مصنف ضمن الأكثر خطورة.. لماذا تتزايد احتمالات انهيار سد النهضة؟
أكد مسؤولون وخبراء مصريون أن سد النهضة مصنف دوليا ضمن المشروعات الأكثر خطورة، وأن احتمالات انهياره واردة.
وقال الدكتور هشام بخيت أستاذ الهيدروليكا بكلية الهندسة جامعة القاهرة وعضو وفد مصر في مفاوضات سد النهضة خلال جلسة حوار مفتوحة نظمها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، أمس السبت، إن سد النهضة صنف دوليا من المشاريع الأكثر خطورة، وأن احتمالات انهياره واردة بسبب الواقع الجيولوجي للمنطقة وعدم تحملها لأي إنشاءات خرسانية، مشيرا إلى أنه في حال انهيار السد سيكون الوضع كارثيا على السودان.
وخلال الجلسة، أكد الدكتور محمد عبدالعاطي وزير الموارد المائية والري، أن سد النهضة به عيوب جسيمة تم إعلانها وهناك عيوب أخرى لم تعلن.
وقال إن الدولة المصرية تعمل بكافة أجهزتها على مدار الساعة، وستتخذ القرار في الوقت الذي يناسبها ووفقا لمصالحها، مشيرا إلى أن بلاده شاركت في بناء العديد من السدود في بعض الدول الإفريقية.
لماذا تتزايد احتمالات انهيار سد النهضة؟
ويكشف الخبير المصري زكي البحيري في حديث مع “العربية.نت” أن هناك دراسات كثيرة كشفت عن مخاطر سد النهضة وبعض العيوب فيه، ولذلك ضغطت دولتا المصب مصر والسودان على إثيوبيا كثيرا لتلافي تلك العيوب وتجنب أي مخاطر.
يتابع الخبير المصري ويقول إن حجم السد كبير جدا، وارتفاعه يبلغ 145 مترا وعرضه 1850، وتمتد بحيرة التخزين فيه لمسافة تقترب من 246 كلم خلف السد، والسعة التخزينية له تبلغ 74 مليارا على منسوب 640 مترا فوق مستوى سطح البحر، ولو تم بناؤه بالمقاييس القائمة فسيكون من أكبر 10 سدود في العالم، مضيفا أن مادة بناء السد اسمنتية، ومعامل الأمان فيه منخفضة جدا، ولا تتعدى 1,5 درجة بمقياس ريختر، بينما معامل الأمان للسد العالي 8 درجات.
ماذا يعني ذلك؟
يقول الخبير المصري: دعنا نستند إلى تقرير خاص بهذا الشأن أعده أصفو بييني، أستاذ الهندسة الميكانيكية بجامعة سانتياغو بولاية كاليفورنيا الأميركية، يؤكد فيه أن سعة بحيرة سد النهضة وحجمه مبالغ فيهما بما لا يقل عن 300%، وأنه ينبغي تقليص السد إلى ثلث مواصفاته الحالية لكي يصبح آمنا ولا يزيد حجم التخزين فيه عن 14,5 مليار متر مكعب من المياه، كما يجب ألا يزيد ارتفاعه عن 85 مترا.
وفق تقرير بييني -كما يقول الخبير المصري -فإن الأوضاع الجيولوجية للمنطقة التي يقام فيها السد زلزالية، وتاريخها يشير لذلك، حيث يشكك الخبير الأميركي في تقريره حول مدى تحمل السد للفيضانات الجارفة التي تحدث 7 مرات كل 20 عاما، مؤكدا أن مثل هذه الفيضانات يمكن أن تطيح بالسد نفسه.
ويقول الخبير المصري إن السد يقع على فالق أرضي خطر في منطقة زلزالية وبركانية، ولو تم تخزين مياه بالحجم الذي تنوي إثيوبيا تخزينه فيه، فربما يؤدي ذلك إلى كارثة إذا حدث انفراج للفالق الأرضي، كما تزداد المخاوف بسبب وقوع السد في منطقة الأخدود الإفريقي الشرقي المعروف بنشاطه الزلزالي المرتفع نتيجة كثرة التصدعات والشقوق وحركة القشرة الأرضية في نطاقه.
ويتابع أن خبير الزلازل العالمي الدكتور رشاد القبيصي أكد أنه من المتوقع انهيار سد النهضة بتخطيطه الحالي، فالبيانات المتوفرة تشير إلى أن هناك ما يقرب من 10 آلاف زلزال تفوق في قوتها 4 درجات بمقياس ريختر حدثت بالقرب من موقع السد خلال الفترة من العام 1970 حتى العام 2013، والدليل على ذلك انهيار جزء من سد تيكيزي الذي أقيم في العام 2009، كما انهار سد جيبي 2 المقام على نهر أومو المتجه إلى بحيرة تروكانا في كينيا بعد 10 أيام من افتتاحه رسميا عقب مجيء أول فيضان للنيل.
ويشير البحيري إلى أنه خلال الـ 15 عاما الأخيرة تم إنشاء 70 سدا صغيرا على أنهار شمال إثيوبيا، وحدث أنه انهار وتهدم منها نحو 45 سدا، وهو ما يعني خطورة إنشاء سدود ضخمة على أنهار الهضبة الوسطى لشدة انحدارها خاصة في حوض النيل الأزرق أكبر أنهار تلك الهضبة وأشدها قوة.
ويفجر الخبير المصري مفاجأة ويقول إنه حدث انزلاق في تربة سد النهضة ذاته في العام 2014، وذلك لأن الهضبة الإثيوبية مكونة من صخور بازلتية بركانية، تغطي نحو 75% من حوض النيل الأزرق، والبازلت من أقل الصخور تحملا للأحمال الكبيرة كأجسام السدود، وهو ما يجعل إنشاء السدود الكبيرة في الهضبة الإثيوبية أمرا بالغ الخطورة.
إضافة لذلك كما يؤكد الدكتور زكي البحيري، فإن إثيوبيا هضبة ضخمة تحتوي على نحو 50%من الجبال الأكثر ارتفاعا، والمتركزة في حوض النيل الأزرق الذي يتراوح ارتفاعه بين 4620 مترا فوق مستوى سطح البحر، شمال بحيرة تانا، إلى أقل من 600 متر قرب الحدود السودانية، ولذلك هناك سرعة في تدفق المياه نحو النيل الأزرق ومنها نحو نهر النيل مما يجعل انهيار السد أمرا محتملا.
ويقول الخبير المصري إن العمر الافتراضي للسد قليل جدا بسبب تراكم الطمي الذي يبلغ معدل تراكمه 131 مليون طن سنويا، كما أن كفاءة توليد الكهرباء منه ستقل بمعدل 20% كل 10 سنوات، مضيفا أن كل المؤشرات والتوقعات والحقائق العلمية تؤكد أنه سينتهي من الوجود تماما خلال 50 عاما إذا لم ينهر قبل ذلك بفعل العوامل الجيولوجية.