضحية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي باشكلها (فيسبوك, تويتر, انستغرام…الخ). وشملت عمليات الإبتزاز ضحايا من كل الأعمار والمستويات الثقافية والاجتماعية، في البداية يبحث المبتز عن صور للمرأة ليتعرف عليها، ثم تبدأ عملية الابتزاز بإنشاء علاقة صداقة بينه وبين الضحية، وبناء جسور الثقة بينهما من خلال وهم الضحية بأنهم متشابهان وبينهما نقاط مشتركة، حتي يتكون إحساس بالإرتياح والأمان لهذا الشخص الغريب، وبمضي الوقت، تتعزز الثقة بينهما، ويوهمها بعد ذلك بالإعجاب والحب والرغبة في الإرتباط.
وأري أن معظم حالات الإبتزاز قد تكون ناتجة عن حرمان عاطفي للضحايا من الفتيات والنساء مما يشجعهن علي التواصل الالكتروني مع المبتز وبمضي الوقت تتعزز الثقة بين الضحية والمبتز، ثم يطلب منها صوراً في أوضاع غير أخلاقية، وعندما ترسل الضحية الصور تقع مع الأسف في مصيدة المبتز، وإذا حدث تواصل صوتي أو مرئي مع المرأة يقوم المبتز بتسجبل المحادثة كل مرة وإنتظار أن تقوم الضحية بأعمال منافية للأخلاق أو ذكر معلومات شخصية حساسة تعطي الفرصة للمبتز بتهديدها اذا لم تدفع له مبالغ مالية، أو ترضخ لطلباته الجنسية.
ومع الأسف وفقأ لتقارير المختصين الحالات التي لا يُبلَّغ عنها خوفاً من الفضيحة ونظرة المجتمع، لا تقلّ عن 80% من مجموع الحالات الفعلية مما يشجع المبتزين في الاستمرار في جرائمهم الالكترونية.
ولهذا أنصح كل فتاة وإمرأة تتعرض للإبتزاز الالكتروني عدم الصمت بل بجب عليها عدم التواصل مع المبتز مهما كانت الضغوط والتهديدات، وتمتنع عن تنفيذ طلباته وتعلم أنه لن يتوقف عن الابتزاز اذا أحس بضعفها واستسلامها له، وينبغي عليها التواصل مع الجهات الأمنية المعنية بالموضوع في اسرع وقت ممكن.
وأنصح الفتيات والسيدات بعدم قبول طلب صداقات من جهات غير معروفة، تجنب الرد على اي محادثة ترد من جهات غير معروفة، وعدم مشاركة صور أو معلومات شخصية، أو فيديوهات مع أحد على الانترنت, حتى ولو كانوا معروفين تجنبا للوقوع في فخ الإبتزاز في حال سرقة الحسابات الإكترونية.
وأري ضرورة توعية المرأة بمخاطر هذه الجريمة الالكترونية وتبصيرها بأساليب المبتزين وطرق التعامل معهم، ولهذا أقترح تصميم مقرر بعنوان التربية الرقمية يتم تدريسه في صورة ممارسات عملية وأنشطة في جميع المراحل الدراسية ويتضمن المقرر وحدة عن الجريمة الالكترونية بجميع أشكالها من أجل تنمية الوعي الرقمي لدي المتعلمين، تفعيل قانون الجرائم الالكترونية من حيث الضبط والتحقيق والمحاكمة ووسائل الإثبات، فرض رقابة صارمة علي المواد المسموعة أو المرئية التي تؤثر سلبيا علي الاسرة وتنمي روح الجريمة الالكترونية بين الافراد، وعقد الورش والندوات التوعوية لتبصير المرأة بأساليب المبتز وطرق التعامل معه، وأليات الابلاغ عنه.
فالتصدي لجريمة الإبتزاز الالكتروني للمرأة بتطلب التعاون بين المؤسسات التعليمية والإعلامية ومنظمات المجتمع المدني، وقبام المتخصصون والأكاديميون بدورهم التوعوي لتبصير المرأة وحمايتها من الابتزاز الرقمي.
—————
أ.د. فايزة أحمد الحسيني مجاهد
أستاذ المناهج وطرق التدريس بكلية البنات جامعة عين شمس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى