الاتحاد الإفريقي يصدر قرارات جديدة لمحاربة السحر والشعوذة
يسود دول إفريقية اعتقاد بأن الأشخاص المصابين بالمهق أشباح يمكن أن يتلاشون في أي وقت، وأن أعضاء أجسامهم يمكن أن تعالج المرضى الميؤوس من شفائهم. والمهق حالة يخرج فيها المولود من بطن أمه بلون شاحب وشعر أشقر، وينتج ذلك عن نقص صبغة الجسم. ويتعرض هؤلاء للمطاردة والقتل والنبذ من قبل المجتمع.
ولهذه الغاية أصدر الاتحاد الإفريقي مبادئ توجيهية جديدة تتعلق بمحاربة السحر والشعوذة وما يتمخض عنها من ممارسات تتناقض مع حقوق الإنسان، فعلى مدى سنوات عدة، شهدت إفريقيا نمواً في المبادرات المجتمعية لمعالجة أحد أكثر أسباب العنف انتشاراً وأقلها اعترافاً في القارة: السحر والشعوذة
وكشفت دراسة نشرت الشهر الماضي أن الأشخاص المصابون بالمهق عندما أتيحت لهم الفرصة لرواية قصصهم وإظهار إنسانيتهم المشتركة تغيرت المواقف تجاههم. وقال أحد الناشطين المجتمعيين إنه من خلال التواصل مع هؤلاء الأشخاص اكتشف الناس أن الأمهق شخص «طبيعي لن يتلاشى مثل الشبح، إنه إنسان عادي وذكي، بل يتمتع بجميع المشاعر الإنسانية، ولديه قلب طيب».
وهذا ما أكدته قصة الطفلة المصابة بالمهق «غولدالين»، البالغة من العمر 14 عاماً، والتي أحرزت أعلى علامة في امتحانات المدارس الابتدائية الوطنية في كينيا، وتصدرت أخبارها الصفحة الأولى في هذه الدولة الواقعة في شرق إفريقيا. ويروي والدها هاريسون تانغا، معلم الأحياء، أنه أثناء ولادتها سمع الممرضات يتهامسن في ما بينهن عندما مر بجانبهن، وعندما رأى زوجته ماتيلدا وهي تحمل طفلة بلون شاحب وشعر أشقر، أدرك أنها مصابة بالمهق. ويقول: «زوجتي كان لديها تعبير غريب على وجهها، مزيج من الخوف وربما شيء آخر»، لكنه بصفته مدرساً لعلم الأحياء، لم يكن منزعجاً على عكس العديد من الكينيين الذين يعتقدون أن اضطراب صبغة الجلد ما هي إلا «لعنة»، ويطلقون على من يعانون هذه الحالة عبارة «الشبح». ذهب تانغا إلى سرير زوجته وحمل المولود بين ذراعيه وقال إنها طفلته الذهبية، وأطلق عليها على الفور اسم «غولدالين».
مبادئ العدالة
مبادئ الاتحاد الإفريقي توضح كيفية تعامل الدول الأعضاء مع الأضرار المجتمعية الناشئة عن السحر. وعلى الرغم من أنها غير قابلة للتنفيذ، فإنها اعتراف بأن المشكلة التي طالما ظلت المجتمعات الإفريقية تتعامل معها في صمت، لا تتوافق مع مبادئ العدالة والمساواة المشتركة في إفريقيا.
وتضم المبادئ التوجيهية للاتحاد الإفريقي مجموعة واسعة من المعالجات التي تهدف إلى تعزيز البروتوكولات التي اعتمدتها الدول الإفريقية بالفعل لتعزيز المساواة بين الجنسين، وحماية الأطفال، والدفاع عن حقوق الإنسان، واقتلاع ممارسات السحر. ثمانية بلاد لديها قوانين تجرم وصم الأطفال أو الأشخاص المصابين بالمهق بالمسحورين. وحققت مالاوي، وهي إحدى أفقر دول العالم، انخفاضاً متواضعاً في العنف من خلال تعزيز الوعي المدني وإمكانية وصول أكثر مساواة إلى التعليم العالي.
وكتب الناشط النيجري في حقوق الإنسان، ليو إيجوي: «على الرغم من أن اتهامات ممارسة السحر ومطاردة الساحرات تتعارض مع القانون في العديد من البلدان الإفريقية، إلا أن هذه الأحكام القانونية نادراً ما يتم تطبيقها». ويشير إلى أن المبادئ التوجيهية الجديدة تمثل خطوة مهمة نحو «إضعاف قبضة الساحرة والمعتقدات الطقسية في عقول الأفارقة».
آلاف الضحايا
وسجلت الأمم المتحدة نحو 20 ألف ضحية للعنف المرتبط بمخاوف أو ممارسات السحر في 60 دولة في جميع أنحاء العالم في العقد الماضي، ويتخذ هذا العنف أشكالاً عديدة في إفريقيا، لكنه يستهدف الأطفال والنساء وكبار السن والمصابين بالمهق، حيث يتعرض من يُعتقد أنه مسحور للنبذ والحرمان من الميراث، والتشويه والاغتصاب، والقتل الطقسي. وغالباً ما تروج مثل هذه الاعتقادات أثناء الأزمات كتفسير لسوء الحظ.
وكشفت دراسة للجامعة الأميركية نُشرت في نوفمبر الماضي، أن «معتقدات السحر تنتشر أكثر في البلدان ذات المؤسسات الضعيفة والجودة المنخفضة للحكم». وتتكاثر ممارسات السحر عندما تكون الخدمات الصحية العامة أو فرص التعليم والعمل محدودة.
وأظهرت المشروعات التي يقودها المجتمع المحلي، أن كسر حاجز الخوف من السحر يتطلب تغيير وجهات النظر. في غانا، حيث يتم احتجاز النساء المتهمات بالشعوذة في «مخيمات الساحرات» النائية، وجدت مجموعة من منظمات المجتمع المدني أن تعزيز الملكية وريادة الأعمال في المجتمعات المحلية ساعد في بناء الدعم الخيري المحلي للنساء المنبوذات، واستطاعت مثل هذه الأنشطة زرع ثقة المجتمع من جديد بهؤلاء النسوة.