مصارف لبنان تستأنف الإضراب.. والليرة تهوي إلى 100 ألف للدولار
عاودت البنوك التجارية في لبنان، الثلاثاء، إضرابها المفتوح عن العمل، بالتزامن مع تدهور قيمة العملة اللبنانية إلى مستوى غير مسبوق، إذ بلغ سعر صرف الليرة مستوى 100 ألف مقابل الدولار الواحد، في السوق السوداء.
وحرّك مصرف لبنان، مطلع مارس، سعر بيع الدولار نقداً ليصل إلى 70 ألف ليرة على منصة “صيرفة”، في إعادة تقييم للسعر الذي كان يبلغ 15 ألف ليرة للدولار، أول فبراير، بعد أن ظلت مربوطة عند 1507.5 ليرة من دون تغيير لنحو 25 عاماً.
وتتزامن عودة البنوك إلى الإضراب عن العمل مع أزمة سيولة حادة، وتوقف المصارف عن تزويد المودعين بأموالهم بالدولار.
وتشكو جمعية المصارف اللبنانية ما تصفها بأنها “قرارات قضائية تعسفية” بحقها. وأعلنت في بيان، مطلع مارس الجاري، استئناف الإضراب، مطالبة “باتخاذ التدابير القانونية السريعة لوضع حد للخلل في اعتماد معايير قضائية متناقضة”.
وألزمت بعض القرارات القضائية المصارف بقبول تسديد ديون بالعملة الأجنبية عائدة لها، بالليرة اللبنانية، فيما ألزمتها قرارات أخرى بتسديد ودائع لبعض المودعين بالعملة الأجنبية.
احتجاج المصارف
وأغلقت المصارف أبوابها للمرة الأولى في السابع من فبراير الماضي، للاحتجاج على الإجراءات القانونية المتصاعدة التي تواجهها منذ أن بدأ الاقتصاد اللبناني في الانهيار قبل أكثر من ثلاث سنوات.
ولم يعد بإمكان المودعين الوصول إلى مدّخراتهم العالقة في المصارف اللبنانية التي فرضت قيوداً على عمليات السحب وتحويل الأموال.
بعد عدة شكاوى، أصدر قضاة قرارات بمنع التصرف بأملاك عدد من المصارف وأموال رؤساء وأعضاء مجالس إداراتها.
وعلقت الجمعية إضرابها في 24 فبراير، للسماح للعملاء باستخدام الخدمات المصرفية بعد طلب قالت إنها تلقته من رئيس الوزراء نجيب ميقاتي.
وفي منتصف فبراير، حطّم عشرات المودعين واجهات مصارف وأحرقوا إطارات في بيروت للمطالبة بالحصول على ودائعهم العالقة.
أزمة اقتصادية
تأتي التطورات الجديدة في وقت تعيش فيه لبنان أزمة اقتصادية خانقة، دفعت ثلاثة أرباع سكانه البالغ عددهم ستة ملايين نسمة تحت خط الفقر، بحسب صحيفة “فاينانشيال تايمز”.
وتوصلت الحكومة اللبنانية إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي منذ نحو عام، للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، غير أن لبنان واجه عقبات في تنفيذ الإصلاحات التي يشترطها الصندوق.
بموجب الاتفاق، يتعين على السلطات اللبنانية اتخاذ إجراءات عدة قبل أن يوافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على صرف قيمة القرض، من بينها إعادة هيكلة القطاع المصرفي و توحيد سعر الصرف وتعديل قانون السرية المصرفية، بالإضافة إلى إقرار قانون بشأن مراقبة رؤوس الأموال.
يتطلع لبنان إلى طيّ صفحة الأزمة المالية التي وصفها البنك الدولي بأنها واحدة من الأسوأ على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر، في حين لا يزال السياسيون يواجهون طريقاً مسدوداً بشأن كيفية إنقاذ البلاد من الاضطرابات التي بدأت عام 2019.
ويزيد الشلل السياسي في لبنان الوضع سوءاً، في ظل الفراغ الرئاسي. ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، في نهاية أكتوبر، فشل البرلمان 11 مرة، في انتخاب رئيس جراء انقسامات سياسية عميقة، خصوصاً في غياب أي فريق سياسي يملك أكثرية برلمانية تخوّله إيصال مرشحه إلى “قصر بعبدا”.