سعاد عبد الكريم تكتب: ويبقى السؤال!

_الغربة ُ في أعماقي مُسْتعمرَةٌ تكاد تخنقني لولا أنّي أشهق من حين ٍ لحين. أحرّك رأسي ظنّاً مني أنّني سأنجو من الأفكار التي تغزوني فأنتقل للخطاب التالي الّذي قد يكون أكثر ألما ً منها..
ما عدت أنتمي لأهل ٍ ولا أذكر أصدقائي القدامى.. كل ّ من حولي شظايا لصمت ٍ رهيب، جثث تمشي بلا شعور. أنهل ٱرتواء نفسي من ذاكرة هشّة وملامح مرهقة، أحاول أن أحتفظ ببقايا البقايا بجهد ٍ كبيرٍ فأصاب بوجع نصفي حاد يكاد يفقأ عيني.. النتيجة ندبة ٌ غائرة ٌ في الروح وجروح تطلق صافرات النصر! .. كيف أكون هنا بينما أنا هناك! أريد أن أعود ولكن يبقى السؤال.. كيف؟!
_عالقة ٌ في برزخ ٍ بين أمنيات ٍ مشوّشة ِ الملامح وطعم ٍ مرّ يفيض به فمي. أمشي لأُدلّل قدميّ من صلابة الممنوع والمرغوب، أنا في المربع الرمادي دائما ً رغم الصراع الّذي أخوضه بيني وبين نفسي. البشر هنا عبارة عن (عجقة ٌ) من الصور التي أجسد بها سلوكهم بعيدا عن اشكالهم الخارجية التي لم أرها قط!
أحمل عينا ً ثالثة في روحي ترى أنوارَ الوجوه الباهتة، وجوهٌ لا تحمل دفء الصيف الّذي يدّعونه ولا تشبه النحاس!! إني أغوص في عمق ٍ آخر أعمق من الظّل الّذي يحاول خداعي، أشعر بالأرهاق الشديد وأنا أُنقّي البشر في لوحاتي كالعدس قبل الطبخ.. فهل أبالغ؟!.. ربما!! لكن ماذا عن بهجة العيد التي تأخذني لليتم الّذي أمقته فيرقص قلبي على إيقاع الخيبة ٱلرتيبه، أريد أن أعود.. ولكن يبقى السؤال.. كيف؟!
_وماذا لو عدت ُ ولم أعرفني؟!
مثلا ً: أن أجدني بنصف وجهٍ مُظلّلٍ باهتٍ كباب ِ كنيسة مهجورة أو أجدني محاصرة ً في قلب تفاحة ٍ كبذرة ٍ خائفةً من أن يلتهمني شيءٌ ما.. أو شيئا ً آخر مجهول لا يشبه طبيعة البشر ولا يقربْهُ الدود . فهل سأجد كفّا تطبطب على كتفي قائلة: الرضا.. الرضا يا سعاد!
_أنا بسيطة ٌ جدا كالمواسم أبدأ وأنتهي، كالفصول أحضن الشمس وتعرّيني الريح، الطهر في قلبي لكنّني عاصٍ. ملعونةٌ بداء الذكريات، أرسم حدود ٱشتياقي بعجز ٍ تُذكّيهِ الأيام.
ما أكثرها! وما أقلّها!
الحزن يشتتني وأنا قطعة واحدة متراصة واحد-إثنان واحد-إثنان.
أريد أن أعود ولكن يبقى السؤال.. كيف؟!
_أعبر ُ الوجوه بحذر ٍ دون أن أقف عند أيّ منها. أهرب ُ من الخسائر وكذلك الانتصارات التي هزمتني وبينما يهرهرني العالم من أثقابهِ الصغيرة أبكي لتصبح أمي سنديانة عالية تحملني فوق أكتافها فقد ولدتني أمي بعين ٍ وساق ٍ قصيرة والكثير من الندوب ومضت تمسك بيدي.أسرع لإستغلال الوقت كسلحفاة كلّ الوجوه التي أعرفها غائبة، والأماكن غائبة فقط الوقت مازال واقفا ً أمامي يقرع بأطراف أصابعه على زجاج الطاولة تيك- تك تيك-تك
وأنا أنظر الى عينيه.. وأتنهد!
أحتاج لمساحة كتفين لأستريح من استيقاظ ٍ عميق يجلجل ُ صمتي ربما لن أنجو وأظلّ عالقة في نسج عنكبوت ٍ أردّد ، أريد أن أعود ويبقى السؤال.. كيف؟!
لكن لعمري.. لعمري لن ٱغلق النافذة!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى