إدارة بايدن تستعد لفرض عقوبات على طرفي القتال في السودان

تعد إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن خططًا لفرض عقوبات جديدة على قادة الجيش النظامي وقوات الدعم السريع في السودان، وفقًا لـ 4 مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين على دراية بالموضوع.

وذكر المسؤولون، الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لأنهم غير مخولين بالتحدث إلى الصحافة، أن حزمة العقوبات تستهدف المتصارعين على السلطة في السودان الذين أسقطوا الخرطوم في حالة من الفوضى الأمنية إثر احترابهم المستمر منذ 6 أيام، وفقا لتقرير نشرته مجلة “فورين بوليسي” .

وإذا تم وضع اللمسات الأخيرة على العقوبات وتنفيذها، فمن الممكن أن تمثل ضربة قوية لقادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع “الذين أخرجوا الانتقال الذي استمر لسنوات إلى الديمقراطية عن مساره” بحسب المسؤولين الأمريكيين.

ومع ذلك، تشير المجلة الأمريكية إلى أن بعض المسؤولين الأمريكيين يخشون من أن تكون حزم العقوبات الجديدة “قليلة جدًا ومتأخرة للغاية”، وسط نقاش أوسع داخل إدارة بايدن حول ما إذا كانت برامج العقوبات ضد منتهكي حقوق الإنسان في أفريقيا خجولة جدًا.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ردا على ذلك: “نحن نبحث في المجموعة الكاملة من الخيارات المتاحة لنا، ونعمل مع شركائنا لضمان تنسيق الاستجابة واتساقها حيثما أمكن ذلك”.

وانتقد نشطاء مؤيدون للديمقراطية في السودان ومنظمات حقوقية دولية الولايات المتحدة ودول غربية أخرى لعدم تنفيذ عقوبات ضد القادة العسكريين في السودان في السنوات الأخيرة بعد مذبحة عام 2019 ضد المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية وانقلاب 2021 الذي قوض جهود السودان للانتقال إلى الديمقراطية.

شريكا الانقلاب

وتشارك قائدا القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، عبدالفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، في الاستيلاء على السلطة في انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021، ما أدى إلى عرقلة الجهود المبذولة لتحويل البلاد إلى ديمقراطية بعد سنوات من الحكم الاستبدادي.

وكانت الحكومة الانتقالية السابقة بقيادة البرهان، لكن كان من المفترض أن تتنازل عن السلطة للسلطات المدنية بحلول عام 2022 قبل الانقلاب.

وبينما احتجت واشنطن بشدة على الانقلاب، جادل كبار مسؤولي إدارة بايدن، بمن فيهم مولي في مبعوث وزارة الخارجية للشؤون الأفريقية، ضد فرض عقوبات على كبار الشخصيات في القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، إذ سعت واشنطن آنذاك لجذب كلا الفصيلين إلى طاولة المفاوضات.

وأثارت الجهود المبذولة للسير البطيء في فرض العقوبات رد فعل عنيف من بعض المسؤولين داخل الإدارة الأمريكية وكذلك منظمات المجتمع المدني، التي جادلت بأن التزامات واشنطن المعلنة بالتحول الديمقراطي في السودان “سينظر إليها على أنها خطاب أجوف”.

وفي مارس/آذار من العام الماضي، أصدرت إدارة بايدن عقوبات ضد قوة الشرطة الاحتياطية المركزية السودانية لدورها في حملة قمع عنيفة ضد المتظاهرين السلميين المؤيدين للديمقراطية، لكنها لم تفرض عقوبات على القادة العسكريين الذين دبروا الانقلاب.

وقالت مصادر “فورين بوليسي” إن مسؤولي إدارة بايدن صاغوا أمرًا تنفيذيًا للعقوبات المتعلقة بالسودان بعد فترة وجيزة من الانقلاب في أكتوبر/تشرين الأول 2021، لكن لم يتم إقراره مطلقًا.

واعتبر كاميرون هدسون، الخبير في شؤون المنطقة بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن هذا الموقف من إدارة بايدن أفقد مسؤوليها “الكثير من المصداقية”.

وأصدر السيناتور الأمريكي، جيم ريش، كبير الجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، بيانًا حث فيه إدارة بايدن على مساءلة المجلس العسكري في السودان بفرض عقوبات على “انتهاكات حقوق الإنسان والفساد والإجراءات المناهضة للديمقراطية”. وقال ريش: “لقد منح المجتمع الدولي هؤلاء القادة الأنانيين والوحشيين مزيدًا من الوقت”.

قتل ونهب

وبينما ينفد الطعام والماء من المواطنين السودانيين المحاصرين بسبب الاقتتال بين قوات البرهان وحميدتي، تشير التقارير الإعلامية إلى قيام مقاتلي الدعم السريع بقتل أو الاعتداء على المدنيين ونهب المنازل، بما في ذلك المجمعات الدبلوماسية الأجنبية.

وأسفر القتال عن مقتل ما يقدر بنحو 300 شخص وإصابة 3 آلاف آخرين، ما دفع واشنطن وعواصم أجنبية أخرى إلى وضع خطط إجلاء من السودان لموظفيها الحكوميين، رغم أن بعض المسؤولين يتساءلون عما إذا كان يمكن حتى تنفيذ مثل هذا الإجلاء بأمان وسط القتال وإغلاق مطار الخرطوم.

وامتد النزاع إلى مناطق أخرى في السودان، بما في ذلك دارفور، حيث يواجه نحو 1.6 مليون نازح داخلي انعدام الأمن وأزمة إنسانية.

وتصاعدت التوترات بين البرهان وحميدتي منذ انقلاب 2021، وتفاقمت بسبب اتفاق سياسي وقعه الجنرالان في ديسمبر/كانون الأول، اتفقا فيه على ضم قوات الدعم السريع إلى القوات المسلحة السودانية.

والتقى البرهان وحميدتي مع المفاوضين الأمريكيين والبريطانيين لمناقشة الصفقات السياسية في الأيام التي سبقت الحرب بين فصيليهما بينما قاما في الوقت نفسه بنشر قواتهما العسكرية حول الخرطوم.

وأشار المسؤولون الأمريكيون إلى أن مولي في تولى زمام السياسة الأمريكية بشأن السودان وضغط لمواصلة واشنطن التواصل مع البرهان وحميدتي، حتى مع تهميش الجنرالين للمنظمات المؤيدة للديمقراطية في السودان وقادة المجتمع المدني.

وأضافوا أن مبعوث وزارة الخارجية للشؤون الأفريقية خشي من أن العقوبات لن تكون فعالة ويمكن أن تدفع البرهان وحميدتي إلى فلك القوى التي تتنافس على النفوذ في السودان، بما في ذلك روسيا.

فقوات الدعم السريع تتمتع بعلاقات مع مجموعة فاجنر الروسية، وهي جماعة مرتزقة تعمل في أوكرانيا والشرق الأوسط وأفريقيا.

وفي واشنطن، شكلت إدارة بايدن فريق عمل للطوارئ بشأن السودان، وتحدث وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، بشكل منفصل إلى كل من البرهان وحميدتي في الأيام الأخيرة لمحاولة وقف القتال.

وأطلع كبار مسؤولي إدارة بايدن، بمن فيهم مولي في، الكونجرس على الأزمة ورد الولايات المتحدة يوم الأربعاء.

وذكرت السفارة الأمريكية في الخرطوم في بيان مشترك مع 12 دولة حليفة أخرى والاتحاد الأوروبي، الأربعاء، أن أفعال المتحاربين في جميع أنحاء السودان عرّضت عددًا لا يحصى من الأشخاص للخطر وأبطلت دعوة الشعب السوداني المشروعة إلى انتقال ديمقراطي سلمي.

وأشار البيان إلى أن “عدم قدرة العاملين في المجال الإنساني على العمل بأمان يؤثر على الملايين من السودانيين الضعفاء بالفعل، بمن فيهم النازحون بسبب القتال المستمر”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى