أزمة مكتومة بين السعودية والإمارات بسبب إم بي سي (تفاصيل مثيرة)
علمت “الأمة” أن هناك أزمة مكتومة بين السعودية والإمارات قد تتسرب بعض ملامحها للعلن خلال الفترة المقبلة، بسبب مجموعة “إم بي سي” الإعلامية.
ووفق مصادر مطلعة فقد قررت السعودية وبدأت السعي لنقل “إم بي سي” بشكل كامل إلى داخل المملكة والسيطرة عليها بشكل فعلي بدلا من السيطرة الإماراتية المشتركة.
وتقع مقرات المجموعة الرئيسية، بالإضافة إلى قناة “العربية” في دبي الإماراتية.
وتضيف المصادر أن هذه الخطوات لم تعجب الإماراتيين، والذين يعتبرون أن المناخ المفتوح في أبوظبي، مقارنة بالرياض – ولو خلال الفترة السابقة قبل انتهاج السعوديين أسلوبا انفتاحيا – وإدارتها من هناك هي التي أعطت “إم بي سي” زخمها.
من جانبهم، يرد السعوديون بأن المملكة أصبحت منفتحة، وجاهزة لإدارة القناة التي هي استثمار سعودي في الأساس.
وفي إطار سعي السعودية لنقل “إم بي سي” وإثبات صحة وجهة نظرهم،، بدأت في رمضان الماضي إنتاج بعض البرامج من المملكة، مثل برنامج “رامز عقله طار”، الأخير الذي تم تصويره في الرياض، وكان موجها للسعوديين خصوصا وللخليجيين بشكل عام ومعهم المصريين.
وكان هذا البرنامج يتم تصويره سنويا في الإمارات بتجهيزات عالية، وكان يتم رصد ميزانية ضخمة للغاية من إدارة “إم بي سي” له، خاصة بعد أن حقق نسب مشاهدات عالية خلال المواسم السابقة.
وبحسب المصادر، فإن المسؤوليين السعوديين أرادوا إثبات أن المملكة أصبحت جاهزة لاستقبال أحد أكثر البرامج جنونا، لكن الأمر لقي ترحيبا خافتا من الإمارات وبعض الانتقادات الموجهة للبرنامج وطريقة إعداد المقالب الموجودة فيه وحتى مستوى الضيوف.
ووفقا لتقديرات بعض المطلعين على الملف، فإن الأزمة المكتومة ربما تبدأ في التكشف خلال الأيام أو الشهور المقبلة، لأن السعودية وضعت مدى زمنيا لا يزيد على خمس سنوات لنقل “إم بي سي” إلى المملكة، وذلك يعني بدء اتخاذ خطوات عملية في ذلك الاتجاه، وهو ما تعارضه أبوظبي.
وتشمل عمليات نقل إدارات “إم بي سي” المخطط لها حتى الآن، قناة “العربية” الإخبارية وجميع قنوات وأفرع “إم بي سي”، مع الاحتفاظ بمكتب رمزي في أبوظبي لمتابعة الأخبار وإنتاج بعض البرامج الإماراتية المحلية.
وقال مصدر إن بعض المسؤولين السعوديين استشعروا الغضب الإماراتي من القرار السعودي، وأبدوا مخاوف من أن تعرقل أبوظبي تلك المساعي وتعمل على إفشالها أو إفشال القناة عند انتقالها، خاصة أن هناك تسريبات بأن الإماراتيين سيتعاقدون مع جميع العاملين في مكاتب “إم بي سي” للبقاء في الإمارات حال انتقال مقرات المجموعة إلى السعودية.
ويعزز من تلك المخاوف، على سبيل المثال، بدء الإمارات سرا في الإعداد لإطلاق قنوات جديدة أو توسعة قنوات قائمة، لكن تلك المعلومات لم تتأكد أو تتخذ صبغة جادة بعد، بحسب المصادر، ويرجع ذلك ربما إلى أن الإماراتيين لا يزالون يأملون في الاحتفاظ بـ “إم بي سي” نفسها ، وليس بديلا لها، في الإمارات.
وأشارت المصادر إلى أنه وأمام مخاوف تفريغ القنوات من كوادرها، بدأ بعض المسؤوليين السعوديين تفاهمات أخرى مع العاملين في المجموعة من خارج الإمارات لنقلهم إلى المملكة ليكونوا كوادر أساسية حال انتقالها إلى السعودية، لاسيما بعد رفض عدد كبير من العاملين بمكاتب الإمارات الانتقال.
وأوضحت أن بعض العاملين في مقرات “إم بي سي” في القاهرة أجريت معهم محادثات شفهية في ذلك الصدد، وقدم المسؤولون السعوديون لهم وعودا قوية برواتب قوية وأوضاعا جيدة ومعاملة متميزة.
وأكدت المصادر أن بعض الكوادر الرئيسية في المجموعة الموجودة في العاصمة المصرية توصلوا بالفعل إلى اتفاقات نهائية مع السعوديين لنقلهم إلى المملكة دون أن يكونوا في وضع الاحتياط الذي اعتبروه إساءة لهم، حيث وعدتهم الرياض بنقلهم إلى السعودية حتى إذا وافق العاملون في الإمارات على الانتقال للعمل من المملكة، خاصة أن المقرات الجديدة التي يجري إعدادها في المملكة تسمح باستقبال أعداد أكبر وإدارة أوسع.
في سبيل ضمان انتقال سلس كذلك دون هزات عنيفة، وضع المسؤولون السعوديون قائمة بعدد من المسؤولين الكبار الذين ينظرون إليهم باعتبارهم موالين للإمارات، واقتراح بدائل لهم.
وقال أحد المصادر إن “لكل مسؤول كبير بديلا أو اثنين، بعض هؤلاء البدلاء يعرفون ذلك بالفعل، التغييرات في مكتب لبنان كانت جزءا من ذلك، وهناك تغييرات أخرى متوقعة قريبا”.
وتضم القائمة السعودية بعض المسؤولين في المجموعة الذين تقرر الإطاحة بهم على أي حال، وذلك لاعتقاد السعوديين أنهم كانوا جزءا من بعض المواقف والسياسات التي أغضبت الرياض، مثل تجاهل الأحداث السعودية الكبيرة لصالح أحداث وفعاليات إماراتية محلية، وتضخيم الدور الإماراتي على حساب السعودي أحيانا، وتبني وجهة نظر أبوظبي لا الرياض في بعض القضايا الإقليمية.
وقال أحد المصادر: “المسؤولون عن كل ذلك لن يذهبوا إلى الرياض بكل تأكيد”.
وأوضحت المصادر أن التحركات السعودية، التي لا تزال في إطار خفي نوعا ما، تسببت في إحداث بلبلة داخل بعض إطارات “إم بي سي”، مثل “إم بي سي مصر”، حيث تلقى العاملون هناك وعودا شفهية بعدم المساس بأوضاعهم إلا في إطار الأفضل.
ورغم أن تلك الأزمة لا تزال تحت السطح، فإن المصادر تقول إنه من غير المرجح أن تظل كذلك طويلا، إلا إذا تم التواصل بين الرياض وأبوظبي على مستوى أعلى من الحالي، (وليا عهد البلدين مثلا) وجرى الاتفاق على صيغة مرضية.
ولا يبدو ذلك مرجحا بقوة حاليا بسبب الخلافات على بعض الملفات، لكنه وارد بالطبع بالنظر إلى أن البلدين حتى الآن يعتبران أنه من المضر لهما أن تظهر خلافاتهما علنا.
يذكر أن مصادر إعلامية قد كشفت، في ديسمبر/كانون الأول الماضي عما وصفته بـ”انقلاب” داخل “إم بي سي” وعودة “سام برنيت” إلى موقعه كرئيس تنفيذي لمجموعة “إم بي سي”، بعد نحو عام من تركه منصبه، ما عزز تكهنات بوجود رغبة سعودية لاستعادة السيطرة على المجموعة.
ووفق مصادر، حينها، فقد تم فض الشراكة بين الشبكة السعودية وشركة “شويري جروب” الإماراتية، بعد قرابة 14 عاماً من العمل معاً.
وبهذه الخطوة، مهّدت الشبكة الطريق أمام سعودة القناة إعلامياً وسياسياً، ونقلها إلى الرياض، ولاحقاً تعيين “ماجد بن عبدالعزيز آل إبراهيم” مديراً جديدا للقناة.