قضية تحرش تهز لبنان: صحفي يصطاد النساء عبر الوظائف

تتفاعل في لبنان قضية تحرش، بطلها كاتب وصحفي لبناني، حاول الإيقاع بعدد من الفتيات عبر استمالتهن بعروض عمل.

ونشرت عدد من الفتيات قصصاً عن الكاتب جعفر العطار، اتفقت على أنه يعتمد أسلوب الاستدراج للضحايا، يبدأ بعرض بعمل، ويمر باتصالات ليلية وإرسال صور عبر هواتفهن، وينتهي بطلبات اللقاء، ومن ينجح معها يعرض عليها ممارسة الجنس، والمفارقة أنها كانت عند صدّه، تكون الحجة نفسها مع الجميع أنه بحالة سكر ويتعاطى الحشيش، وأنه غير مسؤول عن تصرفاته.

بدأت القصة منذ أسبوع عندما قررت ممثلة لبنانية غير معروفة بالوسط الفني اللبناني فضح العطار عبر نشر محادثات بينها وبينه وأوقات اتصالاته بها ومضايقته لها حتى انفرطت السبحة في اليوم التالي ليتبين أنه مارس نفس التصرف مع أكثر من 7 فتيات من مجالات مختلفة، منهن صحفيات وكاتبات وممثلات.

إحدى ضحاياه، رنا عباس التي تهوى الكتابة ولديها العديد من القصص الصغيرة لم تنشر، فقررت الاستفادة من خبرته بالكتابة وأرسلت له إحدى قصصها لنشرها، فطلب منها اللقاء.

وهكذا جرى والتقت به في أحد المطاعم في شارع الحمرا في بيروت، ولم يظهر منه أي تصرف خارج عن المألوف في اللقاء الأول.

بعدها تواصلت معه عدة مرات لمعرفة رأيه بالرواية، كان يتحجج بأنه لم ينته من قراءتها بسبب انشغالاته، إلى أن بعث لي ذات يوم بصورة له عند الساعة الرابعة فجراً، معتذراً بعدها أنه كان يريد إرسالها لصديقه.

وبعد أيام، تضيف عباس: “طلب مني أن ألاقيه في مقهى بمطعم في ضاحية بيروت الغربية، وعندما وصلت كان مغلقاً، وطلب مني الصعود إلى منزل صديقه الذي كان موجوداً في المنزل، لكنه غادر فجأة”.

تتابع: “بدأت طرح الأسئلة على جعفر لمعرفة رأيه إلا أنه كان يحوّل الحديث إلى مكان آخر، وبدأ الحديث الجنسي، وعندما رفضت التجاوب معه حاول تقبيلي، وبعدما هددته باستدعاء القوى الأمنية، تراجع عن كلامه وادعى أن ما قاله مشهد في مسرحية، فتركته وهربت”.

بشهادة أخرى، شاركت الشابة سكينة الأوطا قصتها معه وكيف بدأت بدعوة إلى سهرة عبر صديقتها، ومن ثم عرض عمل في صحيفته واستلام خدمة الفيديو على وسائل التواصل.

بحسب الأوطا، عرض عليها المواعدة فرفضت، وقالت إنها مرتبطة فأكد لها أنه أيضاً مرتبط لكن ينقصه الشغف، وهذا الشغف ما يدفعه للكتابة.

لم يرتدع العطار واستمر بالاتصالات ليلاً نهاراً إلى حين طلب منها البدء بالعمل، اقترحت عليه اللقاء في الصباح، لكنه أصر على الليل بحجة أنه يكتب في النهار.

وبعد إصراره مرت على مكتبه ظهراً لتفاجأ بأنه كما القصة الأولى بدأ بتغيير الحديث عن العمل إلى مكان آخر، وطلب منها مشاركته الفراش مقابل مبلغ مالي، فرفضت، وأعاد الحديث أنه يتناول الحشيش بكثرة هذه الفترة.

وتقول: “هربت وطلبت منه عدم التواصل معي مطلقاً، وتسترت على القصة لكن بعد نشر الفتيات لحكاياتهن معه قررت فضحه أيضاً”.

أما الممثلة ترايسي يونس فتختصر قصتها: “تواصل العطار معي عبر فيسبوك طارحاً عليّ التمثيل في فيلم قصير، طلبت منه أن يرسل النص، إلا أنه ماطل وطلب مني اللقاء في ذلك الوقت أن نلتقي، وبدأ يتصل بي فجراً ، ويرسل صوره، وعندما أسأله عن السبب تكون الإجابة أنه أكثر من تناول الحشيش وشرب الكحول، بعدها لم أعد أرد على اتصالاته، حظرته على الواتساب، انتقل للاتصال بي من أرقام أرضية ومن ثم عبر “سيغنال”، هددته بإبلاغ القوى الأمنية، لكنه أجاب بأنه غير خائف، وبدأ تلفيق الأخبار والتشهير بي عبر السوشيال ميديا”.

الصحافية لونا صفوان كانت لها قصة مشابهة لكن من دون أن تلتقيه أيضاً، فبدأت قصتها بمناقشات سياسية كونهما يتفقان على معارضة “حزب الله”، لكن العطار اعتمد نفس الأسلوب الشهير.

أصبح يتعمد عدم حصر الحديث بالسياسة، وبدأ يمرر تلميحات جنسية عبر استعمال كتاباته، ومن ثم انتقل إلى عرض الكتابة معه في صحيفته، ولاحقاً بالدعوة إلى شرب كأس وعندما واجهته بأن تصرفه غير مقبول كان التبرير الأول أنه يتقمص دورا في إحدى مسرحياته وأنه أكثر من شرب الكحول.

وتكشف صفوان لـ”العين الإخبارية” أن نقابة الفنانين اللبنانيين اتصلت بعدد من الضحايا ووضعت نفسها ومحاميها بتصرفهن فقررن التقدم بدعوى قضائية ضده.

وبالفعل حصل محامي النقابة على توقيع 7 شابات لرفع دعوى، وهذا ما تم، أما التطور القضائي الثاني فكان عبر تحرك النيابة العامة اللبنانية من تلقاء نفسها، واستدعاء الفتيات لأخذ إفاداتهن للادعاء عليه بدورها، وهو ما تم أيضا.

في المقابل، لم يسكت العطار الذي هاجم ضحاياه كلّ على حدة، وبدأ بنشر قصص عنهن وعن علاقاتهن الشخصية، وقال إن أغلب ما نشر من حكايات وأحاديث له  هو من فتيات لم يلتق بهن أو التقى بهن لمرة واحدة بمكان عام، سائلاً: “ما هو التحرش بالضبط؟ هل اعتديت على أحد جنسياً؟”.

ويستعمل العطار مع وسائل الإعلام نفس أسلوب التبرير الذي استعمله مع ضحاياه، بحديثه عن تدخين الحشيش وأنه كان يكتب أحد أدواره المسرحية، وأنه يهتم بممارسته على أرض الواقع.

وأضاف أنه سيرفع دعوى قضائية على كل من تناوله بالاتهامات السابقة.

 

وأقر المجلس النيابي اللبناني قانون تجريم التحرّش الجنسي وتأهيل ضحاياه، في 21 ديسمبر/كانون الأول 2020.

وإذ رحّبت منظّمات حقوقية عدّة بإقرار قانون للتحرّش، إلا أنها اعتبرته غير كافٍ لكونه يبقي “عبء إثبات فعل التحرّش على الضحية وليس على المرتكب الذي يقع عليه في القوانين النموذجية إثبات عدم حصول الجرم” وتطرح هذه الثغرة إشكاليات عدّة في الحالة الراهنة، لا سيّما أنّ العطار لم يكتفِ برفض التهم الموجّهة ضدّه، بل عمد أيضاً إلى اتهام عدد من ضحاياه بالتحرّش به.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى