وفاة السباح يوسف محمد (12 سنة ) تخفى خلف ستائرها اهمال جسيم

خلال مشاركته في بطولة الجمهورية للسباحة تحت 12 سنة، والمقامة في الحمّام الأولمبي باستاد القاهرة، تعرّض السباح #يوسف_محمد، لاعب نادي الزهور، لحالة إغماء وسقط إلى قاع حمّام السباحة من دون أن يلحظ أحد غيابه. وبعد دقائق، اكتشف أحد زملائه سقوطه في الحمام، لتبدأ سلسلة من محاولات الإنقاذ لم تُفلح بسبب نقص الأجهزة الطبية وتأخّر إجراء الإنعاش القلبي، حتى وصوله إلى المستشفى، حيث انتهت المحاولات هناك بالوفاة.
◾ ويفيد والده، محمد أحمد، لـ”صحيح مصر” بأن سيارة الإسعاف لم تكن متواجدة بالقرب من الحمّام الأولمبي، وحين وصلت لم تكن مجهّزة بجهاز للإنعاش القلبي والرئوي، ما دفع المدربين إلى الاعتماد على محاولات بدائية محدودة لإنقاذه بعد خروجه من الحمام، وهو ما أدّى إلى تأخّر إنعاش قلبه، الذي توقّف أربع مرات، وفقًا للتقرير الطبي الصادر عن مستشفى “دار الفؤاد”، والذي حصل “صحيح مصر” على نسخة منه.
◾ ولا تُعدّ مأساة يوسف حالة فردية؛ إذ يتكرر غياب تجهيزات السلامة والإنعاش في المنشآت الرياضية خلال البطولات المجمّعة. فقد سبقته واقعة وفاة لاعب الكاراتيه يوسف مصطفى، في مايو الماضي، أثناء بطولة الجمهورية المقامة في محافظة الإسكندرية، حيث توفي اللاعب في ظل غياب التجهيزات الطبية وجهاز الإنعاش القلبي، إضافة إلى استخدام شركة إسعاف غير مرخّصة من قبل اتحاد الكاراتيه. وهو ما يعيد طرح تساؤلات ملحّة حول مدى تطبيق معايير السلامة في الأنشطة الرياضية.
🔴 من بورسعيد إلى القاهرة
◾ يقول محمد أحمد، والد السباح الراحل يوسف، إنه يعمل فني حاسب آلي، وإن الأسرة كلها تقيم في محافظة بورسعيد، بينما كان يوسف يمارس السباحة في نادي الزهور بمدينة نصر.
◾ وكانت الأسرة -بحسب رواية الأب- تتنقّل أسبوعيًا بين بورسعيد والقاهرة إيمانًا بموهبة ابنهم، وقناعتهم بأنه كان يمتلك مستقبلًا واعدًا في اللعبة. ويضيف: “يوم 28 نوفمبر -أي قبل الحادث بأربعة أيام- حصل يوسف على ميداليتين: ذهبية وبرونزية، وفي سباق الخمسين مترًا، السباق اللى مات فيه كان طالع التاني”.
🔴 محضر إهمال
◾ حرّر الأب محضرًا في قسم شرطة مدينة نصر أول اتّهم فيه الاتحاد المصري للسباحة، برئاسة ياسر إدريس، الذي يشغل أيضًا منصب رئيس اللجنة الأولمبية المصرية، وكذلك نادي الزهور برئاسة المستشار محمد الدمرداش، بـ”الإهمال والرعونة” والتسبب في وفاة ابنه.
◾ ويشرح الواقعة قائلًا: “كنت أنا وأمه في مدرجات استاد القاهرة بنتابع السباق وبنشجع يوسف، اللي وصل لنهاية الحمّام وحقق المركز الثاني، والسباق خلص، واتسجّل على الشاشة إنه طلع التاني”.
◾ ويضيف: “نزلت أطلب عربية عشان نرجع بورسعيد، وفرحانين بالميداليات اللى كسبها، وأمه كانت هتنزل تشوفه، لأن أولياء الأمور ممنوعين يدخلوا أثناء المسابقة.. بعدها بربع ساعة جالي تليفون من أمه بتقول وهي بتصرخ إن يوسف طلعوه من قاع الحمّام قاطع النفس”.
◾ ويستطرد: “أمه بتقول إن الإضاءة كانت ضعيفة، وفضلت تدور على يوسف أكتر من 7 دقايق، وسألت زمايله وقالوا إنه ماطلعش من الميّة.. معنى كده إن ابني كان مرمي في القاع حوالي 7 دقايق لحد ما واحد من زمايله نزل المياه ولقاه واقع في الحمام”.
◾ ويتابع الأب: “عربية الإسعاف اتأخرت، لإنها كانت راكنة عند نادي الزهور مش جوه مجمع حمامات السباحة في استاد القاهرة، وخدت وقت لحد ما وصلت الاستاد، ولما وصلت مكنش فيها جهاز إنعاش قلبي.. والمسعف حاول مع المدربين يعملوا إنعاش بالإيد، وماعرفوش، فنقلوه للمستشفى”.
🔴 تقرير المستشفى
◾ وبحسب التقرير الطبي لمستشفى دار الفؤاد، وصل “يوسف” إلى المستشفى في السادسة وعشر دقائق مساء الثلاثاء، وهو يعاني من توقّف في عضلة القلب وانعدام التنفس.
◾ ويفيد التقرير أن “الأطباء أجروا محاولات الإنعاش الرئوي القلبي فور وصول يوسف، وتبيّن وجود اضطراب في كهرباء القلب.. واستجاب جسد يوسف لمحاولة الإنعاش مرة واحدة ثم توقفت عضلة القلب مجددًا، فتم تركيب أنبوبة حنجرية ووضعه على جهاز تنفّس صناعي.. واستمرت محاولات الإنعاش في غرفة العناية المركزة دون استجابة، لتسجَّل الوفاة في العاشرة مساءً، بعد توقف قلبه للمرة الرابعة”.
🔴 مسؤولية تنظيم البطولة
◾ وتُظهر لقطات منشورة على الإنترنت تسجيلًا كاملًا للسباق، يتبيّن فيه أنه عند لحظة انتهاء المنافسة لا يظهر يوسف في حارته رقم 7 من بين عشرة متسابقين، ولا يظهر أي مدرّبين حول حمّام السباحة.
◾ ويعلّق عضو بالإدارة التنفيذية لنادي الزهور -رفض الكشف عن اسمه- لـ”صحيح مصر” قائلًا: “البطولة كلها تحت إشراف اتحاد السباحة.. الإسعاف والمُنقذين والحكّام والتأكد من تطبيق البروتوكول الصحي مسؤولية الاتحاد”.
◾ ولفت عضو إدارة نادي الزهور إلى وجود شكاوى سابقة من أولياء الأمور -قبل وقوع الحادث- من ضعف الإضاءة في الحمامات، وطالبوا بتبكير موعد المسابقات لتقام صباحًا تفاديا لضعف الإضاءة في الحمامات التابعة لاستاد القاهرة.. ويضيف: “وإحنا كنادي مش بنعفي أنفسنا من المسؤولية لأن عندنا تقصير برده في اللي حصل في الحادثة.. لإن المفروض إداري فريق السباحة والمدرب يبقوا موجودين حوالين الحمّام بعد انتهاء المسابقة، لأنهم مسؤولين عن اللاعبين وسلامتهم”.
◾ وأفاد المصدر إن النادي في طريقه لإصدار قرار بإيقاف المدير الإداري ومدرب الفئة السنية عن العمل وإحالتهما للتحقيق.
🔴 ضوابط الرعاية الصحية في الأنشطة الرياضية
◾ في 24 نوفمبر 2024، أصدر وزير الشباب والرياضة القرار رقم 1642 الخاص بضوابط وإجراءات الرعاية الصحية والطبية داخل الهيئات والمنشآت الشبابية والرياضية، والذي ألزم بوجود مقدّمي خدمة طبية لحالات الطوارئ، وتأمين سيارة إسعاف مجهّزة، وتوفير جهاز إنعاش قلبي داخل سيارة الإسعاف.
◾ ونصّت اللائحة على التزام الجهة المضيفة للبطولة -وفي هذه الحالة اتحاد السباحة- بتوفير سيارة إسعاف مجهّزة بكامل المعدات الطبية وجهاز الصدمات الكهربائية، على أن تكون متواجدة قبل بدء المسابقات بوقت كافٍ، لرعاية أي مصاب خلال النقل إلى المستشفى.
◾ كما تضمّنت الضوابط إجراء فحوصات طبية شاملة ودورية للاعبين، وإنشاء سجل طبي لكل لاعب، بما يشمل فحوصات الموجات الصوتية على القلب.
◾ وحاول “صحيح مصر” التواصل مع عدد من أعضاء اللجنة الطبية باللجنة الأولمبية وأعضاء مجلس إدارة الاتحاد المصري للسباحة للحصول على رد بشأن مدى تطبيق هذه الضوابط، إلا أنهم لم يجيبوا على الاتصالات أو الرسائل.
◾ وقال مصدر مسؤول في وزارة الشباب والرياضة، بشكل مقتضب، إن الوزارة تنتظر تقريرًا مفصلًا من اتحاد السباحة حول تطبيق الضوابط، تمهيدًا لاتخاذ قرارها في ما يخص الاتحاد ونادي الزهور. وأوضح أن القرارات ستكون إدارية، بينما سيظل الشق الجنائي من اختصاص النيابة العامة، مؤكّدًا أن الوزارة ستلتزم بتنفيذ أي قرارات تصدر عن النيابة حال ثبوت مسؤوليات جنائية على أي من المسؤولين الرياضيين.



