الكويت على موعد مع أزمة سياسية بعد بطلان مجلس الأمة

 

قضت المحكمة الدستورية الكويتية، الأحد، ببطلان الانتخابات التشريعية التي جرت العام الماضي، وحكمت لصالح إعادة البرلمان السابق الذي تم حله في يونيو، الأمر الذي أثار تساؤلات عن أسباب وتداعيات ذلك على الدولة الخليجية النفطية التي تتمتع بحياة برلمانية استثنائية مقارنة مع جيرانها.

وقررت المحكمة في منطوق الحكم إبطال عملية الانتخاب برمتها، والتي أجريت في سبتمبر الماضي في الدوائر الخمس، وفقا لوكالة الأنباء الكويتية “كونا”.

وقالت الوكالة “قضت المحكمة الدستورية في جلستها الأحد ببطلان مجلس الأمة 2022 وإعادة مجلس 2020” لوجود تناقضات في مرسوم حل البرلمان السابق.

وفي 8 مارس، قررت المحكمة حجز الطعون الانتخابية في جميع الدوائر الانتخابية للحكم في 19 من نفس الشهر، حسب “كونا”.

وبعد أزمة سياسية محتدمة العام الماضي، أمر ولي العهد الكويتي، الشيخ مشعل الأحمد الصباح، الذي يتولى معظم صلاحيات الأمير بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة في محاولة للتغلب على الجمود السياسي بسبب الصدام بين الحكومة ومجلس الأمة، لكن الانتخابات أسفرت عن غالبية من النواب المعارضين، وفقا لـ”رويترز”.

وفازت المعارضة الكويتية بـ28 من مقاعد مجلس الأمة الخمسين، وعادت المرأة إلى المجلس في الانتخابات التشريعية التي جرت في سبتمبر 2022، بعد شهرين من حل البرلمان، وفقا لـ”فرانس برس”.

وشاركت في هذه الانتخابات، وهي السادسة في عشر سنوات، شخصيات معارضة وتيارات سياسية قاطعت الاقتراع منذ عقد متهمة السلطات التنفيذية بالتأثير على عمل البرلمان.

ماذا يعني القرار؟
في حديثه لموقع “الحرة”، يفسر الصحفي الكويتي المختص بالشأن البرلماني، رشيد الفعم، معنى قرار المحكمة، ويقول إن “مجلس 2022 لم يعد قائما وكأنه لم يكن موجودا من الأساس”.

ويشير الفعم إلى أن قرار المحكمة يعني “عودة المجلس السابق 2020 بكامل صلاحياته الرقابية والتشريعية”.

ومن سيحضر جلسة البرلمان القادمة هم نواب مجلس 2020، ومن سيدعو للجلسة هو رئيس مجلس الأمة السابق، مرزوق الغانم، وفقا لحديث الفعم.

وفي سياق متصل، يوضح الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، عايد المناع، معنى القرار، ويقول إن “مجلس 2022 يعتبر كأن لم يكن”.

وفي حديثه لموقع “الحرة”، يشير إلى “عدم شرعية انتخاب مجلس 2022 الحالي، واعتبار مرسوم حل مجلس 2020 غير دستوري”.

ومن الناحية الدستورية يعود مجلس 2020 لممارسة مهامه بكافة الصلاحيات، لكن استمراره من عدمه “موضوع آخر”، وفقا لحديث المناع.

من جانبه يصف الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، جاسم محمد الشمري، المشهد بـ”المرتبك والملتبس” الذي يعيد إلى الذاكرة تداعيات إبطال مجلس 2012 وعودة مجلس 2009.

و يشير إلى تكرار ذات السيناريو، ويقول إن “الناخب يتحمل خطأ الحكومة في عدم ضبط مراسيم حل مجلس الأمة ومراسيم الدعوة للانتخابات”.

ويقول الشمري إن “السلطة كانت قد وعدت بتأخير حل مجلس الأمة في شهر يونيو من العام الماضي بسبب حرصها على تلافي أي عيوب أو تجاوزات دستورية”.

