“الخيانة الوطنية” لدى الاخوان واليسار واجب وطني

كتبت د ليلي الهمامي
أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن
كتب أحدهم عن كتاب ماكيافال الأمير قال: بأن “هذا كتاب كتب او خُطَّ بيد الشيطان. وأنا أقول بأن العقد بين الاخوان واليسار خُطَّ بيد الشيطان. ليس هنالك أبشع من تحالف يتنكر للوطن.
التنكر للوطن متجذّر في اديولوجيا اليسار، كما هو متجذر في ايديولوجيا الاخوان. وفي كل حالات عندما أطرح مسالة التآمر تحت غطاء الربيع ١ او ٢، عندما أتحدث عن بحث الاخوان واليسار عن الطبعة الثانيه او النسخة الثانية للربيع العربي، فانا أعي وأعني ما اقول.
وهنالك ما يشرع لهكذا القول، ليس فقط في التحالفات السابقة التي ذكرتها في مقالي السابق… في مصر كفاية، في تونس مع 18 اكتوبر والتحالفات التي وجدنا لها تنظير مباشر من الفلاسفة؛ فلاسفة المخابر السياسية الامريكية.
لكن، لو نظرنا في جوهر الايديولوجيا الاخوانية، لوجدنا الاخوان (سيد قطب أو حسن البنا…) يؤسسون لمفهوم الأمة؛ الأمة الاسلامية… هم يتجاوزون الحدود القطرية. وهذه المجاوزة تعني أن المسالة القطرية مهمشة، وأن المشروع يتجاوز الوطن. في قاموسهم، ليس هنالك وطن بديل عن المساحة الاسلامية، والأمة الاسلامية تتعدى الحدود.
هذه مسألة يمكن أن تُفسّر سلوك الاخوان والتنظيم العالمي للاخوان، الذي يتعدى ويتجاوز الأُطر الوطنية… كما رأينا الالحاق وسياسات الالحاق بتركيا: مشروع احياء الامبراطورية العثمانية… ليس هنالك ما هو أبشع من احياء هذا الحلم الخبيث والدفين بعد مؤتمر باريس،،، والاهانات في علاقة بتفكيك الامبراطورية العثمانية والهزائم.
لكن اكبر هزيمة، ضروري ان نذكّر بها، هي أن الامبراطورية العثمانية تشكلت كاستعمار تركي للاراضي العربية!!! الوطن العربي تم استعماره تحت عباءة الامبراطورية العثمانية…
اليسار في المقابل أمميّ. اليسار اممي عملا بنداء كارل ماركس: “يا عمال العالم اتحدوا…” ليس هنالك حدود يعترف بها اليسار، لأنه يعتبر الحدود الوطنية معوقات في اتجاه بناء الثورة الاشتراكية العالمية… ثورة اشتراكية عالمية، مرتهنة بتوسع النظام الراسمالي.
وفي كل الحالات، اليسار، حتى لو عدنا الى منبته.
في المنطقة العربية تحت العهد الاستعماري، لوجدنا أن الاحزاب الشيوعية العربية، قبل تشكل التيارات الرديكالية، كانت مرتهنة بالسياسات الدولية وما يقرره زعيم موسكو؛ ستالين على وجه التحديد.
ليس هنالك ما يمكن أن يدعو الى الشك او التظنن في أن المسالة الوطنية غير مطروحة لدى بعض المدارس… كانت فقط مجرد عنوان فرعي داخل كراس التمشّي التكتيكي لتلك الاحزاب… تأقلمٌ مع ظرفيات من أجل مجاوزة الاستحقاق الوطني، باعتباره معوّقا دون بناء الاشتراكية في كل بقاع العالم، أينما وجدت الطبقة العاملة.
هذه بعض الملاحظات التي من شأنها ان تثري النقاش. لأنه بالنسبة لي، المسألة ليست مسألة عراك سياسي، و ليست مسألة مزايدة ايديولوجية. هي مسألة تعميق التفكير في العقل السياسي العربي… لعلّنا نفهم ما يحصل حاليا من تحالفات انتهازية، من تحالفات بالفعل، تضع عديد المدارس الفكرية في نفس السلّة؛ سلّة الوصاية الاستعمارية الجديدة، ومخطّطات الاستعمار الجديد من أجل إعادة بسط هيمنته على منطقة استراتيجية في العالم.
أراد من أراد وكره من كره، العرب لهم حجم ديموغرافي، لهم حجم جيوإستراتيجي محدِّد، لهم حجم في مستوى الطاقة والبترول والثروات تحت الارض والثروات المنجمية… للعرب شأن كسوق للعرب شأن كمعطى من معطيات الامن القومي بالنسبة للأمن العالمي والسلم العالمي.
العرب لهم حجم. وهذا الحجم قزمته قيادات فاشلة، لكن تقزمه أكثر، وتطعنه من خلف، هذه التيارات التي تخاتل في التعاطي مع القضايا الاساسية، القضايا الحيوية للشعوب العربية.
د. ليلى الهمامي