هذا هو ‘‘الصهيوني” الذي يُصلي العشاء مع المسلمين

‘‘الصهيوني” الذي يُصلي العشاء مع المسلمين

تحت العنوان أعلاه كتبت “إحسان الفقيه” ما يلي:

سيأتي صهاينة ليسوا يهودا، بل هم مسلمون، يلعبون دور الصهاينة، يمثلون إسرائيل خير تمثيل، الصهيوني الجديد هو الصهيوني الوظيفي، الذي يصلي العشاء معنا، وهذه مشكلة كبرى، لأنه سيقوم بالوظيفة التي كان يقوم بها الجنرال الإسرائيلي.
عندما ألقى العالم الموسوعي الراحل عبد الوهاب المسيري، تلك الكلمات ضمن محاضرة له في التسعينيات، لم يكن هذا الصنف من صهاينة العرب معروفا بشكل واضح ومباشر، على النحو الذي يظهر به اليوم علانية، إذ كانت القضية الفلسطينية فرقانا بين العدو والصديق، وحدّا فاصلا في الولاء والبراء، وكانت خطوات التطبيع تُقطع في الخفاء وفي نطاق الأنظمة والحكام.

وبعد أن ابتعدت القضية عن نقطة المركز في بعض الأوساط السياسية والثقافية والعلمية، تصدّرَ الصهيوني الوظيفي ذو اللسان العربي لمخاطبة الرأي العام بلغة سامة تبعثر أوراق القضية الفلسطينية وتقوّض حقائقها، وفي الوقت ذاته ترسم صورة ذهنية إيجابية للكيان المحتل في عقول الجماهير.

الصهيوني الوظيفي ذو اللسان العربي، يبذل قصارى جهده لإثبات الحق التاريخي للإسرائيليين في فلسطين، بزعم أقدمية السكنى لهم، ويُعرض عما يقدمه أهل الاختصاص من براهين وأدلة قاطعة على أن اليبوسيين من العرب الأوائل هم أول من سكن فلسطين، وسكنها الكنعانيون العرب، وكل ذلك قبل أن يدخلها الخليل إبراهيم عليه السلام بقرون، ومن المعلوم أن حفيده يعقوب عليه السلام هو المسمى بـ»إسرائيل» الذي انتسب إليه اليهود أو بنو إسرائيل، وهذا إن تغاضينا عن حقيقة أثبتها كثير من العلماء مثل اليهودي فردريك هيرتس في كتاب «الجنس والحضارة» وأوجين بتار في كتاب «الأجناس والتاريخ» من أن يهود اليوم لا نسبة لهم لبني إسرائيل، الذين بُعث إليهم النبي موسى، وليسوا من سلالة إبراهيم.

علما بأن إبراهيم عندما نزل فلسطين لم يحكمها، بل نزل ضيفا، ورد ذلك في سفر التكوين: «نزل أرض كنعان ضيفا، فاستقبله ملك يبوسي كنعاني وأكرمه».

ويذكر الدكتور محسن صالح في كتابه «الحقائق الأربعون في القضية الفلسطينية» أن العرب الكنعانيين نزلوا فلسطين قبل 4500 سنة، وعمّرها العرب قبل 1500 عام من إنشاء مملكة بني إسرائيل، أو مملكة داود، واستمر وجود العرب أثناءها وبعد انقطاع صلة اليهود بها، إلى أن جاء الإسلام فتأكدت الهوية الإسلامية للفلسطينيين حتى اليوم، بينما حكم اليهود أجزاء من فلسطين ـ لا جميعها- في مدة تقدر بأربعة قرون فقط.

ومع ذلك يصر الصهيوني الوظيفي أو المتصهين العربي على أن لهم أقدمية السكنى، ويثبت بناء على ذلك حقهم التاريخي في فلسطين، وهي آفة تحدث عنها الدكتور المسيري، آفة عدم تجاوز الادعاءات الصهيونية، أي توثيق ما يدعيه العدو وترديد رواياته وبناء المواقف على أساسها.

الصهيوني الوظيفي ذو اللسان العربي، دائما يهوّن من شأن القضية الفلسطينية، فهو إن تناولها صوّرها على أنها مجرد بقعة متوترة ينبغي أن لا تكون هي مصبّ اهتماماتنا ورأس أولوياتنا، وإن تحدث عن الأقصى أشار إلى أن سعي الصهاينة لهدم الأقصى، وبناء هيكلهم لا وجود له إلا في العقلية العربية الواقعة تحت تأثير نظرية المؤامرة، بل يذهب إلى أبعد من ذلك، ويقترح تخصيص جزء من باحة المسجد الأقصى لبناء هيكل سليمان.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى