نورهان البطريق تكتب: السلوك العدواني للطفل .. فطرة أم تعلم؟

منذ سنوات قليلة ماضية كنا نناشد بضرورة استخدام أساليب تربوبية في التعامل مع الطفل وعدم تعنيفهم سواء من جانب الأسرة أو المدرسة .
ولكن في الاونه الأخيرة انتشرت ظاهرة “الطفل العنيف ” ضد اخواته أو زملاءه، وحين يخبرك أحدهم أن ثمة طفل عدواني في المدرسة، فإن أقصى تصور قد يرسمه عقلك لهذا الطفل أنه يقوم بضرب أصدقاءه ،ويتوقف تصورك عند هذا الحد من التصور ،لأنه في النهاية طفل ولا يملك سوى لسانه أو يداه.
لكن يستحيل أن يستوعب عقلك فكرة أن يخطط طفل لقتل زميله…..نعم إلى حد القتل !!!!!
وهنا يمكن السؤال : ماهي الدوائر التي تحيط بهذا الطفل لتصنع منه قاتلا ، وما الذي يتعرض له خلال يومه التي تجعله يتوصل لفكرة القتل لتخلص من من صديقه.
لا اظن أن هذه العقلية نتاج تعامل مع بشر سواء أسرة أو مدرسة ولكن نتاج شاشات مثل التلفزيون ،أو جراء أجهزة الكترونية والتفاعل اليومي على وسائل التواصل الاجتماعي.
في ظل غياب الاسرة سواء اهمال أو أعباء الحياة، يبقى الطفل فريسة للشاشات المرئية ، يتعرض لها بشكل يومي لساعات طويلة ، ولا نلتفت للسم الذي يندس داخل الأفلام الكرتونية ، أما عن الأفلام السينمائية فهي عبارة عن لقطات تحض على البلطجة والإجرام بحجة أنها تعكس الواقع،
أما الشاشات الالكترونية فقد نجحت انها تزحف داخل المدارس، فداخل الفصل الواحد يمكنك أن تعثر على أكثر من هاتف محمول ، ولا تستطيع أن تعرف ما نوعية المحتوى الذي يتعرض له ،ولا يمكنه أن يتخلى عنه خلال فترة وجوده في المدرسة.
أومن أن الإنسان أقوى من أي جهاز، لأنه في النهاية عقله هو من ساعد على هذا التطور التكنولوجي وهو ما جعله يخترع مثل هذه الأجهزة من أجل تيسير الحياة.
ولكن في ظل هذا التطور التكنولوجي الهائل ، علينا أن نسخر قدراتنا و اهتمامنا أكثر لذلك الطفل الذي سيكبر وسيصبح شابا وبالتالي سيتناول مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق أوسع.
حين نقرر أن ننجب اطفالا لمجتمع ، فعلينا أن نعي أننا سنتعب من أجل أن نصنع جيل سوي ، وأننا اصحاب القرار فيما يتعرض له أطفالنا، وأننا وحدنا من نملك الوعي الذي يجعلنا نستغل أوقات أطفالنا في تعلم لغة أو هواية أو لعب رياضة، المهم ألا نتركهم للفراغ الذي يجعلهم يرتمون في أحضان العالم الافتراضي ، فليس بالضرورة أن يكون في معزل عن هذا العالم ، ولكن علينا أن نراقب ونختار بعناية مايتناسب مع أعمارهم إلى جانب ان ندرك جيدا نوعية الرسالة الموجهه لطفل هل ستعلمه قيمه من قيم المجتمع ام تحوله شخص عدواني
في النهاية من المؤسف أن تنتصر التكنولوجيا على الانسان وتنجح في خلق أجيال عدوانية، بينما يظل مهمة الانسان أولا أن يربي أجيال تتمتع بعقلية سوية هدفها التقدم والتطور ، لا إلى القتل والانتقام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى