رغم الإحباطات.. الإمارات وأمريكا تؤكدان التمسك بالشراكة الأمنية
أكد كبار المسؤولين الأمريكيين والإماراتيين، السبت، التمسك بـ”الشراكة الاستراتيجية” بين البلدين، إثر محادثات في واشنطن، بعد أيام من كشف الدولة الخليجية الانسحاب من القوة البحرية متعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة.
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، لنظيره الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، إن إدارة بايدن ملتزمة بردع التهديدات ضد الإمارات، حسب بيان للبيت الأبيض للاجتماع.
جاءت المحادثات بعد أسابيع من احتجاز القوات الإيرانية لناقلة نفط أثناء مرورها من ميناء إماراتي.
والأربعاء، أعلنت الإمارات الانسحاب من القوة البحرية الموحدة في الخليج، بعد نشر تقارير عن ضغوط مارستها أبوظبي على واشنطن لاتخاذ خطوات أكثر قوة لردع طهران، بعد أن احتجز الجيش الإيراني ناقلتي نفط بخليج عمان في الأسابيع الأخيرة.
وأكدت الخارجية الإماراتية، في بيان، رفضها ما اعتبرتها “توصيفات خاطئة” وردت مؤخرا في التقارير، بشأن محادثاتها مع الولايات المتحدة، بشأن الأمن البحري، مشيرا إلى أن الانسحاب من القوة الخليجية الموحدة جرى منذ شهرين، “نتيجة تقييم مستمر للتعاون مع جميع الشركاء” دون مزيد من التوضيح.
ووفق تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، وترجمه “الخليج الجديد”، اعتبرت هذه الخطوة علامة أخرى على الإحباطات المستمرة منذ فترة طويلة في الإمارات مع مستوى الدعم العسكري الأمريكي لمنطقة الخليج.
ونقلت الصحيفة عن شخص مطلع على الأمر، إن الإمارات أصبحت منزعجة من الارتباك، حول تفويض القوة البحرية وقواعد الاشتباك.
وضرب مثالا على ذلك بالقول: “ماذا كان يجب أن تفعل القوة عندما رأت القوات الإيرانية تعترض سفينة عابرة من ميناء إماراتي؟”، مضيفا: “الهدف من عمل القوة البحرية هو حماية الملاحة والأمن، ولا يمكنك القيام بذلك ما لم يكن لديها تفويض للتدخل”.
وعكس قرار الانسحاب غضبا إماراتيا مستمرا نتيجة ما تعتبره تقاعسا أمريكيا عن التصدي لتهديدات إيران لأمن الملاحة في منطقة الخليج، حيث تواصلت عمليات إيران والتي كان آخرها الاستيلاء على ناقلتي نفط في 27 أبريل/نيسان و3 مايو/أيار الماضيين، وهو ما يعكس عدم فاعلية الإجراءات الأمريكية.
فيما امتنع الأسطول الخامس بالبحرية الأمريكية عن التعليق.
وجاء في بيان البيت الأبيض، أن الشيخ طحنون أشاد بعد محادثاته مع سوليفان بالشراكة الدفاعية الأمريكية مع الإمارات.
وكانت العلاقة بين الولايات المتحدة والإمارات متوترة منذ يناير/كانون الثاني 2022، عندما شنت مليشيا الحوثي المتحالفة مع إيران في اليمن هجمات صاروخية وطائرات مسيرة على أبوظبي.
ويرى مسؤولون خليجيون، أن الولايات المتحدة فشلت في فعل ما يكفي لردع الهجمات التي يشنها وكلاء إيران في السنوات الأخيرة؛ مما يقوض إيمانهم بالتزام واشنطن تجاه المنطقة.
وشبه أحد المسؤولين الغضب الإماراتي من الاستيلاء على الناقلة، باستجابة أبوظبي الغاضبة للغاية في يناير/كانون الثاني 2022، عندما تباطأت الولايات المتحدة في مساعدة الدولة الخليجية بعد شن الحوثيين المدعومين من إيران هجوماً قاتلاً بالطائرات المسيرة في العاصمة الإماراتية تسبب في مقتل 3 أشخاص.
حينها، كان الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد، منزعجًا للغاية لدرجة أنه رفض لاحقًا طلبًا أمريكيًا للتحدث إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد الهجوم، حيث حاولت واشنطن تهدئة المخاوف الإماراتية.
وشعرت القيادة الإماراتية أن واشنطن كانت بطيئة في الرد على الهجمات على عاصمة الدولة الخليجية، على عكس شركاء آخرين، مثل فرنسا.
واعتبرت أبوظبي الرد دليلاً آخر على ما تعتبره عقدًا من انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة، وعدم القدرة على التنبؤ بالسياسة.
ووفق الصحيفة، سبق أن شعرت الإمارات، بخيبة أمل من ردود الفعل الأمريكية على الهجمات التخريبية ضد الشحن التجاري في خليج عمان والهجمات الصاروخية على البنية التحتية النفطية السعودية الحيوية في عام 2019، والتي ألقي باللوم فيها على إيران.
ومنذ الهجمات على أبوظبي، يعمل الطرفان على تطوير شراكة أمنية معززة لكنهما لم يتوصلا إلى اتفاق بعد.
وبينما تسعى الإمارات إلى اتفاق حول الحماية الأمنية، أثارت واشنطن قضايا تتعلق بعلاقات أبوظبي الوثيقة مع قوى أخرى، بما في ذلك الصين، التي تبرز كقوة أكثر نفوذاً في المنطقة الغنية بالنفط.
ففي مارس/آذار الماضي، توسطت بكين في اتفاق بين السعودية وإيران، وافقت بموجبه القوتان الإقليميتان على إعادة العلاقات الدبلوماسية.
كما اجتذبت الإمارات العديد من الروس وأصولهم في أعقاب الحرب الأوكرانية، مما أثار مخاوف في الغرب من أن العاصمة المالية الخليجية، قد تظهر كملاذ لخرق العقوبات.
إلا أن شخص مطلع على العلاقات بين البلدين قال: “العلاقات على ما يرام، وهناك التزام بمواصلة تعزيز العلاقة”.