الجزائر والمغرب.. تنافس محموم على ليبيا

بالتزامن مع انطلاق عملية سياسية في ليبيا تقودها حكومة وحدة وطنية، تظهر مؤشرات على تنافس جزائري مغربي للعب دور محوري في مستقبل هذه الدولة، ويظهر هذا من خلال تحركات دبلوماسية وزيارات مسؤوليين ليبيين إلى البلدين.

وبينما أجرى وزيرا الخارجية والداخلية الجزائريان، صبري بوقادوم، وكمال بلجود، منتصف إبريل زيارة إلى ليبيا للبحث في الأمن الإقليمي، و”دعم” الأطراف الليبيين من أجل تسوية سياسية للأزمة، التقى وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، الجمعة الماضي، اثنين من كبار المسؤولين الليبيين في إطار الجهود التي تبذلها المملكة لإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية، وفق بيان للخارجية المغربية.

والتقى بوريطة بشكل منفصل مع رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا (غرب) خالد المشري، ورئيس البرلمان الليبي في طبرق (شرق) لمواكبة الحوار الليبي ودعم فرص التواصل والحوار بين مختلف الفرقاء، وفق البيان.

استقبل وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج السيد ناصر بوريطة، اليوم الجمعة، رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، السيد خالد المشري. pic.twitter.com/PBTY5DU6e4

— الدبلوماسية المغربية 🇲🇦 (@MarocDiplo_AR) June 4, 2021
كما أعلنت الخارجية المغربية أن المحادثات الليبية حول التعيين في مناصب سيادية ستُستأنف الجمعة في الرباط، استكمالا لجلسات التفاوض التي استضافتها المملكة وشارك فيها ممثلون عن طرفي النزاع في ليبيا.

في غضون ذلك، كشف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في حوار صحفي قبل يومين بأن بلاده كانت مستعدة “للتدخل بصفة أو بأخرى” في ليبيا المجاورة لوقف تقدم قوات المشير خليفة حفتر نحو العاصمة طرابلس.

والأربعاء، استقبل لوزير الأول الجزائري، عبد العزيز جراد، نائبي رئيس المجلس الرئاسي الليبي موسى الكوني، وعبد الله اللافي، اللذان يؤديان، زيارة رسمية إلى الجزائر، وفق بيان للوزارة الأولى الجزائرية.

الوزير الأول السيد عبد العزيز جراد @dz_pm_djerad يستقبل نائبي رئيس المجلس الرئاسي الليبي موسى الكوني، وعبد الله اللافي.
اللذان يؤديان، يومـي 09 و 10 جوان الجاري، زيارة رسمية إلى الجزائر. pic.twitter.com/ACxQyTkbFR

— مصالح الوزير الأول (@pm_gov_dz) June 9, 2021
تنافس بين البلدين
ويرى المحلل السياسي الليبي، جمال عبد المطلب، بأن هناك تنافسا حقيقيا بين الرباط والجزائر للعب دور في مسار تسوية الأزمة الليبية ووصف ذلك بـ “التنافس المشروع”.

ويشير المحلل السياسي الليبي المقيم في مصر، خالد السكران، أيضا إلى وجود تنافس في ليبيا بين مصر الجزائر، مبينا أن الأخيرة تحاول “لعب دور أساسي بعدما لم يتعد دورها التفرج طيلة سنوات”.

وفي حديث لموقع “الحرة” قال السكران إن تصريحات تبون حول طرابلس كلام إعلامي ليس له علاقة بالحقيقة” نافيا أن يكون للجيش الجزائري وقتها حتى وقت للتدخل بالنظر إلى المشاكل الداخلية التي عاشتها الجزائر مؤخرا.

وتعيش الجزائر على وقع أزمة سياسية، بينما يطالب متظاهرون منذ سنتين بإبعاد المؤسسة العسكرية عن المشهد السياسي، وهي الأوضاع الداخلية التي اشار إليها السكران على أنها أضعفت الدور المنتظر من الجزائر في الملف الليبي.

إلى ذلك، يرى المحلل السياسي المغربي، سمير بنيس، بأن الجزائر لا يهمها لعب دور أساسي بقدر اهتمامها بـ “معاكسة جهود المغرب الإقليمية”.

وفي حديث لموقع “الحرة” أكد بنيس بأن الجزائر لا تريد أي دور إقليمي للرباط وقال: “المشكل في العقيدة السياسية للنظام الجزائري والتي تتلخص في عدم السماح للمغرب بلعب أي دور ريادي”.

استقبل وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، السيد ناصر بوريطة، اليوم الجمعة، رئيس مجلس النواب الليبي، السيد عقيلة صالح. pic.twitter.com/jDWMeCLQnK

— الدبلوماسية المغربية 🇲🇦 (@MarocDiplo_AR) June 4, 2021
في المقابل “تحاول الجزائر أن يكون لها دور مهيمن وإن لم تنجح تعاكسه” وفق بنيس.

وذكّر بنيس بالاجتماعات التي انعقدت في المغرب منذ اتفاق الصخيرات عام 2015، والذي أفضى للاتفاق الحالي الذي تمخضت عنه حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة، وفق قوله.

في المقابل، يرى المحلل السياسي الجزائري، الصادق بوقطاية، بأن زيارة المسؤولين الليبيين للجزائر، جاء بناء على طلب من رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة نفسه.

وإذ أكد أن الجزائر “لم تحاول قط التدخل في ليبيا على أساس إيمانها بضرورة احترام الطاقات الليبية، حيث وقفت محايدة تجاه جميع الأطراف إلا تلك التي تستخدم القوة العسكرية لإرهاب المدنيين، ومعاكسة حكومة شرعية، وهو ما يبرر وفقه تصريح تبون حول طرابلس.

لكن خالد السكران، يرى بأن الجزائر التي كان عليها لعب دور أساسي سياسيا وعسكريا تركت المجال للأتراك مبديا استغرابه لمحاولاتها لعب دور في نهاية المطاف.

وقال السكران في الصدد “أعتقد أن الخلاف مع المغرب هو المحرك الأساسي للتحركات الجزائرية”.

وصل رئيس حكومة الوحدة الوطنية السيد “عبد الحميد الدبيبة” مساء اليوم السبت إلى جمهورية الجزائر الديمقراطية الشعبية، على رأس وفد وزاري، في زيارة رسمية تستمر لمدة يومين.
وكان في استقباله بمطار هواري بومدين رئيس ااحكومة الجزائرية السيد عبد العزيز جراد وعدد من كبار المسؤولين بالحكومة. pic.twitter.com/H45vGnOYsE

— حكومة الوحدة الوطنية (@GovernmentLY) May 29, 2021
لكن المحلل الجزائري، الصادق بوقطاية ، رد بالقول: “نحن لا نكيد الدسائس، وكل تحركاتنا أمام الملأ” مؤكدا على “احترام الجزائر لجميع الدول العربية الشقيقة، وعدم تدخلها في شؤونها الداخلية، عكس جيراننا الذين تدخلوا عسكريا في اليمن” وفق تعبيره.

وكان المغرب شارك في العمليات العسكرية لـ “عاصفة الحزم” بقيادة السعودية ضد الحوثيين في اليمن، قبل أن ينسحب في 2019

وقال بوقطاية: “إذا كان خلافنا مع المغرب هو المحرك، لماذا لم نحاول الانسياق وراءه في مستنقع اليمن إذن؟”.

بوقطاية ذكر أن الجزائر سبق وأن رحبت بمخرجات اتفاق الصخيرات، وكان ذلك على لسان وزيرها السابق عبد القادر مساهل، الذي قال سنة 2017 بأن “اتفاق الصخيرات ليس مقدسا لكنه اساس لأي حل في ليبيا”.

بوقطاية اكتفى بالقول في هذا الصدد “أعتقد بأن هذا دليل على أننا لم نكن غائبين، ولسنا بصدد التحرك لخطف الأضواء من جيراننا”، ثم تابع “نحن نتشارك مع ليبيا حدودا شاسعة ليس من مصلحتنا أن يستمر عدم الاستقرار هذا هو محركنا بكل بساطة”.

السيد بوريطة: أكدت في اتصال اليوم مع السيد عبد الحميد الدبيبة أن المغرب له هدف واحد، مساعدة ليبيا للخروج من هذه المرحلة وابعادها من التدخلات الخارجية لكي تستعيد دورها في شمال افريقيا.#الحوار_الليبي 🇱🇾@Dabaibahamid pic.twitter.com/5yDCoaVqf4

— الدبلوماسية المغربية 🇲🇦 (@MarocDiplo_AR) February 26, 2021
ووصف المحلل السياسي الليبي، جمال عبد المطلب ما يجري بين الرباط والجزائر في ليبيا بـ “التنافس الشريف”، وأنه يصب في نهاية المطاف في صالح الليبيين.

وقارن عبد المطلب بين هذا التنافس وتنافس “دول أخرى أدخلت مرتزقة إلى ليبيا لبسط نفوذها في بلادنا” وقال إنه “لا مجال للمقارنة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى