صبري القاضي الذي أحببناه.. بقلم: أيمن الشحات
اللواء محمد صبري مأمون القاضي، ترتيبة رقم 12 ضمن قائمة المحافظين الذين تولوا مسوؤلية العمل المحلى فى محافظة كفرالشيخ منذ إصدار قانون الإدارة المحلية عام 1960 حيث كلف بالعمل كمحافظ لها فى 10 أكتوبر عام 1991 حتي 15 يناير 1996 لمدة 4 سنوات، و 97 يوماً.
وهو من الرعيل الثاني من الضباط الأحرار، ظل عضوا بمجلس الشعب لأكثر من 30 عاما عن دائرة المحمودية بمحافظة البحيرة، وتولي رئاسة لجنة الاقتراحات والشكاوى بالمجلس، كما تولي رئيس العلاقات الخارجية والشئون العربية، وعضوا في المجالس القومية المتخصصة، ثم عين محافظا لكفرالشيخ، وبنى سويف، وتوفي فى السابع من نوفمبر عام 2001.
كان القاضي يجسد المعني الفلسفي الذي يقول: كلما علت قيمة وهامة الناس وكلما حقق النجاح فإنه ينحني تواضعا للناس ولحب الناس ولتقدير الناس، لما لا وهو أول مسؤول كان الشارع مكتبه والمواطن همه ويتحدي مشاق العمل رغم كبر سنه.
قيمة هذا المقال أنه “تذكير” للناس، برموز فقدنها، وربما نسيناها باعتبار أن “آفة بلدنا النسيان”، فالنجوم حين يرحلون يبكيهم كل الناس ويتذكرونهم لأن لهم إنتاجاً بالصوت والصورة يذكره الناس وربما يحفظونه عن ظهر قلب، ولكن المنتج فى حالة اللواء صبري القاضي هو “الوعى العام” والكشف عن مكنون الوطن الثابت الأصيل، ورغم أن “القاضي” جاء فى الزمن الشمولى – وهذا قدره – لكنه أستطاع أن يقدم للعمل المحلي ما لم يقدمه غيره وهو منتج واضح ومرئي للعيان، وضعه فى خانة النخبة المحبوبة، فلم يكن مجرد محافظ فى زمان مبارك، إنما كان صاحب رؤية، وعندما يكون فى مصر محافظ برأى ورؤية تتضافر عوامل شيطانية للإطاحة به قد تكون أكبر من قدرة الحاكم السيطرة عليها، فلست أظن أن بلداً يمكن أن يفرط فى عقلية كعقلية “القاضي”، وهو فى موقع محافظ لمحافظة نائية تعاني الإهمال والتهميش رغم كنوزها وغناها.
صبري القاضي الذى أحببناه عاش نظيفاً ومات شريفاً، و.. ولم ينتقل إلى منتجع بل ظل فى شقته القديمة بالقاهرة وسط الناس الذين أحبهم وأحبوه، لم يحيا كالنجوم وأثرياء القوم، كان “وكيل نيابة” يستدعى نفسه دائماً، ثم مارس دور القاضى على نفسه عند اتخاذ أى قرار، وبالتأكيد كانت له أخطاء، لكن انجازته كانت أقوي وأكبر من أخطائه.
هل تصدق أن بعد رحيل صبري القاضي عن كفرالشيخ في 15 يناير 1996، أتى اليها 11 محافظا لا يتذكر الناس منهم محافظ واحد، وبرغم كل هذه التغيرات إلإ أنه هو الشخص الوحيد الذي اجتمع عليه الجميع وأحبه الشارع بسبب تلاحمه معهم ووجودة بينهم يتجول على قدمية ليل نهار وبدون موكب أو حراسة، وأثبت حتى اليوم رغم وفاته أنه مازال حي وصاحب مكانة كبيرة فى قلوبهم.
لا يختلف أحد عن كونه مسؤول شعبي وجماهيري من الطراز الفريد، حيث كنا ومازلنا نتمني أن يأتي مسؤولا آخر بنفس مواصفاته، ويسير على نهجه، لكن للاسف تجربته لم تتكرر بعد، رغم وجود النموذج وهو سهل وغير صعب التطبيق لمن يريد أن ينفذه ويعمل به للناس، لا للكاميرا، وشغل الثلات ورقات.