التطبيع الإسرائيلي السعودي بعيد المنال رغم الضغط الأمريكي
سلط موقع “المونيتور” الضوء على تطورات المساعي نحو تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، مشيرا إلى أن تحقيق هكذا تطبيع لايزال بعيد المنال رغم الضغط الأمريكي.
وذكر تقرير للموقع أن سلسلة التقارير الأخيرة تشير إلى أن إسرائيل والسعودية تقتربان ببطء من تطبيع العلاقات التي لم يكن من الممكن تصورها في السابق، حيث قال وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، للمونيتور، الأسبوع الماضي، إن البلدين يمكن أن يتوصلا إلى انفراج بحلول نهاية العام.
ويشير التقرير إلى توقعات بأن تعلن السعودية، ربما في الشهر المقبل، أنها ستسمح للمسلمين الحاملين للجنسية الإسرائيلية بالقيام برحلات مباشرة إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج التي تبدأ في أواخر يونيو/حزيران المقبل.
يأتي ذلك فيما تزحف العلاقات السعودية الإسرائيلية “غير الرسمية” إلى الأمام، حيث تحاول إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، البناء على اتفاقيات إبراهيم، التي وضعها الرئيس السابق، دونالد ترامب، والتي أقامت علاقات دبلوماسية رسمية بين إسرائيل وعديد الدول العربية.
وأرسلت الإدارة الأمريكية مؤخرًا مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، وكبير مسؤولي الشرق الأوسط في البيت الأبيض، بريت ماكجورك، المنسق الرئاسي الخاص للبنية التحتية العالمية وأمن الطاقة، عاموس هوشستين، للقاء ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في الرياض.
ومن هناك، سافر ماكجورك وهوكستين إلى القدس لإطلاع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على محادثاتهما مع الأمير محمد.
وقالت مصادر مطلعة على المحادثات إن ضم هوكستين، المقرب من الرئيس الأمريكي والذي أبرم الاتفاق البحري اللبناني الإسرائيلي، يشير إلى أن التطبيع الإسرائيلي السعودي يمثل مسألة ذات أولوية بالنسبة لبايدن.
كما ناقش المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، رونين ليفي، صفقة سعودية محتملة مع مسؤولي الإدارة خلال زيارته لواشنطن، الأسبوع الماضي.
ومن المرجح أن يثير وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، القضية خلال زيارة متوقعة للسعودية، الشهر المقبل.
وفي السياق، ذكر موقع “أكسيوس” الأمريكي أن البيت الأبيض يدفع باتجاه التوصل إلى اتفاق في الأشهر الستة إلى السبعة المقبلة قبل أن تبدأ حملة إعادة انتخاب بايدن.
غير أن مسؤولاً أمريكيا نفى محتوى تقرير أكسيوس، قائلاً إن التطبيع الإسرائيلي السعودي يظل أولوية لإدارة بايدن، “لكن لا يوجد إطار زمني محدد له”، حسبما نقل “المونيتور”.
فكثير من العقبات لاتزال تقف كعثرة في طريق التطبيع المحتمل، بما في ذلك مطالب السعوديين في مقابل التطبيع، إذ تطلب المملكة من واشنطن ضمانات أمنية شبيهة بامتيازات دول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ودعم تطوير برنامج للطاقة النووية المدنية، وتخفيف القيود على مبيعات الأسلحة الأمريكية.
وسيكون تمرير التعاون الدفاعي الوثيق بين الرياض وواشنطن صعبًا في الكونجرس، حيث يريد العديد من حلفاء بايدن الديمقراطيين إبقاء السعودية “منبوذة” على خلفية جريمة اغتيال الكاتب الصحفي، جمال خاشقجي، وسجل المملكة السيئ في مجال حقوق الإنسان وانتهاكاتها بحملتها العسكرية، التي شنتها في اليمن.
وسبق أن تعهد بايدن نفسه بجعل السعودية “منبوذة” بشأن تلك القضايا بالذات، كما يشكك بعض الخبراء في أن يمنح الرئيس الأمريكي بن سلمان فوزًا كبيرًا في السياسة الخارجية لرجل رفض قبل عام واحد فقط مصافحته.
لكن ريتشارد جولدبرج، كبير المستشارين في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، قال إنه سيكون من الخطأ أن ينتظر السعوديون تغييرًا في الإدارة الأمريكية للتطبيع مع إسرائيل.
وأضاف: “هناك في الواقع حجة قوية لتعزيز هذه العلاقات في ظل حكم رئيس ديمقراطي وفي بيئة كان الديمقراطيون فيها أكثر عداءً للسعودية في السنوات الأخيرة”.
ويأتي الحديث عن التطبيع في لحظة توتر بين العالم العربي وحكومة نتنياهو الائتلافية اليمينية التي يتبنى أعضاؤها وجهات نظر متشددة ضد الفلسطينيين.
واضطرت وزارة الخارجية السعودية، هذا الأسبوع، إلى إصدار بيان، بعد أن قام وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف، إيتمار بن غفير، بزيارة استفزازية إلى أكثر المواقع المقدسة حساسية في القدس.
ولطالما دافع العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، عن مبادرة السلام العربية لعام 2002، التي تدعو إلى تقديم الاعتراف فقط مقابل إقامة دولة فلسطينية وانسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967.
وكرر بن سلمان هذا الموقف في قمة جامعة الدول العربية الأخيرة في جدة وقال إن الفلسطينيين ظلوا “على رأس أولويات المملكة”.
فالزعيم الفعلي للمملكة أقل اهتمامًا بالقضية الفلسطينية ولكنه مدرك لمكانة بلاده القيادية في العالم الإسلامي، حسبما نقل “المونيتور”.
وفي هذا الإطار، قال آرون ديفيد ميللر، كبير الزملاء في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، إن التطبيع “لا يتعلق بما إذا كان سيحدث، ولكن بتوقيته”، مشيرا إلى أن بن سلمان يطلب الكثير بالنسبة للمعايير الأمريكية، خاصة أن رصيده السياسي بواشنطن منخفض للغاية.
لكن ميللر قال إن الإلحاح الجديد في محاولة التطبيع يعود إلى التقارب الأخير بين السعودية وإيران، والتصور بأن الصين أصبحت وسيط القوة الجديد في المنطقة.
وأشار إلى أن “الانطباع بأن الولايات المتحدة قد تم تجميدها خارج المنطقة يعطي الإدارة حافزًا إضافيًا. ربما تكون الصين قد توسطت بين إيران والسعودية، لكن الإدارة فقط هي التي يمكنها التوسط بين إسرائيل والمملكة”.