ويتسأل مستنكرا “كيف حدث ذلك رغم تلك الوعود؟”.

سيناريو متكرر؟
يشير الفعم إلى واقعة سابقة مشابهة عندما تم إبطال مجلس 2012، وتم إعادة مجلس 2009، لكن لظروف مغايرة.

ويقول “ما حدث وقتها كان لظروف شخصية صحية، ولم يستطع رئيس مجلس الأمة وقتها، جاسم الخرافي، عقد الجلسة، وتم عقد أكثر من جلسة دون نصاب، فتم إبطال المجلس من قبل المحكمة الدستورية”.

من جانبه يتحدث المانع عن “إبطال مجلس الأمة مرتين عامي 2012 و2013″.

وفي عام 2013 تم إبطال المجلس بسبب صدور قانون هيئة الانتخابات بـ”قانون ضرورة” ولم يكن هناك ضرورة، وفقا لحديث المانع.

صراع الحكومة والبرلمان
الكويت أول دولة خليجية تتبنى نظاما برلمانيا في 1962، ومنحت المرأة حق التصويت والترشح للانتخابات في 2005، وتتمتع البلاد بحياة سياسية نشطة ويحظى برلمانها الذي ينتخب أعضاؤه لولاية مدتها أربع سنوات بسلطات تشريعية واسعة ويشهد مناقشات حادة في كثير من الأحيان.

وتعيش البلاد أزمات متتالية بسبب الصراع بين الحكومة التي يعينها أمير البلاد أو نائبه وبين البرلمان المنتخب انتخابا مباشرا من الشعب، الأمر الذي أعاق الإصلاحات الاقتصادية والمالية في هذا البلد الغني بالنفط.

ويعتمد الاستقرار السياسي في الكويت بشكل دائم على “التعاون بين الحكومة والبرلمان”.

ولذلك يتحدث الشمري عن “صراع سياسي مستعر في الكويت”، ويرى أن حكم المحكمة الدستورية “سيزيده اشتعالا”.

ويشير إلى سيناريو 2012 المتعلق بعدم تمكن المجلس العائد من عقد جلساته بسبب غياب النواب، وهو الأمر الذي اعتمدته المعارضة حينها، حسب الشمري.

وإذا حدث ذلك سنكون أمام “حل جديد للمجلس وانتخابات في غضون ثلاثة أشهر ربما من الآن”، أما إن استطاع المجلس عقد جلساته فإن المشهد سيبدو أكثر التباسا، وفقا لحديث الشمري.

ويتسأل عن “مدى قدرة رئيس الوزراء على التعاطي مع مجلس رفع كتابا بعدم التعاون معه من قبل”.

وربما يكون رئيس الوزراء الحالي أول ضحايا البرلمان العائد، إذا استطاع الأخير عقد جلساته، وفقا لحديث الشمري.

وفي 5 مارس 2023، صدر أمر أميري بتعيين ‬الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، رئيسا للوزراء، وتكليفه بترشيح أعضاء الوزارة الجديدة، وفقا لوكالة الأنباء الكويتية “كونا”.

ورئيس الوزراء الحالي هو نجل أمير البلاد، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح.

من جانبه يرى المانع أن استمرار مجلس 2020 من عدمه “يعتمد على التفاهم مع القيادة السياسية”.

ويقول قد ترفع الحكومة “كتاب عدم تعاون لأمير البلاد، فيحل المجلس ويجري انتخابات جديدة”.

وتحظر الكويت الأحزاب السياسية لكن البرلمان يتمتع بصلاحيات كبيرة مقارنة بباقي دول الخليج، منها الحق في استجواب رئيس الوزراء والوزراء وإقرار القوانين ورفضها وإلغائها، لكن الأمير له الكلمة الفصل في شؤون البلاد وله صلاحية حل البرلمان.

ووفقا للمادة 107 من الدستور الكويتي يملك أمير الكويت حل مجلس النواب وإجراء الانتخابات خلال شهرين من تاريخ الحل، حسب حديث المانع.

ولذلك يتوقع المانع “عدم استمرار المجلس، نتيجة صدامات مع الحكومة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى