رغم تحذيرات الصين.. الولايات المتحدة وتايوان تقتربان من اتفاق تجاري
أحرزت الولايات المتحدة وتايوان تقدماً في محادثات تجارية مباشرة يجريها البلدان منذ أشهر في إطار مبادرة مشتركة أُعلنت العام الماضي، وسط توتر متصاعد مع الصين، التي تعارض المبادرة وتعتبر الجزيرة جزءاً من أراضيها.
وكشفت واشنطن وتايبيه النقاب عن المبادرة “الأميركية- التايوانية” بشأن تجارة القرن الحادي والعشرين في يونيو الماضي، بعد أيام من استبعاد إدارة الرئيس جو بايدن تايوان من خطتها الاقتصادية التي تركز على آسيا والمصممة لمواجهة نفوذ الصين المتنامي.
وخلال الأشهر الماضية، أجرى البلدان عدة جولات من المحادثات التجارية المباشرة، تمهيداً لإبرام اتفاق بشأن التجارة والاستثمار، بالرغم من تنديد الصين بالمبادرة.
وأصدر مكتب الممثل التجاري الأميركي، الخميس، ملخصاً لنصوص اتفاقات مقترحة في المحادثات، مشيراً إلى أنها تغطي إدارة الجمارك وتسهيل التجارة، والممارسات التنظيمية الجيدة، ولائحة الخدمات المحلية، ومعايير مكافحة الفساد، فضلاً عن دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
بالتزامن مع ذلك، أصدر مكتب التجارة التايواني بياناً مماثلاً عن التقدم في المحادثات التجارية.
ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مسؤول تايواني قوله إن هذه الخطوة “رمزية جداً”، إذ وصف إصدار البيانات المتزامنة كدليل على التفاهم الضمني الذي توصل إليه الجانبان خلال المحادثات.
وقال المسؤولون المشاركون في المحادثات للصحيفة إن الجانبين يحرزان “تقدماً سريعاً” في وضع تفاصيل الاتفاقات، بعد شهور من الاجتماعات في تايبيه ونيويورك.
محادثات سابقة
وكان مكتب الممثل التجاري الأميركي أعلن في يناير الماضي الانتهاء من المحادثات التجارية، موضحاًَ أنها أفضت إلى توافق بشأن مجالات عدة متعلقة بتسهيل التجارة، ومكافحة الفساد، ودعم الشركات الناشئة والمتوسطة في تايوان.
وفي مطلع يونيو الماضي، عقدت نائبة الممثلة التجارية للولايات المتحدة سارة بيانكي والوزير التايواني جون دينج لقاءً عبر الإنترنت، برعاية مكتب تايبيه التمثيلي الاقتصادي والثقافي في الولايات المتحدة (تيكرو) والمعهد الأميركي في تايوان، لإطلاق المبادرة المشتركة بشأن تجارة القرن الحادي والعشرين.
وتهدف المبادرة إلى تطوير سبل ملموسة لتعميق العلاقات الاقتصادية والتجارية، وتعزيز أولويات التجارة المتبادلة على أساس القيم المشتركة، وتعزيز الابتكار والنمو الاقتصادي الشامل للعمال والشركات، بما في ذلك من خلال اتفاقيات تجارية جديدة.
وفي 17 أغسطس، أعلنت الولايات المتحدة وتايوان الصلاحيات التفاوضية لمحادثات التجارة الرسمية في إطار هذه المبادرة الجديدة.
وجاء الإعلان عن المبادرة آنذاك بعد أسبوعين من تفاقم التوترات بين واشنطن وبكين بشأن تايوان، رداً على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي للجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي.
ولطالما دفعت تايوان من أجل إبرام اتفاق تجارة حرة واسع النطاق مع الولايات المتحدة، أهم داعم دولي ومورد أسلحة أجنبي لها، حتى في غياب العلاقات الدبلوماسية الرسمية، في حين تقول الصين إنها تعارض “بشدة” المحادثات التجارية الجديدة.
زيارة رئيسة تايوان لأميركا
ويأتي الإعلان عن تقدم في المحادثات التجارية فيما تتواصل التحضيرات لزيارة رئيسة تايوان تساي إنج وين إلى الولايات المتحدة، حيث يرتقب أن تحل بنيويورك وكاليفورنيا، ومن المرجح أن تلتقي برئيس مجلس النواب الأمريكي كيفين مكارثي.
وأكد مكارثي في وقت سابق من مارس الجاري التقارير عن تخطيطه للقاء رئيسة تايوان تساي إنج وين في الولايات المتحدة، لكنه شدد على أن ذلك لا يلغي الزيارة التي ينوي القيام بها إلى الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي.
وقد أدانت بكين، التي تعتبر تايوان جزءاً من أراضيها، مبادرة التجارة وأي نوع من التبادلات الرسمية بين واشنطن وتايبيه. كما تشعر بكين بالاستياء من تحسن العلاقات بين واشنطن وتايوان، حيث ترى ذلك استفزازاً متعمداً في وقت تتدهور فيه علاقاتها مع الولايات المتحدة.
وحذّر وزير الخارجية الصيني تشين جانج مطلع مارس الجاري من حدوث “مواجهة ونزاع” مع الولايات المتحدة إذا لم تغيّر نهجها تجاه بكين، وخصوصاً في تايوان.
وشدد جانج خلال مؤتمر صحافي، على هامش المؤتمر البرلماني السنوي في بكين، على أن بلاده ستبذل كل ما في وسعها للتوحيد السلمي مع تايوان، مع “الاحتفاظ بحق اتخاذ كل الإجراءات الضرورية”، مؤكداً أن تايوان “خط أحمر لا ينبغي تجاوزه”.