علي شمخاني.. مهندس التهدئة الإيرانية مع جيرانها العرب

العين الإخبارية

 علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي - أرشيفية
علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي – أرشيفية
بعيدا عن الحيرة الدبلوماسية الناتجة عن موقف طهران الجديد بين تغيير المسار والتكتيك المعتاد يقف علي شمخاني كوجه معتدل للتهدئة الإيرانية.

ومع المحاولات الإيرانية لإعادة رسم صورتها الذهنية من عقول جيرانها العرب رسميا وشعبيا بدا اختيار “شمخاني” ورقة دبلوماسية رابحة في المهمة الصعبة مع خلفية معتدلة تبدأ من كونه إيراني من جذور عربية.

مهمة قديمة يجيدها علي شمخاني لكنها هذه المرة في ثوب 2023، وسجل نجاحا في خطواته الدبلوماسية الأولى مع السعودية على الأراضي الصينية انتهت باتفاق على استعادة العلاقات بين البلدين.

مفاوضات جادة وشاقة قادها شمخاني في بكين مع الجانب السعودي، خلال الفترة ما بين 6 و10 مارس/آذار الجاري، استجابة لمبادرة من الرئيس الصيني وأثبت خلالها حسن نوايا قادت لاستئناف الحوار بين الرياض وطهران.

صورة ثلاثية جمعت مساعد بن محمد العيبان وزيـر الدولـة السعودي، ووانغ يي وزير الخارجية الصيني، ثم الوجه الإيراني الذي علته ابتسامة علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي.

من هو شمخاني؟

وجه تصنفه وسائل إعلام عالمية باعتباره معتدلا نسبيا رغم ما يحمله من خلفية عسكرية كوزير أسبق للدفاع الإيرانية قبل تعيينه أميناً للمجلس الأعلى للأمن القومي في طهران.

نال شمخاني ثقة رؤساء إيرانيين بتوجهات مختلفة بين الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي ثم المتشدد محمود أحمدي نجاد فالإصلاحي حسن روحاني والحالي إبراهيم رئيسي حتى تكليفه بملف التهدئة مع السعودية.

ففي عام 1955، رزقت أسرة عربية بمدينة الأهواز في محافظة خوزستان الإيرانية بطفل جديد أسمته “علي شمخاني”؛ حيث درس الزراعة ثم نال شهادة ماجستير في الشؤون العسكرية وأخرى في الإدارة.

 

وشمخاني الذي تسيطر بدلته العسكرية على أغلب صوره القديمة، تقلد عددا من المناصب المختلفة خلال الحرب الإيرانية العراقية، وإن ظل أبرزها قائد القوات العسكرية في إقليم خوزستان، وقائد بالإنابة للقوات الإيرانية المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم (598) المتعلق بإنهاء الحرب بين إيران والعراق.

وتولى علي شمخاني كذلك منصب قائد القوة البحرية للجيش الإيراني، وحين قرر الرئيس السابق حسن روحاني تشكيل المجالس الكبرى المختصة بالشؤون الخارجية والنووية والداخلية في طهران، حجز شمخاني موقعا لنفسه باعتباره وجها واقعيا.

لكن قبلها وخلال ولايتي الرئيس الإصلاحي في إيران محمد خاتمي، من 1997 إلى 2005، أصبح شمخاني وزيرا للدفاع، ثم أمينا للمجلس الأعلى للأمن القومي في عهد روحاني خلفا لسعيد جليلي.

صنفته تقارير غربية عدة بأنه أحد أبناء الاعتدال النسبي في إيران، كما يُنظر إليه كأحد المنحازين إلى الجناح الأكثر واقعية للسياسات الخارجية لطهران، في كل فترة تعاني فيها البلاد من التشدد.

ويحتفظ علي شمخاني في سجله الدبلوماسي والسياسي بزيارة تاريخية إلى المملكة العربية السعودية في عام 2000، حين كان وزيرا للدفاع في عهد خاتمي ضمن جهود تحسين العلاقات بين البلدين.

وبفضل قيادته السابقة للقوات البحرية الإيرانية، أثناء الحرب العراقية- الإيرانية بين عامي 1980 و1988، فقد ألف شمخاني عدة كتب عن الخطط العسكرية كما قام بتدريس الاستراتيجية العسكرية في الجامعة.

وكان تعيين شمخاني في عام 2013 أمينا للمجلس الأعلى للأمن القومي، مؤشرا جديدا حينها على تغير السياسة الإيرانية باتجاه اعتدال نسبي مع صعود حسن روحاني إلى سدة الحكم.

تهدئة بالداخل والخارج

اختيار شمخاني للقيام بزيارات مكوكية للمنطقة صحبه حملة تهدئة داخلية شملت إصدار عفو عن ثمانية آلاف متظاهر من أصل 20 ألفا بمناسبة العام الإيراني الجديد والذي يتزامن مع احتفالات الربيع.

رؤية جديدة سجلها الكاتب الإيراني أمير طاهري المعني بملفات المنطقة في مقاله بصحيفة الشرق الأوسط، والذي استند فيه كذلك إلى عمليات تطهير صامتة للعاملين بالحقل الدبلوماسي الإيراني، خاصة مع استبدال 30 سفيراً على الأقل.

صعود شامخني بدا ملاحظا أنه على أكتاف وزير الخارجية الإيراني ذو الخلفية المتشددة حسين أمير عبداللهيان، ما مهد الطريق سريعا لتفاهمات بين الرياض وطهران أعقبها اتفاق أمني جديد مع العراق؛ بل وتفاوض حول جدول زمني لسحب القوات الإيرانية من سوريا.

تحركات الاعتدالي الإيراني لم تتوقف عند هذا الحد؛ بل امتدت بالاستعانة بوجوه إصلاحية – كشمخاني – منسوبة للرئيس الإيراني الراحل علي أكبر هاشمي رفسنجاني.

فمن بين المحطات المهمة التي تحرك علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني كانت زيارته إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، في السادس عشر من مارس/آذار الجاري؛ حيث استقبله الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، و”جرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية وسبل مد جسور التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، بما يحقق المصالح المشتركة”.

واليوم يدور الحديث عن تولي “رجل إيران المعتدل” مسؤولية التهدئة مع مصر والبحرين أيضًا، وهي خطوات جميعها تقود إلى صعود للغة الدبلوماسية الإيرانية على حساب الأدوار العسكرية لفيلق القدس بالمنطقة.. فماذا ستكشف الأيام المقبلة عن خارطة التحرك الإيراني الجديد؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى