غياب مفتشي السلامة السبب.. زيادة إصابات العمل .. متى يتوقف الاستنزاف البشري؟
القاهرة – الأمة:
على الرغم من إقرار قانون العمل الجديدة واتخاذ الحكومة خطوات عديدة، لتحقيق السلامة والصحة المهنية للعمال في القطاعي العام والخاص، فإن الأرقام تشير إلى زيادة معدلات إصابات العمل في مصر خلال عام 2018، بنسبة 6.1% مقارنة بعام 2017.
ويعد القطاع الخاص الأكثر هشاشة في تطبيق معايير الصحة والسلامة المهنية، إذ بلغ مجمل الإصابات 41%، مقارنة بـ13% من إصابات العمل في القطاع الحكومي.
وتتربّع مهن عديدة على رأس معدلات الإصابة خلال العمل، أبرزها قطاع الصناعات التحويلية، والحرفيين والأطباء والباحثين الزراعيين، نظرا لغياب المواصفات الصحية التي ينبغي توفرها في بيئة العمل، خدمية كانت أو إنتاجية، وإجراءات سلامة، لتجنب الحوادث التي تصل أحيانا إلى الموت.
إصابات العمل
وكشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ووزارة القوى العاملة، في بيان لها عن زيادة إصابات العمل في مصر خلال عام 2018، بنسبة 6.1%، مقارنة بالإصابات في عام 2017.
ووفقا للنشرة السنوية التي أصدرها الجهاز، جاءت إصابات العمل على النحو التالي:
14368 إجمالي عدد حالات إصابات العمل عام 2018، مقابل 13541 حالة عام 2017، بارتفاع قدره 827 حالة، بنسبة 6.1%.
13199 عدد حالات إصابات العمل للذكور، بنسبة 91.9%، والإناث 1169 حالة، بنسبة 8.1% من إجمالي عدد الحالات.
1878 عدد حالات إصابات العمل بالقطاع الحكومي، بنسبة 13.1%.
6033 عدد حالات إصابات العمل بالقطاع العام / الأعمال العام، بنسبة 42%.
القطاع الخاص (50 عاملا فأكثر) 5978 حالة، بنسبة 41.6%.
القطاع الاستثماري 479 حالة، بنسبة 3.3% من إجمالي عدد الحالات.
وسجلت محافظة القاهرة أكبر عدد من حالات إصابات العمل، كما سجلت محافظة الوادي الجديد أقل عدد من حالات إصابات العمل.
وعن أكثر المهن التي سجلت إصابات، وكذلك أكثر الأسباب شيوعا، فقد جاءت كالتالي:
مهنة الفنيّين ومساعدي المختصين أكبر عدد من إصابات العمل، بـ 5852 حالة، بنسبة 7.40%.
مهنة الحرفيين ومن إليهم بعدد 2379 حالة، بنسبة 6.16%، بينما بلغ أقل عدد بين المزارعين وعمال الزراعة والعاملين بالصيد المتخصصين 86 حالة بنسبة 6.0% من إجمالي عدد الحالات.
وسجل نشاط الصناعات التحويلية أكبر عدد من حالات إصابات العمل، إذ بلغت 8631 حالة، بنسبة 60.1%، يليه نشاط النقل والتخزين والاتصالات بعدد 1358حالة، بنسبة 9.5%.
بينما بلغ أقل عدد لحالات إصابات العمل في نشاط الوساطة المالية عدد خمس حالة، بنسبة 0.03%.
أما أسباب الإصابات، فقد جاءت كالتالي:
بلغ أكبر عدد لحالات الإصابة في (الخطأ أو التصادم بأشياء) 4059 حالة، بنسبة 28.3%.
يليها (سقوط الأشخاص) 4003 حالات، بنسبة 27.9%.
بينما كان أقل عدد لحالات الإصابة في (حوادث الانفجار) 31 حالة، بنسبة 0.2% من إجمالي عدد الحالات.
