“الوضع السوري” يتجه نحو حرب أهلية 

 

بقلم د :ليلي الهمامي
أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن

يبدو ان الوضع السوري يتدحرج يوما بعد يوم، ساعة بعد ساعة، في اتجاه حرب أهلية
شاملة. وضع مأساوي مؤسف؛ جثث مقطوعة الرؤوس، انتهاكات للحرمات، تقتيل وتذبيح على المباشر…
الوضع يلخص المأساة العربية.
سوريا… يبدو انها ستعوض لبنان السبعينات والثمانينات. وضع يؤكد مره اخرى عمق الهزيمة العربية لان العرب اصلا في حالة هزيمة حضارية، وهذا متفق حوله.

لكن ما يحصل يؤكد أن ثمة إمعان في إذلال العرب، ثمة إمعان في تفكيك أوصالهم. المعطى الخارجي كان دائما معطى محدّدا، ما دمنا في حالة هزيمة، لكن المعطى الداخلي هو الذي يجسد في تقديري الماسات الحقيقيه والفعلية، لان العرب يساهمون بطريقة مباشرة، وبطريقة نشطة، وبحماسة مرَضية، في أن يكونوا في وضع المهزوم، في ان يكونوا في وضع الذليل، في ان يكونوا في وضع المتذيل…
الأحقاد وسوء إداره الشأن العام قادت إلى أشكال من التمزق داخل الجسد المدني في عموم المنطقه العربيه: قبلية على عشائرية على طائفية على عرقية على جهوية،
إضافة إلى المعطى الطبقي…

كل هذه التقسيمات التي يمكن ان تكون تقسيمات ايجابية ويمكن ان تكون ايضا وظيفية، تحولت لدى العرب، الى مصادر لمأساة متكررة، ومعادة، مُعاد انتاجُها… لا تتوقف…
وهذا هو بيت القصيد؛ العيش المشترك مشكل العرب… العيش المشترك اصبح نقطة الاستفهام إلى حد أن خلاصات قد تكون متسرعة ذهبت الى القول بان الديمقراطية لا تصلح للعرب، وان البلدان العربية لا يمكن لها ان تحقق قفزة نوعية الا متى كانت تحت حكم ديكتاتوري؛ وأن فقط في هذه الحالة يمكنها انجاز التقدم،،، او ربما الطاغية المستنير على حد عبارة فولتير…

لكني أبداً لست من أنصار هذا الموقف ولا هذا الطرح. في تقديري الديمقراطية قد تفضي إلى أزمات، لكن الديمقراطية متى كانت بضوابط متّفق حولها، بمؤسسات صلبة، يمكنها أن تفضي، ولو بعد جيل، ولو بعد جيلين، الى مجتمع بالفعل متماسك ومستوعب لاختلافه وتعدده، مجتمع قادر على التقدم، مجتمع قادر على ان يضيف شيئا للحضارة الانسانية أن يستعيد المكانة التي كانت له بمنطق الدَّور التاريخي… هذا ما كان مفروض، وهذا ما هو مطروح انجازه تلك هي المهمة المركزية المطروحة للانجاز.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى