صلوات الأقصى: التوازن بين حرية العبادة وأمن الجمهور

علاء حمدي
يارا المصري
مع حلول موسم الأعياد الأخيرة، ازدادت وتيرة دخول مجموعات يهودية إلى باحات المسجد الأقصى، الأمر الذي وضع أجهزة الأمن أمام تحدٍ بالغ الحساسية. فالمكان الذي يُعد من أقدس المواقع الدينية في العالم يشهد يومياً توافد عشرات الآلاف من المصلين المسلمين، وفي الوقت ذاته تسعى مجموعات يهودية لأداء طقوس دينية محدودة تحت رقابة أمنية مشددة. هذا المشهد المعقد يدفع السلطات إلى البحث عن معادلة دقيقة تجمع بين حرية العبادة وحماية النظام العام.
الآلية التي تطبقها الشرطة تقوم على ما يعرف بـ”الفصل الزمني”، حيث يتم السماح لمجموعات صغيرة من اليهود بالدخول في أوقات محددة وتحت إشراف أمني، قبل أن تعود الساحات لتغصّ مجدداً بالمصلين المسلمين. ورغم انزعاج بعض المصلين من الوجود الأمني الكثيف، إلا أن كثيرين يرون أن هذا الترتيب أفضل من أي تعطيل للصلوات أو انزلاق الأوضاع إلى مواجهات مفتوحة.
التجارب السابقة أثبتت أن أي احتكاك بسيط داخل الأقصى قد يتحول بسرعة إلى مواجهة واسعة. لذلك تعتمد الشرطة على سياسة الانتشار الاستباقي والرد الفوري، معتبرة أن وجود قواتها في المكان ليس تقييداً للعبادة، بل الضمان الحقيقي لاستمرارها بأمان ومنع الفوضى.
إلى جانب الجانب الأمني، تبذل السلطات جهوداً للتنسيق مع دائرة الأوقاف الإسلامية والقيادات الدينية، في محاولة لتهدئة الأجواء وترتيب أوقات الدخول بما يقلل التوتر. هذا التنسيق يعكس إدراكاً بأن الأمن وحده لا يكفي، وأن الحوار المجتمعي والديني يشكّل عنصراً مكملاً لنجاح المعادلة.
في النهاية، ما يجري في الأقصى ليس مجرد ترتيبات لوجستية، بل اختبار حقيقي لقدرة الدولة على إدارة أحد أكثر الملفات حساسية في القدس. إسرائيل تسعى إلى تأمين البنية الأمنية والقانونية التي تتيح لمئات الآلاف من المسلمين أداء صلواتهم يومياً دون خوف، وفي الوقت نفسه تتيح للمجموعات اليهودية الدخول وفق قيود مشددة. النتيجة هي معادلة دقيقة: حرية العبادة من جهة، وحماية الاستقرار من جهة أخرى.