بايدن ورئيسي… ذهب الرئيس وأتى رئيسي ! بقلم: أحمد بن سعيد
للتو طوت الانتخابات الإيرانية أشرعتها ولن تعود في نصبها مجددا الا بعد أربع سنوات مقبلة، ورشحت عن فوز يعتبر كبيرا للحزب المحافظ الذي يمسك بمفاصل الدولة الأساسية البرلمان والقضاء والسلطة التنفيذية التي يستحوذ عليها كاملة الرئيس في إيران أيا كان الرئيس ومن أي حزب قدم للرئاسة ومن فوقه المرشد الأعلى للدولة الإسلامية، وقائد الثورة الذي يعلو على الجميع ويعتبر الموجه والقائد لسياسات المجتمع وما على الشعب الا الإمتثال لقراراته، ومن يحيد عنها فهو هالك وله الويل والثبور والطرد ، هذا ان حظي بفرصة الطرد والابعاد ولم يجره حظه السيئ إلى سلاسل المشانق الغليظة التي تنتظر كل من يحيد عن الطريق ولو قيد أنملة.
فاز ابراهيم رئيسي وماذا بعد ؟، ويبدو أن الرجل له من إسمه نصيب، فهو رئيسي لاسمه ورئيس لكل إيراني، فمن ينطق باسمه فهو يقول رئيسي، وسبحان محاسن الصدف وتوافق الأسماء.
ربما تبدو على الرجل علامات الأريحية وعلامات الواثق من نفسه وصاحب ملامح وادعة، لكنها تخفي ورائها كثيرا من الوحشية والبطش وعدم التنازل حتى في أضيق الحدود، ومن يقرأ تاريخ رئيسي ولو بلمحة عابرة يعي ذلك جيدا دون الغوص في الكثير من التفاصيل، فالرجل آت من دهاليز القضاء وقبلها مدعيا عاما لسنوات طوال في طهران وفي غيرها من المحافظات اللصيقة بطهران، يكفيه أنه أحد أفراد اللجنة القضائية عام 1989 والتي قضت بإعدام أكثر من خمسة آلاف من منظمة مجاهدي خلق والتي انتهت محكومياتهم فلم يهنأ لمحكمة الثورة بال الا أن قضت بإعدامهم وحكمت على آخرين بدخول منطقة للالغام ونزع مافيها من الغام في انتحار جماعي جبري من محكمة تفتقر لأدنى درجات الشفافية والعدالة ومن قبلها محاكمة آخرين بالإعدام والتي نصت لوائح حكمهم على الإفراج عنهم حال انتهاء محكومياتهم.
وللعلم فأفراد منظمة مجاهدي خلق كانوا يدعمون من الرئيس العراقي الراحل صدام حسين والتي كانت تنوي الاطاحة بنظام الثورة كاملا، هذه لمحة تاريخية سريعة وجزء من أجزاء القصة الكاملة لإبراهيم رئيسي، وكان آخرها تأييده لحكم الإعدام لأكثر من مائتي معارض كانت تزدحم بهم زنازين طهران وذلك في العام 2017.
طهران لا شفافية ولاعدالة محاكمات واسراف في القتل بأبشع الطرق، وهذا ما تبناه رئيسي ويتبناه إلى اليوم، فأي تغيير سيطرأ على ايران في ولايته، فما ولايته المقبلة إلا تنكيل واعدام وترهيب لكل صوت معارض وما الانتخابات الإيرانية الاصورية تدار من المرشد الأعلى وكل رئيس منتخب يعلم جيدا بأنه الآتي في سدة الحكم فالقرار قرار المرشد ولا أحد غيره.
هذه لمحة عن الداخل اذا ما أضفنا عليها الأحوال الاقتصادية البائسة للشعب الايراني الذي علق في عنق الزجاجة فلا هو الذي خرج من العنق ولا هو الذي عاد إلى قاع الزجاجة وفي كلا الحالتين إلى الله المشتكى يرددها حال أغلبية كبيرة من الشعب الايراني.
واذا ماعرجنا على الأحوال الخارجية وخاصة مفاوضات ايران مع الولايات المتحدة ودول خمسة زائد واحد فالأمور لاتقل سوءا عن ما ذكر انفا، فرئيسي من الآن يعلنها صراحة بالا مجال للتفاوض حول الملف النووي الايراني ويستبعد مطلقا فكرة حتى الجلوس مع الرئيس الأمريكي جو بايدن ويردد بحق ايران في تملك السلاح النووي واستخداماته المتعددة ولايتحرج من ذلك فما الذي استفادته الولايات المتحدة ودول (خمسة + واحد) على امتداد سنوات طوال وما الذي سيجنونه في ظل حكم ابراهيم رئيسي فسواء استمر اتفاق اوباما ودول (خمسة + واحد) عام 2015 او لم يستمر فالأمر سيان، رئاسة روحاني ربما اتسمت باللطف قليلا أما مع رئيسي فلامجال للطف أو المداهنة والأيام ستثبت ذلك.
واذا ما تناولنا الأوضاع في العراق فإن حكومة رئيسي لن تتنازل عن نفوذها المتصاعد هناك وستواصل دعم النظام السوري لاخماد أي بقايا للثورة السورية، وستدعم بجهد مضاعف حزب الله اللبناني ولن تبخل بمثقال ذرة من دعم وستستغل حاجة حماس للدعم المادي والتسليحي في مواجهته للصهاينة، وستمسح بيدها الحانية على ربيبها الحوثي في صنعاء والذي زرعته على الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية لزعزعة استقرارها ولكن هيهات لهم ذلك، التبحر وربما التنبؤ بما سيفعله رئيسي سيترك للأيام، ولكن تاريخ الرجل لا ينبئ بخير وحال الإيرانيين بلسان واحد ماذا سيفعل بنا رئيسي؟!.