زمن الذكاء الاصطناعي في ذروه العولمة

كتبت : د ليلي الهمامي
أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن
كثير من المواضيع تخضع، في هذه الفترة، للسفسطة. هاجس التسويق السياسي ونيل الاعجاب دفع بعديد الفاعلين في المجتمع العربي لتزييف الحقائق، والى السعي لكسب ونيل إعجاب الاغلبية…
ليست هذه غايتي حقيقة، فبالنسبة لي ما ينفع قد يؤلم.. قد يبدو محرجا ومزعجا!!! لا أفضل أن تكون أفكاري كالماء، تنساب وتخترق وتلتوى على المنعطفات والحواجز… لماذا؟ لان في القضايا الأساسية هنالك ضرورة؛ ضرورة أن نوجع لكي نعالج…
من الاشياء التي أعتبر أنها حيوية، وليس من باب الترف ان نطرحها، مسالة مستقبل الشباب.
شبابنا يضم فئة هامة من المتعلمين، من حاملين الشهادات العليا. لكن، هذا الشباب نشأ في لحظةغفلة وسهو منا على شبكات التواصل الاجتماعي، نشأ بعيدا عن نظام تربية، لا أقول مغلقا، لكن نظام تربية منضبط او قائم على الانضباط والعقيدة العلمية، نظام لا يدرّس كيف العلم وإنما يدرس عقيدة العلم…
والاعتراض الكلاسيكي على هكذا قول أننا في مجتمع مفتوح، أننا زمن الذكاء الاصطناعي في ذروه العولمة، أننا تجاوزنا الأشكال القروسطية والسكولستيكية للتعليم.
هذا يدعوني للتفكير في مسألتين: أولا ان الثورة الاتصالية والمعلوماتية، وشبكات التواصل الاجتماعي لم تنته الى نتائج ايجابية مثبتة… يعني أن من يقول بان هذه الثورة الاتصالية والمعلوماتية، ضروري أن نخضع لها وأن نواكبها وأن نطبقها وأن نجاريها، ليس يديه اي نتيجة تؤكد أنها إيجابية… على العكس تماما، لدينا مؤشرات أن هذه الشبكات وهذه الثورة أفضت الى حالة من التسيٌب، أفضت الى استقطاب الارهاب، أفضت الى ما هو مصنف كجريمة او أشكال الجرائم خلال الشبكات، من استقطاب للدعارة، من استقطاب لأشكال المتاجرة بالبشر، الى أشكال المتاجرة بالمخدرات …
كل هذا اكيد له منافع، لكن هذه المنافع، متى كانت خارج التأطير، وخارج التوجيه، وخارج الرقابة، لا معنى لها…
المسالة الثانيه وهي الأهم في تقديري، أننا في حالة هزيمة!!! وأن هذه الهزيمة تحتاج منا إلى شيء من الحزم، في إطار تعاقدي، في إطار توافق اجتماعي واسع حول محددات نظام التربية. وأقول التربية وهي اوسع من التعليم… ذلك انه ليس في امكاننا ان نواجه كل المشاكل وكل المخاطر وكل المعوقات بإضافة ما يشل وما يعطل وما يدفع بشبابنا نحو الهلاك. لا يمكننا وليس في امكاننا ذلك، لا من الناحية المادية ولا من الناحية الاستراتيجية. اذا كان المستقبل هو الشباب، وإذا كان شبابنا يتهدده الارهاب، وتتهدده المخدرات وتتهدده أشكال الجرائم الفظيعة الملازمة للمخدرات، والجرائم الجنسية وما شابه، فيعني هذا أننا ننتحر، أننا بصدد الإنتحار..
لا أفهم الحرية خارج منطق الالتزام.
لا افهم حرية تدفع بالامة الى الانتحار. هذا ممنوع. فليكن في اطار حوار. فليكن في اطار تعاقدي، لكن لنؤكد أنه ليس في إمكاننا ان ندفع بشبابنا او ان نتغافل، تحت مسمى الحرية والديمقراطية، على وضع الانهيار الذي يشهده سلم القيم في مجتمعاتنا.
أنبّه واحذر أن هذه جريمة خطيرة. أنبّه وأحذّر مرة اخرى بان هذا امر لا يمكن أن نسهو عليه أبدا، أو ان نواصل السهو عليه، والتغافل عليه جريمة أسوأ.
د. ليلى الهمامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى