معهد إسرائيلي: لا تنازلات نووية للسعودية ولو على حساب التطبيع
دعا يوئيل جوزانسكي الباحث الإسرائيلي المتخصص في شؤون الخليج السياسية والأمنية تل أبيب إلى عدم السماح بوصول السعودية إلى مرحلة تخصيب اليورانيوم، حتى لو كان ذلك على حساب التطبيع المحتمل معها.
جوزانسكي العضو السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي اعتبر، في تحليل نشره معهد دراسات الأمن القوميالإسرائيلي (INSS) ، أن “المعضلة ليست بسيطة، لأن لإسرائيل مصلحة واضحة في ضمان تعاون السعوديين مع الولايات المتحدة في الأمور النووية، وليس مع الصين أو روسيا”.
وتابع: “لا تحتاج إسرائيل إلى الاعتراض من حيث المبدأ على البرنامج النووي المدني في السعودية. ولن يكون للمعارضة أي تأثير، فبالفعل غادر القطار المحطة. التطبيع مع السعودية هدف مهم، وعلى إسرائيل أن تنظر في التنازلات من أجل تحقيقه”.
واستدرك: “يجب على إسرائيل أن تزن بعناية ثمن اتفاقية سلام محتملة مع السعودية إذا تضمنت نشاطا نوويا سعوديا يتجاهل “المعيار الذهبي” (تخصيب اليورانيوم/ معالجة البلوتونيوم). يجب على إسرائيل أن تعطي الأولوية لتنظيم علاقاتها مع المملكة وأن تكون مستعدة لتقديم تنازلات، ولكن ليس في القضايا النووية”.
ولا ترتبط السعودية بعلاقات رسمية معلنة مع إسرائيل وتشترط أولا انسحاب تل أبيب من الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين.
التهديد الإيراني
“ببطء ولكن بثبات”.. هكذا وصف جوزانسكي كيف “تمضي السعودية في برنامجها النووي على مختلف المسارات. ولم يغير التقارب الأخير بين الرياض وطهران بشكل كبير الحقائق الأساسية، بما في ذلك تصور المملكة للتهديد الإيراني”.
وبوساطة صينية، وقّعت السعودية وإيران في 10 مارس/ آذار الجاري اتفاقا لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما خلال شهرين، ما ينهي قطيعة استمرت 7 سنوات، واتهمت خلالها دول خليجية وإقليمية وغربية طهران بامتلاك أجندة توسعية في المنطقة والتدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية، بينها اليمن ولبنان وسوريا والعراق، بينما تقول إيران إنها تلتزم بعلاقات حُسن الجوار.
وأضاف جوزانسكي أنه “في المستقبل غير البعيد، قد ينشأ توتر بين مصلحة إسرائيل في الرقابة والقيود المفروضة على البرنامج (السعودي) بسبب المخاطر التي ينطوي عليها وبين المصلحة الإسرائيلية في تعزيز العلاقات مع المملكة”.
وتمتلك تل أبيب ترسانة نووية لم تعلن عنها رسميا وغير خاضعة للرقابة الدولية، وهي تتهم طهران أيضا بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية بينما تقول الأخيرة إن برنامجها مصمم للأغراض السلمية، بما فيها توليد الكهرباء، وعامة تعتبر كل من إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها.
وتابع جوزانسكي: “على الرغم من علاقات إسرائيل مع السعودية وإمكاناتها المستقبلية، يجب أن تكون الأولوية لاعتبارات منع مخاطر الانتشار، ويجب أن تكون إسرائيل مستعدة لاتخاذ خطوات مختلفة لمنع المملكة من تحقيق تخصيب اليورانيوم/ معالجة البلوتونيوم، حتى وعلى حساب العلاقات الدبلوماسية (المحتملة) مع الرياض”.
و”في 2020، تم اكتشاف أن لدى السعوديين منشأة لإنتاج “الكعكة الصفراء”، وهي المرحلة الأولى في إنتاج اليورانيوم لأي غرض، والتي تم بناؤها بالتعاون مع الصين، لكن حتى الآن لم يتم اكتشاف أي منشآت لتحويل أو تخصيب اليورانيوم”، وفقا لجوزانسكي.
وأردف: “عام 2021، أعلنت السعودية، وهي من الدول الموقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي، عن رؤيتها لبناء 16 مفاعلا نوويا بحلول 2032، ثم أجلت ذلك إلى 2040.
وأضاف أن “المملكة أكدت أن برنامجها النووي للأغراض السلمية فقط، على الرغم من أن كبار المسؤولين السعوديين، بمن فيهم ولي العهد (الأمير محمد بن سلمان)، أعلنوا أنه إذا امتلكت إيران القدرة النووية، فستمتلكها المملكة أيضا”.
واعتبر أن “تصريحات من هذا النوع، والعملية البطيئة للبرنامج المدني، والمخاوف بشأن إيران تعزز التقييم بأن المملكة ليس لديها مصلحة حقيقية في برنامج نووي مدني، وعندما يكون ظهرها إلى الجدار فستبحث عن طرق مختصرة”.
“المعيار الذهبي”
جوزانسكي قال إن “السعودييين يتقدمون ببطء نحو تحقيق رؤيتهم النووية، بالتأكيد بالنسبة لجارتهم الإمارات، التي تشغل ثلاثة من أصل أربعة مفاعلات نووية كورية الصنع (APR1400) في أراضيها. وفي مقابل المساعدة الدولية، تخلت عن تخصيب اليورانيوم ومعالجة البلوتونيوم، وهي سابقة أُطلق عليها “المعيار الذهبي”.
وتابع أن “السعودية لا تقبل بهذا المعيار (…) والافتقار إلى الجدوى الاقتصادية للتخصيب المستقل (لليورانيوم) والخيارات المتاحة من مصدر خارجي موثوق، واحتياطيات النفط الهائلة تشير جميعها إلى شك معقول في أن المملكة لا تتطلع فقط نحو برنامج نووي مدني”.
ولفت جوزانسكي إلى أن واشنطن تطالب الرياض بالتوقيع على “اتفاقية 123” (اسم بند في قانون الطاقة الذرية الأمريكي لعام 1954) للتعاون النووي مع الولايات المتحدة، وكذلك التوقيع على البروتوكول الإضافي للوكالة الدولية للطاقة الذرية، مما يسمح بمراقبة أوثق لمنشآتها، لكن “يبدو أن السبب الرئيسي لعدم إحراز تقدم يرتبط برفض المملكة للشرط الأمريكي: التخلي عن تخصيب اليورانيوم/ معالجة البلوتونيوم على أراضيها”.
وحذر من أن “لدى السعودية نفوذا إضافيا محتملا، وهو التطبيع مع إسرائيل. وبالفعل، قيل إن أحد شروط المملكة لتوطيد العلاقات مع إسرائيل هو أن تخفف الولايات المتحدة شروط التعاون النووي معها (الرياض) مقابل إجراءات بناء الثقة تجاه إسرائيل”.
ودعا جوزانسكي إسرائيل إلى “مناقشة الأمر حتى خلف الأبواب المغلقة، وهو يختلف جوهريا عن العملية التي أدت إلى التطبيع مع الإمارات، والتي من الواضح أن إسرائيل منحت خلالها موافقتها على شراء الإماراتيين لطائرات إف -35. يجب على إسرائيل معارضة أي تعاون نووي بين واشنطن والرياض، ما لم يتضمن تبني “المعيار الذهبي”.
وفي 2020 وقّعت الإمارات اتفاقية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهو العام الذي شهد أيضا توقيع البحرين والسودان والمغرب اتفاقيات مماثلة مع تل أبيب، لتنضم الدول الأربع إلى مصر والأردن، وهي الدول العربية الست (من أصل 22) التي تقيم علاقات معلنة مع إسرائيل.