بعد قلق البنتاجون.. هل يتدخل “بايدن” لحل أزمة سد النهضة ؟

عبرت الولايات المتحدة الأمريكية عن قلقها من السلوك الإثيوبي بشأن قضية “سد النهضة”، على لسان الجنرال كينيث ماكينزي قائد المنطقة المركزية، وهى المرة الأولى منذ تولي الرئيس جو بايدن، فهل تمارس واشنطن ضغوطا على أديس أبابا خلال الفترة القادمة لحل الأزمة؟

بداية يقول الباحث المصري المتخصص في الشأن الأمريكي، أميل أمين، إن تصريح قائد المنطقة المركزية بالجيش الأمريكي، برأيي أنه أقوى تصريح في الأشهر الأخيرة، لأنه صادر عن قيادة عسكرية متقدمة، هذا يعني أن هناك إحساسا بالخلل والقلق في الداخل الأمريكي وفي وزارة الدفاع تحديدا.

وأضاف أن واشنطن سارت مشوار طويلا في أزمة سد النهضة، لكن في نفس الوقت كان بإمكانها ممارسة ضغوط على إثيوبيا، الأمر الذي لم يعط طابعا معينا للموقف الأمريكي، فكان بلا لون واضح، ولكن مع هذا التصريح، يمكننا أن نتساءل كمراقبين للشأن الأمريكي، هل هناك ضغوطات من البنتاغون يمكن أن تمارس على البيت الأبيض؟

وتابع أمين، البنتاغون يعد بمثابة قرون الاستشعار المتقدمة في الإدارة الأمريكية، وقادر على قراءة المشهد العسكري وأبعاد الصبر الاستراتيجي المصري والمخاطر المصيرية التي تتعرض لها مصر، وهنا أعتقد أن الأمريكيين قد بلغهم الخط الأحمر المصري، لذا فإن هذا التصريح لقائد المنطقة المركزية ربما يشير إلى حدث أو أحداث قريبة إن لم تبادر واشنطن من أجل تهدئة الأوضاع وحل الأزمة.

المبادرة الأمريكية

وأوضح الباحث في الشأن الأمريكي، أن واشنطن يجب عليها أن تبادر من أجل إيجاد حلول للأزمة، لأن أي خلل أمني في القرن الأفريقي سوف يؤثر على المصالح الأمريكية، لاسيما وأن هذا الخلل سوف يعطي مربعات نفوذ لكل من الصين وروسيا أكبر من التي تستحوذ عليها الولايات المتحدة، وستكون الخسارة الأمريكية مضاعفة في تقديري.

وأكد أمين، أن الولايات المتحدة الأمريكية هى الوحيدة القادرة على ممارسة الضغوط إثيوبيا، وقد مارست ذلك بالفعل خلال الأسابيع الماضية، بعد أن فرضت عقوبات على أديس أبابا، وإن كانت تلك العقوبات مرتبطة بصورة أكبر بحقوق الإنسان في إقليم تيجراي، والأمريكان يعلمون أن الخسائر ستلحق بهم إن تخاذلوا أكثر من ذلك.

واشنطن تستطيع

بدوره أشار الخبير المصري في شؤون المياه، الدكتور نور أحمد عبد المنعم نور، إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تستطيع ممارسة ضغوط على إثيوبيا، لكن هل لديها النية لفعل ذلك، هذا هو السؤال الذي ننتظر أن تجيب عليه خلال الأيام القادمة؟

وقال ” لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية حتى الآن لها القدرة على اتخاذ القرارات الدولية وأن تؤدي دورا ايجابيا لدى الطرف المعني بذلك، وعندما ندرس الأمر جيدا نجد أن تصريح قائد المنطقة المركزية بالجيش الأمريكي، سبقه دورا لرئيس الولايات المتحدة الأمريكي السابق ترامب، والذي استطاع أن يجمع كل أطراف أزمة سد النهضة في واشنطن، لكنه لم يتخذ في النهاية قرارا إيجابيا نحو حل هذه القضية، فيجب أن نبني على رئيس الدولة وليس على القيادة العسكرية الأمريكية والتي هى فرع من عدة أفرع.

وأضاف نور، الرئيس الأمريكي السابق في نهاية ولايته لم يستطيع اتخاذ قرار بفرض حل للأزمة، وقال إن مصر قادرة على القيام بعمل عسكري ضد السد، مشيرا إلى أن مصر لا تستجدي قرارا وإنما تبحث عن حقوقها التاريخية والفنية والقانونية بالعقل أولا وقبل الذهاب للأدوات الأخرى، نحن لا نريد ضرر أحد وإنما الآخر ومن يعاونه هو من يريد إلحاق الضرر بنا.

الموقف الإثيوبي

وحول المشهد الراهن في أزمة سد النهضة وإلى أين ستصل الأمور قال نور:، المشهد الراهن هو استدعاء للمشهد السابق، فقد ماطلت إثيوبيا في البداية وسوف تماطل في الحاضر والمستقبل، ومصر ليس لديها بديل سوى المفاوضات في الشؤون المائية والتي قد تستغرق سنوات حتى لو اكتمل سد النهضة إلى نهايته، سوف نستمر في المفاوضات للبحث عن حل فني عادل وقانوني وتاريخي ملزم، وهذا الأمر متاح حتى بعد الملء الأخير للسد ونحن ندرس هذا الأمر منذ سنوات طويلة من قبل الشروع في بناء السد.

قلق أمريكي

أعرب الجيش الأمريكي عن قلقه من أزمة سد النهضة الإثيوبي، لكنه في ذات الوقت أشاد بالسلوك المصري في هذا الشأن.
وقال قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال كينيث ماكينزي، في مقابلة تلفزيونية مع قناة النيل المصرية الجمعة الماضية، إن واشنطن تشعر بكثير من القلق من السلوك الإثيوبي بشأن أزمة سد النهضة.

وأضاف أن مصر تحاول الوصول إلى حل دبلوماسي وسياسي، مشيرا إلى أن القيادة المصرية تمارس قدرا هائلا من ضبط النفس في هذا الملف.

وأوضح ماكينزي أن واشنطن تسعى لإيجاد حل يكون مقبولا لمصر وباقي الأطراف (السودان وإثيوبيا).

كما أكد أن بلاده تدرك أهمية نهر النيل بالنسبة للمصريين.

وفي وقت سابق، دعت الخارجية الأمريكية، لاستئناف المفاوضات بشأن سد النهضة على وجه السرعة، مشيرة إلى أن القرارات المقبلة ستكون لها تداعيات كبيرة على شعوب المنطقة.

يذكر أن وزير الري المصري محمد عبد العاطي، قد أكد في وقت سابق أن بلاده لن تقبل بالفعل الأحادي لملء وتشغيل السد الإثيوبي، مضيفا أن مسار المفاوضات الحالية تحت رعاية الاتحاد الأفريقي لن يحدث أي تقدم ملحوظ.

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حذر إثيوبيا، في أبريل/ نيسان الماضي، من “المساس بحقوق مصر المائية”، مشددا على أن “الخيارات كلها مفتوحة”.
وبدأت إثيوبيا في بناء “سد النهضة” على النيل الأزرق عام 2011 بهدف توليد الكهرباء، وتخشى مصر من تأثير السد على حصتها البالغة 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل؛ فيما يخشى السودان من تأثير السد على السدود السودانية على النيل الأزرق.

وفشلت جميع جولات المفاوضات، التي بدأت منذ نحو 10 سنوات، في التوصل إلى اتفاق ملزم بخصوص ملء وتشغيل السد.

وأكدت إثيوبيا في أكثر من مناسبة عزمها إتمام الملء الثاني لسد النهضة في موسم الأمطار، مع بداية شهر تموز/يوليو المقبل، بغض النظر عن إبرام اتفاق مع دولتي المصب. وتعتبر مصر والسودان إقدام إثيوبيا على الملء الثاني لسد النهضة دون التوصل لاتفاق، تهديدا للأمن القومي للبلدين.

واقترحت مصر والسودان سابقا وساطة رباعية تشارك فيها الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، فيما تمسكت أديس أبابا بالمسار الذي يشرف عليه الاتحاد الأفريقي.

ورعت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب جولة من المفاوضات، لكنها لم تفض إلى نتائج إيجابية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى