صحيفة امارتية عن آبي أحمد.. ديكاتور قاتل يذبح شعبه تحقيقا لنبوءة والدته

ظهر على الساحة الدولية بشخصية مثيرة للجدل عبر سلسلة من السياسات التي قدمته في بعض الأحيان بشخصية رجل السلام الحداثي صاحب نوبل رافعا شعارات الإصلاح السياسي، ومُنهيا حربا مريرة مع إريتريا، امتدت إلى عقدين من الزمن، وعلى النقيض رجل الحرب الحالم بحكم إمبراطوريته الدينية الخاصة.

ساد التفاؤل وارتفعت الآمال، ولكن سرعان ما انقلبت الأمور رأسا على عقب.. فما قصة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد علي؟.

النضال وبداية الصعود

انخرط في سن المراهقة في المقاومة المسلحة ضد نظام الدكتاتور منغستو هيلا مريم، وكانت عرقية التيغراي تشكل نواة النظام بعد سقوط منغيستو سنة 1991.

تدرج آبي في الجيش، وفي 2008 كان من مؤسسي وكالة الاستخبارات الوطنية وفي 2010 انتقل إلى العمل السياسي، ودخل البرلمان عن حزب أورومو، وفي 2015 أصبح وزيرا للعلوم والتكنولوجيا.

رغم ذلك لم يكن الكثيرون في إثيوبيا أو خارجها يعرفون آبي أحمد علي قبل تاريخ الثامن والعشرين من مارس عام 2018 حين تم اختياره رئيسا للوزراء خلفا لهايلي مريم ديسالين الذي استقال قبلها بنحو شهر إثر احتجاجات دموية قادتها المعارضة.

في غضون أشهر قليلة استطاع الشاب المنحدر من قومية الأورومو الإثيوبية أن ينال إعجاب جماهير بلاده بسبب الإصلاحات التي بدأها بمجرد تسلم السلطة، والتي كان أبرزها تخفيف القبضة الأمنية.

النجاحات الداخلية أتبعها آبي الحاصل على درجة الدكتوراة في السلام والأمن من جامعة أديس أبابا، بأخرى خارجية حين حصد جائزة نوبل للسلام لدوره الفعال في إنهاء عقود من التوتر مع الجارة إريتريا وإعادة العلاقات بين البلدين.

الوجه الآخر لأبي أحمد

الصورة التي رسمها رئيس الوزراء الإثيوبي لنفسه في الداخل والخارج سرعان ما بدأت في الاضمحلال بعد التراجع السريع عن نهجه الإصلاحي.

البداية كانت مع قرار تأجيل الانتخابات التي كانت مقررة في آب/ أغسطس عام 2020 بحجة ظروف جائحة كورونا، والتي كانت إحدى نتائجها المباشرة اندلاع صراع دامٍ في منطقة تيغراي شمال البلاد مع جبهة تحرير شعب تيغراي التي رفضت فكرة التأجيل.

صراع تيغراي كتب فصلا جديدا من نكوص آبي أحمد عن بداياته المسالمة؛ إذ أفادت تقارير أممية بأن المنطقة شهدت فظائع قد ترقى لجرائم حرب قامت بها القوات التابعة للحكومة الفيدرالية الإثيوبية بمعاونة قوات إريترية، بينها حوادث إعدام ميداني واغتصاب؛ ما دفع كثيرين للمطالبة بسحب جائزة نوبل للسلام التي نالها في 2019.

نبوءة الملك

تفسير جديد لنزعة آبي أحمد التي يصفها خصومه بالدكتاتورية تَمثل في ما كشف عنه هو نفسه من أن نبوءة قديمة أخبرته بها أمه مثلت محور تحركاته وسيطرت على تفكيره بالكامل.

يقول آبي أحمد في مقطع فيديو متداول: ”حينما كنتُ في السابعة من العمر، أخبرتني والدتي بأنني سأصبح الملك السابع لإثيوبيا. لم أكن حينذاك أعرف الجبهة الثورية. لكن أثر هذه النبوءة استقر في خاطري، لدرجة أن كل ما أقرأه وأفكر فيه كان يتمحور حول هذه النبوءة فقط. كل شيء فعلته كان يدور حول مملكتي تلك“.

اختيار الرب

يذكر الباحث الفرنسي رينيه لي فورت، في مقال حول مساعي آبي أحمد لصبغ السياسية الإثيوبية بمفاهيمه الدينية الخاصة، أن مصادر متعددة تحدث إليها أخبرته بأن آبي أحمد يعتقد أن الرب اختاره ليكون الرجل الوحيد القادر على إنقاذ إثيوبيا، وأنه سيفوز في نهاية الأمر مادامت مشيئته موجهة من الرب.

المعطيات المتشابكة في المشهد الإثيوبي الراهن تؤكد أن التحديات أمام آبي أحمد لا تزال ضخمة للغاية فرجل السلام يقود حربا أهلية في الداخل إضافة إلى حروب دبلوماسية على جبهات متعددة في الخارج شغلته عن الإنجازات وحولته إلى صناعة الأزمات.

في النهاية ربما كان لديه فرصة ومساحة للتراجع بتحييد بعض الخصوم وتأجيل التعامل مع بعض القضايا مؤقتا، ولكن هل يرغب آبي أحمد حقّا في ذلك؟.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى