غزة بين الأزمة والقرار: مسؤولية حماس عن الكارثة الإنسانية

علاء حمدي
يارا المصري
تعيش غزة اليوم واحدة من أشد أزماتها الإنسانية منذ سنوات، أزمة تتجلى في نقص المياه النظيفة، وانهيار شبكات الصرف الصحي، وانقطاع الكهرباء، وضغط خانق على المستشفيات. لكن خلف هذه الصورة القاتمة، يبرز عامل أساسي لا يمكن تجاهله: مسؤولية حركة حماس، بصفتها الجهة الحاكمة للقطاع، عن تفاقم معاناة المدنيين.
على مدار سنوات، استخدمت حماس البنية التحتية المدنية لأغراض عسكرية. محطات ضخ المياه، ومراكز تحلية، وحتى المباني المدنية، تحولت إلى مواقع لإطلاق الصواريخ أو تخزين السلاح. هذا النهج جعل من هذه المنشآت أهدافاً عسكرية، وهو ما عرّض حياة المدنيين للخطر المباشر وحرمهم من خدمات أساسية.
أحد سكان حي الشجاعية، ويدعى أبو ريان، لخص المأساة بقوله: “استخدموا منشآتنا كقواعد عسكرية، والآن نحن ندفع الثمن”، في إشارة واضحة إلى أن المدنيين هم الخاسر الأكبر.
رغم تدفق المساعدات الدولية بمليارات الدولارات خلال السنوات الماضية، لم ينعكس ذلك على تحسين حياة سكان القطاع. فبدلاً من بناء المستشفيات وتطوير المدارس، تم توجيه جانب كبير من الموارد نحو الأنفاق والقدرات العسكرية. النتيجة: استمرار انقطاع الكهرباء، ضعف الخدمات الطبية، وانهيار البنية الصحية.
حتى المنظمات الدولية لم تسلم من العقبات. ممثلون عن “أطباء بلا حدود” و”يونيسف” أكدوا أنهم اضطروا لتعليق برامج لتوزيع المياه في عشرات المواقع، بسبب تضرر البنية التحتية ومنع الوصول إليها. هذه القيود فاقمت الوضع الإنساني، وأبقت آلاف العائلات دون أبسط مقومات الحياة اليومية.
على عكس الروايات الشائعة، تؤكد مصادر دولية أن إسرائيل لا تمنع إدخال المساعدات الإنسانية، بل تنسق مرورها مع الجهات المختصة. المشكلة الأساسية تكمن في كيفية إدارة هذه الموارد داخل القطاع، حيث تضع حماس أولوياتها العسكرية فوق الاحتياجات المدنية.
أمام هذه الكارثة، يبرز سؤال حاسم: هل ستختار حماس أن تضع حياة سكان غزة في المقدمة، أم ستواصل سياسة المواجهة التي لا تجلب سوى المزيد من الدمار؟ الحل لن يكون ممكناً إلا إذا توقفت الحركة عن استغلال المدنيين وسمحت بترميم البنية التحتية تحت إشراف دولي.
الخلاصة أن المأساة الإنسانية في غزة ليست قدراً محتوماً، بل نتيجة مباشرة لقرارات سياسية وعسكرية خاطئة. المسؤولية تقع على عاتق حماس التي اختارت عسكرة القطاع على حساب حياة سكانه. ومن دون تغيير جذري في هذه السياسة، فإن أي مبادرة دولية أو إقليمية ستظل عاجزة عن إنقاذ غزة من أزمتها المتفاقمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى