أوراسيا ريفيو: على أفريقيا إعادة النظر في العلاقة مع روسيا
أصدر معهد جنوب أفريقيا للشؤون الدولية، وهو مركز أبحاث متخصص في السياسة الخارجية مقره جوهانسبرج، تقريرا حول العلاقات الروسية الأفريقية أفاد بأن موسكو وقّعت اتفاقيات عسكرية فنية مع أكثر من 20 دولة أفريقية وحصلت على عقود مربحة للتعدين والطاقة النووية في القارة، وفق تحليل لموقع “أوراسيا ريفيو”.
وذهب التحليل، إلى أن دعم روسيا للأنظمة الاستبدادية في أفريقيا يمكن ملاحظته بسهولة، وقد تآكلت قوتها الناعمة، حيث يشجع نهجها في الحكم على ممارسات كالحكم الفاسد والاستبداد في أفريقيا.
وأخفقت روسيا في الوفاء بالعديد من الاتفاقيات الثنائية، ومع اقتراب قمة روسيا وأفريقيا في يوليو/تموز 2023 بمدينة سان بطرسبرج، تبدو روسيا بمثابة “قوة عظمى افتراضية” أكثر من كونها منافسا حقيقيا للنفوذ الأوروبي والأمريكي والصيني.
وتشدد الكثير من الأدبيات الموجودة حول السياسة الخارجية لروسيا على أن موسكو ترغب باستعادة مكانة القوة العظمى وهو ما جسدته إلى حد كبير عبر استغلال الفرص في الدول الضعيفة والهشة في أفريقيا.
ومنذ انهيار الاتحاد السوفييتي في 1991، أعادت روسيا إحياء العلاقات مع الدول الأفريقية لأسباب عديدة يمكن أن تُعزى إلى البراجماتية وليس الأيديولوجية، وتحديدا كانت تفاعلاتها مع الدول الأفريقية متعددة الأبعاد بدءا من الجوانب الاقتصادية والسياسية إلى الأمنية.
ومثلا وفرت علاقات موسكو مع إريتريا والسودان لروسيا بعض النفوذ في منطقة البحر الأحمر الحساسة، ضمن أهداف منها مواجهة نفوذ الولايات المتحدة والصين، لكن السمة الرئيسية لسياسة روسيا هي أنها “تستند إلى النخبة” وتميل إلى دعم القادة غير الشرعيين أو غير المحبوبين.
ووفقا لصندوق النقد الدولي، يتعين على الدول الأفريقية الهشة تنويع اقتصادها وإقامة روابط بين مختلف المناطق والقطاعات الاقتصادية. فالفقر الناجم عن سنوات من الأداء الاقتصادي الباهت هو أحد الأسباب الجذرية لانعدام الأمن، وهكذا فإن التنمية الاقتصادية والنمو سيشكلان جزءا أساسيا من حل مشاكل الأمن الإقليمي.
وتستخدم روسيا، بحسب محللين، المرتزقة وآليات التعاون التقني لاكتساب وتأمين الوصول إلى الجهات الفاعلة للتحالف معها، وبالتالي تأمين الفوائد الاقتصادية مثل الموارد الطبيعية والصفقات التجارية.
لكن يتعين على الدول الأفريقية أن تبدأ في إعادة تقييم علاقتها مع روسيا، فيجب ألا يتوقع القادة الأفارقة أي شيء ملموس من الاجتماعات والمؤتمرات والقمم، فمنذ القمة الروسية الأفريقية الأولى في 2019، لم يتحقق سوى القليل جدا.
ومن غير المحتمل أن تخصص موسكو موارد مالية للاستثمار في القطاعات الاقتصادية، نظرا للعقوبات الصارمة التي فُرضت عليها منذ بدء غزو الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” أوكرانيا، فمن المرجح أن يؤدي تأثير العقوبات والحرب على الاقتصاد الروسي إلى إعادة توجيه موسكو اهتمامها نحو ضمان الاستقرار داخل حدودها وفي محيطها.
وبالرغم من هدفها في إيجاد عالم متعدد الأقطاب مع أفريقيا، فإن نفوذ روسيا لا يزال هشا نسبيا وأدوات سياستها محدودة للغاية، مقارنة بالجهات الفاعلة الأخرى، وبينها الصين وفرنسا وأعضاء الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.