مفتش جديد
ويأتي تقرير الجهاز المركزي للإحصاء بعد أيام قليلة من إشادة منظمة العمل الدولية، بتجربة مصر في السلامة والصحة المهنية.
وأشاد أمين رويدات، المستشار الإقليمي لتفتيش العمل والسلامة والصحة المهنية للمنطقة العربية بمنظمة العمل الدولية بجنيف، بتجربة مصر الناجحة، والإصرار على استكمال التفتيش بالنظام الإلكتروني، مطالبا بدعم واستكمال المشروع الناجح في مصر.
وقال محمد سعفان، وزير القوى العاملة: “إنّ مبادرة (مفتش جديد) نظام جديد، اتخذته الوزارة عند انتهاء التوجيه الفني، والخروج بملاحظات داخل عمليات التفتيش الميداني للسلامة والصحة المهنية تأمين بيئة العمل”.
وحدد قانون العمل الجديد معايير واحتياطات الأمن والسلامة من كافة أنواع المخاطر، منها: الفيزيائية، والكهربائية، والهندسية، والبيولوجية، وغيرها بما يضمن السلامة للعمال بالمؤسسة.
وتُلزم المادة (217) من قانون العمل الجديد، باب “تأمين بيئة العمل”، المنشأة الصناعية وفروعها، “بتوفير وسائل السلامة، والصحة المهنية، وتأمين بيئة العمل في أماكن العمل، بما يكفل الوقاية من المخاطر الفيزيائية.
فيما ألزمت المادة (218) المنشأة وفروعها، بتوفير الوسائل نفسها في بيئة العمل، بما يكفل الوقاية من المخاطر الكهربائية، بينما ألزمت المادة (219) من المنشأة توفير احتياطات الأمن والسلامة للوقاية من المخاطر الهندسية.
غياب السلامة
فيما يشكو أصحاب العديد من المهن، أبرزهم الأطباء والعمال والباحثون الزراعيون، نتيجة لغياب معايير السلامة المهنية والأمان الحيوي خلال عملهم، نتيجة قصور القوانين المتعلقة بها وعدم تطبيقها لعدم استيعابها للأمراض والإصابات المتعلقة بالتعرض للتقنيات الحديثة.
ويُبدي عدد من الباحثين الزراعين ترددا في إجراء العديد من البحوث في هذا القطاع، إذ قال محمد السيد، أستاذ أمراض النبات في مركز البحوث الزراعية: “لا يُجرى التقييد باتباع قواعد الأمان الحيوي داخل المختبرات، التي تعمل على تقليل الأخطار البيولوجية، ومنع انتقال الأمراض للباحثين نتيجة التعامل مع مواد بيولوجية خطرة في المعامل البحثية”.
وأكد عمر راضي شلبي، أستاذ علوم التغذية بمركز البحوث الزراعية: “إن إصابات الباحثين أثناء عملهم بالمعامل تتزايد، ولا وجود لمعايير تضمن السلامة المهنية في العديد من مختبرات البحوث الزراعية”.
وأشار في تصريحات صحفية إلى وفاة ثلاثة باحثين على الأقل خلال الأعوام الثلاث الماضية، بعد معاناة مع المرض، نتيجة إصابتهم خلال عملهم في المخابر.
وقبل أيام اختنق ستة عمال في أحد الآبار، حينما شرع أحدهم في تطهير البئر، باستخدام حمض الكبريتيك، المعروف بـ”مياه النار”، ما أدى إلى هلاكه، وسقوط ضحايا ومصابين حاولوا إنقاذه.
وعن أسباب زيادة إصابات العمل في مصر، يرى خبراء في السلامة أن مفتشي السلامة والصحة المهنية المنوط بهم رصدوا مخالفات بالمُنشآت الصناعية، لا يقومون بتأدية عملهم المتمثل في التفتيش المستمر على المنشآت، فضلا عن وجود عجز في المفتشين، بسبب عزوف المتخصصين عن العمل في المجال.