انتعاشة تجارية بين روسيا ومصر بالروبل والجنيه
قال محللون إن التجارة بين روسيا ومصر بالروبل والجنيه، بعيدا عن الدولار، تمثل مكسبا للبلدين في ظل العقوبات الغربية على موسكو ومعاناة القاهرة من أزمة شح العملة الأمريكية، وفق تقرير لموقع “المونيتور” الأمريكية.
وذكر التقرير، أن مصر رخَّصت 34 شركة روسية، في فبراير/ شباط الماضي، لتصدير منتجات المأكولات البحرية إلى روسيا، حيث توفر القاهرة مواد غذائية بأسعار معقولة وسط ضغوط العملة الصعبة.
كما بدأت مصر في استيراد زيت الطهي الروسي، وهو أرخص من الزيوت الإندونيسية والماليزية، وفق التقرير.
وكانت روسيا خامس أكبر مصدر لمصر بين يناير/ كانون الثاني ونوفمبر/ تشرين الثاني 2022 بقيمة 3.7 مليار دولار، وخلال السنوات الخمس الماضية بلغ إجمالي التجارة بين البلدين 17.8 مليار دولار، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بمصر (حكومي).
وأوضح الجهاز أن الصادرات المصرية إلى روسيا ارتفعت بنسبة 21٪ إلى 544.1 مليون دولار بين يناير/ كانون الثاني ونوفمبر/ تشرين الثاني 2022، صعودا من 449.4 مليون دولار خلال الفترة نفسها من 2021.
واردات القمح
وفي 31 يناير/ كانون الثاني الماضي، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن واردات القمح هي حجر الزاوية في العلاقة بين القاهرة وموسكو، وإن التجارة بين البلدين بلغت 6 مليارات دولار في 2022.
ومصر هي أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان وأكبر مستورد للحبوب في العالم.
وبالإضافة إلى الحبوب، تشمل واردات مصر من روسيا أيضا: الحديد والصلب والنحاس والخشب والآلات والمعدات الكهربائية والقاطرات وعربات الشحن ومعدات السكك الحديدية.
فيما تستورد روسيا من مصر: الفواكه والخضروات والبلاستيك والصابون والملح والكبريت والأسمنت.
وقال أندري سومين، خبير الأسواق المالية في روسيا، إن روسيا ومصر يواجهان صعوبات في الوصول إلى الصفقات وتسويتها بالدولار، و”أحد الحلول الممكنة هو التجارة بالعملات الوطنية”.
وأوضح أن التداول بالعملات الوطنية سيكون أسهل بالنسبة للتسعير المحلي وحساب العقود بالروبل والجنيه، حيث “سيسمح بتحويل الأموال بسرعة، ودون عمولات على التحويل، ولن تكون هناك ضوابط وقيودا إضافية من طرف ثالث على التحويلات.
واعتبر سومين أن “التجارة بين روسيا ومصر بالعملات الوطنية لديها إمكانات عالية، ولكنها تحتاج إلى بنية تحتية وتطوير مناسبين لدعم مثل هذا التغيير”.
وأفاد بأن التجارة بين روسيا ومصر غير متوازنة: 5 مليارات دولار لروسيا مقابل 1 مليار دولار لمصر في 2022.. وهذا الخلل يؤثر على سعر صرف الروبل والجنيه ومستويات السيولة في السوق.
وتابع سومين أنه لتعويض الخلل، يمكن تحويل الزيادة في التجارة إلى عملات صعبة أخرى أو تحويلها نحو أسواق رأس المال أو الاحتياطيات، وأدوات السوق المالية بالروبل والجنيه بحاجة إلى التطوير لتحقيق هذه الغاية.
وأردف: “لا تزال مثل هذه الأدوات قيد التطوير، مما قد يؤثر على استعداد الشركات الكبرى والبنوك للمخاطرة في هذه السوق حتى الآن”.
ويتم تداول معظم السلع الرئيسية، كالنفط والقمح، في البورصات بأسعار الدولار الأمريكي، لذلك ترتبط معظم عقود هذه السلع بأسعار الدولار، والتعاقد بعملات أخرى غير الدولار يؤدي إلى مخاطر العملة، بحسب سومين.
خفض الأسعار والتخضم
فيما رجحت الخبيرة الاقتصادية المقيمة بالقاهرة حنان رمسيس أن خطوة التجارة بالروبل والجنيه ستخفض الأسعار وتساعد على خفض التضخم.
وأضافت أن استيراد السلع الرخيصة من روسيا سيجعل المنتجات البديلة، وخاصة المواد الغذائية، متاحة في السوق المحلية، وهذا سيحارب جشع التجار في مصر، ويعزز المنافسة، مما سيساعد على خفض الأسعار.
وأفادت حنان بأن الزيادات الأخيرة في الأسعار في السوق المحلية هي نتيجة المضاربة على السلع.
وبحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ مؤشر أسعار المستهلك في مصر 25.8٪ في يناير/ كانون الثاني الماضي، بارتفاع من 21.3٪ في الشهر السابق.
وشددت حنان على أن استخدام الروبل في التجارة بين روسيا ومصر، بعيدا عن الدولار، سيساعد في تخفيف الضغط على الطلب على العملة الأمريكية في مصر، وهذا أفضل للقاهرة في التجارة الدولية.
وختمت بأن “روسيا تسعى لزيادة تجارتها الخارجية مع الصين والدول العربية وإفريقيا في ظل العقوبات الغربية، ومصر قد تصبح بوابة روسيا إلى الأسواق الإفريقية على المدى الطويل”.