يوم الثقافة وبناء الإنسان

بقلم د. شيرين العدوى

يوم الثامن من يناير الذى أطلقه الوزير النشط أحمد هنو باسم يوم الثقافة، كان يوما جميلا برعاية سامية من فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى، ربما توافق هذا مع ما دعا إليه الرئيس من مبادرة «بداية» التى تُعْنَى بالإنسان المصرى على كل المستويات والأصعدة، وإن كنا نتحدث عن البداية فالبداية من الثقافة والتعليم، وربما نتأخر فى التعليم فتدعمنا الثقافة فهى تقوم بالجانب الأكبر من حياة الإنسان، ويعول عليها كثيرا فى وقت الأزمات. فالثقافة هى فن بناء الإنسان، وجوهرها هو فن التعامل بوعى وإنسانية على كل الأصعدة، فهى ببساطة فن إدارة الذات والوطن. فشعب بلا ثقافة هو شعب بلا وعى، وشعب بلا وعى فهو شعب بلا عقل يقوده نحو التقدم والازدهار. وفى لحظات كثيرة من حياة الوطن تم تهميشها أو إحالتها على المعاش. مع أنها السبب الرئيسى فى إرجاع الوطن بعد اختطافه. إن رعاية الرئيس بذاته لهذا الحدث لهو معنى كبير يشكل مفهوما أكبر لفكرة الثقافة بعد ما تم استبعاد دور المثقف، ونظر إليه نظرة أقل مما يستحق رغم أنه كان القائد والمنصف فى كل لحظات الوطن الحرجة. فهل هناك فن بلا ثقافة؟! وهل هناك حضارة بلا ثقافة؟! فالثقافة هى الفكر الحر الذى يضىء بمشعل طرق الوطن.

إن هذا الحدث العظيم يحتاج من معالى الوزير النشط المحبوب المزيد من العدالة الفكرية والإبداعية. وأقترح على معاليه عمل مهرجان عالمى سنوى على غرار مهرجان السينما الدولى فلا تقوم السينما إلا على نص جيد، وفكر متميز، وديكور مختلف، ومخرج مغاير، موسيقى تؤثر، وملابس تبهر وهذه الأشياء كلها هى مفردات الثقافة التى يجب أن يكرم عليها مبدعوها فى مهرجان الثقافة. ربما الطريقة التى تم اختيار بها رموز الفكر والثقافة للتكريم ربما جانبها بعض الإنصاف، رغم أنها أنصفت بعض الرموز الحقيقية لكنها أغفلت أدوارا مهمة لرموز أكثر أهمية وإبداعا، فمن كان فى القاعة ووراء الشاشات يفوق أحيانا من كرم آلاف المرات وربما خدم وطنه فى صمت دون ضجيج أو إثبات للذات؛ ذلك لأن المثقف الحق هو من يبتعد عن الأضواء ويتميز بروح الإيثار التى فقدها مجتمعنا فى رحلة الماديات البحتة.

فياليت معالى الوزير والدولة يتبنيان فكرة مهرجان الثقافة الدولى بعمل مهرجان سنوى يمتد على مدى أيام يتم فيه استضافة رموز عربية وعالمية من الفكر والإبداع على مستوى العالم، ويتم فيه تقييم المنتج الثقافى والإبداعى لمصر، وتكون لجان التحكيم سرية فى البداية حتى نبتعد عن المجاملات، ويكون فيه سجادة حمراء يستحقها أصحاب الإبداع، ويسلط الضوء عليهم، مع مبالغ مالية مصاحبة للتكريم من الشركات المعلنة، ويتم فيه تحفيز الأقلام، والأفكار، وتكون مصر رائدة فى هذا المجال حيث لم يتم عمل مثل هذا المهرجان فى أى دولة من قبل. أما من يكرم فى كل عام فيتم ترجمة منتجه وتسويقه. من هنا نخطف الأنظار ونسوق لمنتجنا الثقافى الذى يفوق الحصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى