بعد سد النهضة.. إثيوبيا تثير حفيظة مصر بمطلب جديد !!

بعد انتهاء إثيوبيا من بناء سد النهضة وافتتاحه رسميًا، بدأت أديس أبابا في تسليط الضوء على قضية جديدة تعدّها “تصحيحا لخطأ تاريخي”: المطالبة بالوصول إلى منفذ بحري على البحر الأحمر.
بعد اكتمال سد النهضة.. إثيوبيا تسعى لتصحيح “خطأ تاريخي” قد يثير حفيظة مصر
ويشكّل هذا التوجّه مصدر قلقٍ متزايد لمصر ودول الجوار، إذ يُنظر إليه على أنه قد يُعقّد التوازن الأمني والاستراتيجي في منطقة البحر الأحمر.
في هذا السياق، نشرت هيئة الإذاعة الإثيوبية سلسلة مقالات تناولت أهمية امتلاك إثيوبيا منفذًا بحريًا، مشيرة إلى تصريحات رئيس الوزراء آبي أحمد التي وصف فيها هذه المسألة بأنها “حيوية” لبلاده، وشبهها من حيث الأهمية بمطلب الدول الأخرى المتعلقة بنهر النيل.
وأكّد آبي أحمد، في تصريحات نقلها التلفزيون الإثيوبي، أن حكومته مستعدة للتفاوض حول الوصول إلى البحر الأحمر، تمامًا كما فعلت في ملف سد النهضة، لكنه شدّد على أن هذه المفاوضات “لا يجب أن تكون مشروطة بعدم استخدام البحر الأحمر”. ولفت إلى أن إثيوبيا “تقع جغرافيًا ضمن نطاق البحر الأحمر ونهر النيل”، معتبرًا أن منع بلاده من المطالبة بحقّها في الوصول إلى البحر “غير عادل”.
وأضاف رئيس الوزراء الإثيوبي أن “الجميع يتحدث عن أن النيل حياة لدول أخرى، لكن حتى مناقشة قضية البحر الأحمر داخل البرلمان الإثيوبي تُعتبر في بعض الأوساط أمراً معيباً”، موضحًا أن الشعب الإثيوبي “تبنّى تصورًا خاطئًا بأن المطالبة بالبحر الأحمر قد تؤدي إلى نزاع، فتخلّى عن حقه القانوني”. ورأى أن “الوقت قد حان لتصحيح هذا الخطأ”، متسائلًا: “لقد صمتنا طويلًا، فلماذا نستمر في الصمت؟ حتى لو أدّى ذلك إلى خلاف مع الدول المجاورة؟”، واصفًا الوضع الجغرافي الحالي بأنه “سجن” لشعب كبير كإثيوبيا.
وفي سياق متصل، أشار ضباط سابقون في البحرية الإثيوبية، خلال لقاءات مع التلفزيون الرسمي، إلى أن “الجيل الذي أنجز سد النهضة يجب أن يكرر نجاحه عبر تحقيق الوصول إلى منفذ بحري”، مؤكدين أن هذه المسألة “ليست مجرد مطلب لوجستي، بل مسألة وجود وأمن وطني وتنمية شاملة”.
وتشير تقارير إلى أن إثيوبيا تنظر بجدية إلى استعادة السيطرة على ميناء عصب الإريتري، الذي فقدته بعد استقلال إريتريا عام 1993. كما أثارت أديس أبابا جدلاً واسعًا العام الماضي حين وقّعت اتفاقًا مع إقليم صومالي انفصالي لبناء ميناء تجاري وعسكري على ساحل البحر الأحمر، وهو ما اعتبرته الحكومة الصومالية الفيدرالية “اعتداءً على سيادتها”، ولاقى رفضًا قاطعًا من مصر وجيبوتي وإريتريا.
وفي هذا الإطار، عقدت مصر والصومال وإريتريا سلسلة لقاءات على مستويات رفيعة، أكدت خلالها أن “أمن البحر الأحمر مسؤولية حصرية للدول المشاطئة”، ورفضت بشكل قاطع أي وجود دائم لدول غير مطلّة على البحر، خاصةً إن تضمّن طابعًا عسكريًا.
وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد صرّح في يوليو الماضي بأن “وصول دول غير مشاطئة إلى البحر الأحمر خط أحمر”، مؤكدًا أن القاهرة أبلغت جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك تركيا التي استضافت مفاوضات بين الصومال وإثيوبيا، بموقفها الثابت الرافض لأي تغيير في الوضع الراهن.
وبذلك، تدخل إثيوبيا مرحلة جديدة من التحديات الجيوسياسية في المنطقة، بعد أن أكملت مشروع سد النهضة، لتُعيد طرح مسألة المنفذ البحري، ما يهدّد بإشعال جبهة توتر إضافية في منطقة حساسة استراتيجيًا كالبحر الأحمر