خطورة الواقع العربي

كتبت د ليلي الهمامي
أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن
ما يجب ان تعرفه حول خطورة الواقع العربي اليوم :
أعود على الأحداث نقدا وتحليلا، لعلنا ندرك الادنى من الوعي، لنفهم أننا مهددون، ليس في مصالحنا بل في وجودنا.
نحن نتعرض لهجمة استعمارية جديدة هجمة، على مختلف الصعد والواجهات، نطاطئ الرأس لهذا القدر الأسود، ونمضي في هزيمتنا بكل مثابرة…
الزيارات الاخيرة للرؤساء و”الزعماء” العرب، الزعماء بين ظفرين، زيارات تؤكد هذا، كما كنت أشرت الى ذلك في مناسبات عدة.
الاوليڨارشيا المالية العالمية تضع يدها على غزة. غزه مشروع استثماري، وليس أمام العرب الا القبول والتصفيق كما رأينا ذلك: اقبال وفرح هستيري من ممثل الجزائر في مجلس الامن!!!
لن اعلق على هذا لأنني أفهم جيدا النظام في الجزائر يسعى لأن يستمر بكل الطرق وأن يصطف. وسيصطف وراء الامبراطورية الامريكية…..
غزة حالة من الدم وركام الهدم…
غير بعيده عن غزة، تقسيم الكعكة السورية بين تركيا واسرائيل… والجولاني يستمتع ببقايا قارورة عطر أهداه اياها دونالد ترامب في إشارة ورمزية مذلة ومهينة…
هذا هو الوضع العربي: خلفنا ٧ اكتوبر، وما انتهى اليه من أوضاع، اقل ما يقال فيها انها اوضاع دمار، اوضاع الهلاك المطلق، “الابوكاليبس” كما يقال في اللغات الغربية: الجحيم… جحيم غزة… جحيم غزة نتيجه ل ٧ اكتوبر. لن اخوض في جدل هل من خيار، هل من سياسة!؟ النتيجة هي التي تحدد قيمة الفعل السياسي… ليس لنا ان نراوغ او نكابر. النتيجه هي التي تحدد إن كنا بالفعل في مستوى المهام التي طرحناها على أنفسنا، أم أننا مُنينا مرة أخرى بهزيمة مذلة…
وضعنا اليوم واضح؛ المخطط جارٍ. وواضح أيضا أن الاهداف الاستعمارية الجديدة لن تتوقف… مخطط في اتجاه شمال افريقيا: اثارة الاشكاليات الحدودية… قيادات تعطل مسار الوحدة…
وليس من باب العاطفة، أو العروبية، أو الانطباع، أو المصادفة أن أشدد على مسألة الوحدة: نحن دون الوحدة لن يكون واقعنا الا حجيم من نزاعات حدودية، دون الوحدة لن يكون هنالك الا نزاعات ترابية، دون الوحدة سيكون المستعمر هو المستفيد رقم واحد.
عشنا التجربة في السودان: اقتُطع من السودان جنوبها. الآن بين الجيش والدعم السريع، السودان مقسم، السودان يذبح فيه الصغير، يذبح فيه الشيخ، تذبح فيه المرأة… السودان في حالة جوع ونحو المجاعة، يموت يوميا مئات من السودانيين.. والعرب يتفرجون…
جامعة عربية عاطلة، في حالة شلل، لا تبذل الحد الادنى من أجل تطويق ما يحصل، لأن ما يحصل في السودان بأيادي عربية.
يبدو أن المخططات لم تتوقف، ولن تتوقف وأن الهدف الاستعماري الجديد في الشرق الاوسط سيكون مصر!!!!!!!!!
الجيش المصري يُحرج ويزعج…..
أكثر من تسريب يُفيد هذا ويفيد ان هنالك انزعاج كبير داخل الغرف، غرف التخطيط الاستراتيجي في تل أبيب… هنالك انزعاج من الجيش المصري، من قدرة الجيش المصري الحربية العملياتية…
كل هذه المعطيات تؤشر الى أننا بالفعل، مقبلون على مرحلة عصيبة، الى أننا أمام بوادر ومؤشرات وبواكير حرب شاملة: إعادة رسم الخارطة، من أجل مزيد التفتيت والتفكيك…
الحالة الليبية إثبات الآخر، تماما كما الحالة اليمنية، إثبات الاخر أن مخطط التفتيت والتفكيك لم يتوقف، أن مخطط التفكيك والتفتيت لا يزال جارٍ ولن يتوقف. وهذا أمر اكدته السياسات الامريكية الاخيرة…
هذا لا يمكن ان نواجهه بالصمت… لا يمكن ان نواجهه بالسلبية، والعدمية، والعناد والأمثال الشعبية والمطر الى المستقبل أنه منته لصالح غيرنا لا محالة: بل علينا ان نواجه بكل ما أوتينا من قوة، حتى وإن كان في قوتنا كثير من الضعف واليأس، حتى وإن كان في عزيمتنا الكثير من الشك والتردد. علينا ان نواجه شعبيا… علينا ان نندد، علينا أن نشتغل كنخب وغير نخب على مسألة الوحدة. مسألة الوحدة ليست مسألة يائسة. مسألة الوحدة هي السبيل الوحيد لمنع التسرب الاستعماري الجديد، هي السبيل الوحيد لمنع الحرب علينا وتدميرنا وفنائنا!!!
الان الان، العالم العربي مقبل على حروب اقليمية مدمرة!!!!
انبّه وأعود، وأنبّه وأعود، الى مسالة الوحدة لانها الحل الوحيد… الحل الوحيد في أن توحّد الثروات العربية، أن توحّد القيادات العربيه من أجل نهضة حقيقية ونهضة فعلية… الحل الوحيد الممكن!!!! دون ذلك نحن على خطى حثيثة نحو الهاوية، دون الوحدة نحن ننزلق في اتجاه الانتحار الجماعي.
د. ليلى الهمامي.



